قَوْلُهُ: (وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ) زَادَ النَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ السُّنِّيِّ: الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي، أَوْ دَعَا) كَذَا فِيهِ بِالشَّكِّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ، وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِلَفْظِ: ثُمَّ قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، غُفِرَ لَهُ، أَوْ قَالَ: فَدَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، شَكَّ الْوَلِيدُ، وَكَذَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَابْنِ مَاجَهْ بِلَفْظِ: غُفِرَ لَهُ، قَالَ الْوَلِيدُ: أَوْ قَالَ: دَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ، وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ ابْنِ الْمَدِينِيِّ: ثُمَّ قَالَ: رَبِّ اغْفِرْ لِي، أَوْ قَالَ: ثُمَّ دَعَا، وَاقْتَصَرَ فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ عَلَى الشِّقِّ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (اسْتُجِيبَ) زَادَ الْأَصِيلِيُّ لَهُ وَكَذَا فِي الرِّوَايَاتِ الْأُخْرَى.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ تَوَضَّأَ قُبِلَتْ) أَيْ إِنْ صَلَّى. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَأَبِي الْوَقْتِ: فَإِنْ تَوَضَّأَ وَصَلَّى، وَكَذَا عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَزَادَ فِي أَوَّلِهِ: فَإِنْ هُوَ عَزَمَ فَقَامَ وَتَوَضَّأَ وَصَلَّى، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ عَلِيِّ ابْنِ الْمَدِينِيِّ. قَالَ ابنُ بَطَّالٍ: وَعَدَ اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ أَنَّ مَنِ اسْتَيْقَظَ مِنْ نَوْمِهِ لَهِجًا لِسَانُهُ بِتَوْحِيدِ رَبِّهِ، وَالْإِذْعَانِ لَهُ بِالْمُلْكِ، وَالِاعْتِرَافِ بِنِعَمَهِ، يَحْمَدُهُ عَلَيْهَا وَيُنَزِّهُهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ، بتَسْبِيحِهِ وَالْخُضُوعِ لَهُ بِالتَّكْبِيرِ، وَالتَّسْلِيمِ لَهُ بِالْعَجْزِ عَنِ الْقُدْرَةِ إِلَّا بِعَوْنِهِ، أَنَّهُ إِذَا دَعَاهُ أَجَابَهُ، وَإِذَا صَلَّى قُبِلَتْ صَلَاتُهُ، فَيَنْبَغِي لِمَنْ بَلَغَهُ هَذَا الْحَدِيثُ أَنْ يَغْتَنِمَ الْعَمَلَ بِهِ، وَيُخْلِصَ نِيَّتَهُ لِرَبِّهِ ﷾.
قَوْلُهُ: (قُبِلَتْ صَلَاتُهُ) قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ: وَجْهُ تَرْجَمَةِ الْبُخَارِيِّ بِفَضْلِ الصَّلَاةِ، وَلَيْسَ فِي الْحَدِيثِ إِلَّا الْقَبُولُ، وَهُوَ مِنْ لَوَازِمِ الصِّحَّةِ، سَوَاءً كَانَتْ فَاضِلَةً أَمْ مَفْضُولَةً؛ لِأَنَّ الْقَبُولَ فِي هَذَا الْمَوْطِنِ أَرْجَى مِنْهُ فِي غَيْرِهِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ فَائِدَةٌ، فَلِأَجْلِ قُرْبِ الرَّجَاءِ فِيهِ مِنَ الْيَقِينِ تَمَيَّزَ عَلَى غَيْرِهِ وَثَبَتَ لَهُ الْفَضْلُ. انْتَهَى. وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَبُولِ هُنَا قَدْرٌ زَائِدٌ عَلَى الصِّحَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ، قَالَ الدَّاوُدِيُّ مَا مُحَصِّلُهُ: مَنْ قَبِلَ اللَّهُ لَهُ حَسَنَةً لَمْ يُعَذِّبْهُ (١)؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ عَوَاقِبَ الْأُمُورِ، فَلَا يَقْبَلُ شَيْئًا ثُمَّ يُحْبِطُهُ، وَإِذَا أُمِنَ الْإِحْبَاطُ أُمِنَ التَّعْذِيبُ، وَلِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ: وَدِدْتُ أَنِّي أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ قَبِلَ لِي سَجْدَةً وَاحِدَةً.
(فَائِدَةٌ): قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَرَبْرِيُّ الرَّاوِي عَنِ الْبُخَارِيِّ: أَجْرَيْتُ هَذَا الذِّكْرَ عَلَى لِسَانِي عِنْدَ انْتِبَاهِي، ثُمَّ نِمْتُ فَأَتَانِي آتٍ، فَقَرَأَ: ﴿وَهُدُوا إِلَى الطَّيِّبِ مِنَ الْقَوْلِ﴾ الْآيَةَ.
قَوْلُهُ: (الْهَيْثَمُ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَهَا مُثَلَّثَةٌ مَفْتُوحَةٌ، وَسِنَانُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَنُونَيْنِ، الْأُولَى خَفِيفَةٌ.
قَوْلُهُ: (أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَقُصُّ فِي قَصَصِهِ) أَيْ: مَوَاعِظَهُ الَّتِي كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُذَكِّرُ أَصْحَابَهُ بِهَا.
قَوْلُهُ: (وَهُوَ يَذْكُرُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ أَخًا لَكُمْ) مَعْنَاهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَاسْتَطْرَدَ إِلَى حِكَايَةِ مَا قِيلَ فِي وَصْفِهِ، فَذَكَرَ كَلَامَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ بِمَا وُصِفَ بِهِ مِنْ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ.
قَوْلُهُ: (إِنَّ أَخًا لَكُمْ) هُوَ الْمَسْمُوعُ لِلْهَيْثَمِ، وَالرَّفَثُ: الْبَاطِلُ، أَوِ الْفُحْشُ مِنَ الْقَوْلِ، وَالْقَائِلُ؛ يَعْنِي: هُوَ الْهَيْثَمُ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الزُّهْرِيَّ.
قَوْلُهُ: (إِذَا انْشَقَّ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الْوَقْتِ: كَمَا انْشَقَّ، وَالْمَعْنَى مُخْتَلِفٌ وَكِلَاهُمَا وَاضِحٌ.
قَوْلُهُ: (مِنَ الْفَجْرِ) بَيَانٌ لِلْمَعْرُوفِ السَّاطِعِ، يُقَالُ: سطع إِذَا ارْتَفَعَ.
قَوْلُهُ: (الْعَمَى) أَيِ: الضَّلَالَةُ.
قَوْلُهُ: (يُجَافِي جَنْبَهُ) أَيْ: يَرْفَعَهُ عَنِ الْفِرَاشِ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ صَلَاتِهِ بِاللَّيْلِ، وَفِي هَذَا الْبَيْتِ الْأَخِيرِ مَعْنَى التَّرْجَمَةِ؛ لِأَنَّ التَّعَارَّ هُوَ السَّهَرُ وَالتَّقَلُّبُ عَلَى الْفِرَاشِ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَأَنَّ الشَّاعِرَ أَشَارَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِينَ: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا﴾ الْآيَةَ.
(فَائِدَةٌ): وَقَعَتْ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَوَاحَةَ فِي هَذِهِ الْأَبْيَاتِ قِصَّةٌ أَخْرَجَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَانَ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ مُضْطَجِعًا إِلَى جَنْبِ امْرَأَتِهِ، فَقَامَ إِلَى جَارِيَتِهِ، فَذَكَرَ الْقِصَّةَ فِي رُؤْيَتِهَا إِيَّاهُ عَلَى الْجَارِيَةِ، وَجَحْدَهُ ذَلِكَ، وَالْتِمَاسَهَا مِنْهُ الْقِرَاءَةَ؛ لِأَنَّ الْجُنُبَ
(١) فيما قاله الداودي نظر، وظاهر النصوص يخالفه، ولا يلزم من قبول بعض الأعمال عدم التعذيب على أعمال أخرى من السيئات مات العبد مصرا عليها، فتنبه. والله أعلم.