وَرَأَيْتُ كَأَنَّ اثْنَيْنِ أَتَيَانِي أَرَادَا أَنْ يَذْهَبَا بِي إِلَى النَّارِ فَتَلَقَّاهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لَمْ تُرَعْ خَلِّيَا عَنْهُ"
١١٥٧ - فَقَصَّتْ حَفْصَةُ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ إِحْدَى رُؤْيَايَ فَقال النبي ﷺ: "نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ" فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ ﵁ يُصَلِّي مِنْ اللَّيْلِ
١١٥٨ - "وَكَانُوا لَا يَزَالُونَ يَقُصُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ الرُّؤْيَا أَنَّهَا فِي اللَّيْلَةِ السَّابِعَةِ مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَقال النبي ﷺ: "أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ فِي الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ فَمَنْ كَانَ مُتَحَرِّيهَا فَلْيَتَحَرَّهَا مِنْ الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ"
[الحديث ١١٥٨ - طرافاه في ٦٩٩١، ٢٠١٥]
قَوْلُهُ: (بَابُ فَضْلِ مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى) تعَارَّ بِمُهْمَلَةٍ وَرَاءٍ مُشَدَّدَةٍ. قَالَ فِي الْمُحْكَمِ: تَعَارَّ الظَّلِيمُ مُعَارَّةً: صَاحَ، وَالتَّعَارُّ أَيْضًا: السَّهَرُ وَالتَّمَطِّي، وَالتَّقَلُّبُ عَلَى الْفِرَاشِ لَيْلًا مَعَ كَلَامٍ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ: اخْتُلِفَ فِي: تَعَارَّ، فَقِيلَ: انْتَبَهَ، وَقِيلَ: تَكَلَّمَ، وَقِيلَ: عَلِمَ، وَقِيلَ: تَمَطَّى وَأَنَّ. انْتَهَى. وَقَالَ الْأَكْثَرُ: التَّعَارُّ الْيَقَظَةُ مَعَ صَوْتٍ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: ظَاهِرُ الْحَدِيثِ أَنَّ مَعْنَى تَعَارَّ اسْتَيْقَظَ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: مَنْ تَعَارَّ، فَقَالَ، فَعَطَفَ الْقَوْلَ عَلَى التَّعَارِّ. انْتَهَى.
وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْفَاءُ تَفْسِيرِيَّةً لِمَا صَوَّتَ بِهِ الْمُسْتَيْقِظُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُصَوِّتُ بِغَيْرِ ذِكْرٍ، فَخَصَّ الْفَضْلَ الْمَذْكُورَ بِمَنْ صَوَّتَ بِمَا ذُكِرَ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهَذَا هُوَ السِّرُّ فِي اخْتِيَارِ لَفْظِ تَعَارَّ دُونَ اسْتَيْقَظَ أَوِ انْتَبَهَ، وَإِنَّمَا يَتَّفِقُ ذَلِكَ لِمَنْ تَعَوَّدَ الذِّكْرَ وَاسْتَأْنَسَ بِهِ، وَغَلَبَ عَلَيْهِ حَتَّى صَارَ حَدِيثَ نَفْسِهِ فِي نَوْمِهِ وَيَقَظَتِهِ، فَأَكْرَمَ مَنِ اتَّصَفَ بِذَلِكَ بِإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ وَقَبُولِ صَلَاتِهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا صَدَقَةُ) هُوَ ابْنُ الْفَضْلِ الْمَرْوَزِيُّ، وَجَمِيعُ الْإِسْنَادِ كُلُّهُ شَامِيُّونَ، وَجُنَادَةُ بِضَمِّ الْجِيمِ وَتَخْفِيفِ النُّونِ مُخْتَلَفٌ فِي صُحْبَتِهِ.
قَوْلُهُ: (عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا عُمَيْرُ بْنُ هَانِئٍ) كَذَا لِمُعْظَمِ الرُّوَاةِ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الدُّعَاءِ مِنْ رِوَايَةِ صَفْوَانَ بْنِ صَالِحٍ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ، عَنْ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ، وَأَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِيهِ أَيْضًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيِّ - وَهُوَ الْحَافِظُ الَّذِي يُقَالُ لَهُ: دُحَيْمٌ - عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْوَلِيدِ مَقْرُونًا بِرِوَايَةِ صَفْوَانَ بْنِ صَالِحٍ، وَمَا أَظُنّهُ إِلَّا وَهْمًا، فَإِنَّهُ أَخْرَجَهُ فِي الْمُعْجَمِ الْكَبِيرِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْوَلِيدِ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ كَالْجَادَّةِ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَجَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ فِي الذِّكْرِ عَنْ دُحَيْمٍ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَيْمٍ، عَنْ دُحَيْمٍ، وَرِوَايَةُ صَفْوَانَ شَاذَّةٌ، فَإِنْ كَانَ حَفِظَهَا عَنِ الْوَلِيدِ احْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْوَلِيدِ فِيهِ شَيْخَانِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ مِنَ اخْتِلَافِ اللَّفْظِ حَيْثُ جَاءَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي. . إِلَخْ وَوَقَعَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ: كَانَ مِنْ خَطَايَاهُ كَيَوْمِ وَلَدَتْهُ أُمُّهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَلَا دُعَاءً، وَقَالَ فِي أَوَّلِهِ: مَا مِنْ عَبْدٍ يَتَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ. بَدَلَ قَوْلِهِ: مَنْ تَعَارَّ، لَكِنَّ تَخَالُفَ اللَّفْظِ فِي هَذِهِ أَخَفُّ مِنَ الَّتِي قَبْلَهَا.
قَوْلُهُ: (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) زَادَ عَلِيُّ ابْنُ الْمَدِينِيِّ، عَنِ الْوَلِيدِ: يُحْيِي وَيُمِيتُ، أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي تَرْجَمَةِ عُمَيْرِ بْنِ هَانِئٍ مِنَ الْحِلْيَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسُبْحَانَ اللَّهِ) زَادَ فِي رِوَايَةِ كَرِيمَةَ: وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَكَذَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَالنَّسَائِيِّ، وَالتِّرْمِذِيِّ، وَابْنِ مَاجَهْ، وَأَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ، وَلَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ فِي الْبُخَارِيِّ عَلَى تَقْدِيمِ الْحَمْدِ عَلَى التَّسْبِيحِ، لَكِنْ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِالْعَكْسِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ تَصَرُّفِ الرُّوَاةِ؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لَا تَسْتَلْزِمُ التَّرْتِيبَ.