للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: إِذَا فَعَلَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَسْجُدْ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ قَاعِدٌ، وَسَمِعَهُ أَبُو سَلَمَةَ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ). هَذَا التَّعْلِيقُ طَرَفٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي قَبْلَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ كَمَا سَيَأْتِي فِي خَامِسِ تَرْجَمَةٍ مِنْ أَبْوَابِ السَّهْوِ، لَكِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَرُبَّمَا تَبَادَرَ إِلَى الذِّهْنِ مِنْ سِيَاقِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَسَيَأْتِي فِي سَادِسِ تَرْجَمَةٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، لَكِنْ بِاخْتِصَارِ ذِكْرِ الْأَذَانِ، وَهُوَ مِنْ طَرِيقِ هُذَيْنٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا بِخِلَافِ مَا يُوهِمُهُ سِيَاقُهُ هُنَا، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هُنَاكَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَوْلُهُ: (يَقُولُ النَّاسُ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ). أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُصْعَبٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ بِلَفْظِ: إِنَّ النَّاسَ قَالُوا: قَدْ أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ مِنَ الْحَدِيثِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، وَإِنِّي كُنْتُ أَلْزَمُهُ لِشِبَعِ بَطْنِي، فَلَقِيتُ رَجُلًا، فَقُلْتُ لَهُ: بِأَيِّ سُورَةٍ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ. وَقَالَ فِي آخِرِهِ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي مُصْعَبٍ. انْتَهَى. وَلَمْ أَرَ هَذِهِ الطَّرِيقَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَكَأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ تَبِعَ أَطْرَافَ خَلَفٍ، فَإِنَّهُ ذَكَرَهَا، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ: لَمْ أَجِدْهَا، وَلَا ذَكَرَهَا أَبُو مَسْعُودٍ. انْتَهَى.

ثُمَّ وَجَدْتُ فِي مَنَاقِبِ جَعْفَرٍ صَدْرَ هَذَا الْحَدِيثِ، لَكِنْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ: لِشِبَعِ بَطْنِي: حِينَ لَا آكُلُ الْخَمِيرَ، وَلَا أَلْبَسُ الْحَرِيرَ ; فَذَكَرَ قِصَّةَ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، فَلَعَلَّ الْبَيْهَقِيَّ أَرَادَ هَذَا، وَكَأَنَّ الْمَقْبُرِيَّ وَغَيْرَهُ مِنْ رُوَاتِهِ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَامًّا تَارَةً، وَمُخْتَصَرًا أُخْرَى. وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِي أَوَّلِ هَذَا الْحَدِيثِ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ وُعَاءَيْنِ، الْحَدِيثَ. وَفِيهِ: إِنَّ النَّاسَ قَالُوا: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَهُ. وَقَوْلُهُ: حَفِظْتُ. . . إِلَخْ. تَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَتَقَدَّمَ فِي الْعِلْمِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: إِنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: أَكْثَرَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَاللَّهِ، لَوْلَا آيَتَانِ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى مَا حَدَّثْتُ … الْحَدِيثَ. وَسَيَأْتِي فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: إِنَّكُمْ تَقُولُونَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَكْثَرَ الْحَدِيثَ. وَفِيهِ الْإِشَارَةُ إِلَى سَبَبِ إِكْثَارِهِ، وَأَنَّ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ كَانُوا يَشْغَلُهُمُ الْمَعَاشُ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ هَذِهِ الْمَقَالَةَ أَمَامَ مَا يُرِيدُ أَنْ يُحَدِّثَ بِهِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ إِكْثَارِهِ، وَعَلَى السَّبَبِ فِي ذَلِكَ، وَعَلَى سَبَبِ اسْتِمْرَارِهِ عَلَى التَّحْدِيثِ.

قَوْلُهُ: (فَلَقِيَتُ رَجُلًا) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَتِهِ، وَلَا عَلَى تَسْمِيَةِ السُّورَةِ، وَقَوْلُهُ: بِمَ بِكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ بِغَيْرِ أَلِفٍ لِأَبِي ذَرٍّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ، وَلِلْأَكْثَرِ بِإِثْبَاتِ الْأَلِفِ وَهُوَ قَلِيلٌ، أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ.

قَوْلُهُ: (الْبَارِحَةَ)؛ أَيْ أَقْرَبُ لَيْلَةٍ مَضَتْ. وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ إِشَارَةٌ إِلَى سَبَبِ إِكْثَارِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَشِدَّةِ إِتْقَانِهِ وَضَبْطِهِ، بِخِلَافِ غَيْرِهِ. وَشَاهِدُ التَّرْجَمَةِ دَلَالَةُ الْحَدِيثِ عَلَى عَدَمِ ضَبْطِ ذَلِكَ الرَّجُلِ، كَأَنَّهُ اشْتَغَلَ بِغَيْرِ أَمْرِ الصَّلَاةِ حَتَّى نَسِيَ السُّورَةَ الَّتِي قُرِئَتْ، أَوْ دَلَالَتُهُ عَلَى ضَبْطِ أَبِي هُرَيْرَةَ، كَأَنَّهُ شُغِلَ فِكْرُهُ بِأَفْعَالِ الصَّلَاةِ حَتَّى ضَبَطَهَا وَأَتْقَنَهَا، كَذَا ذَكَرَ الْكِرْمَانِيُّ هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ، وَبِالْأَوَّلِ جَزَمَ غَيْرُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَتْ أَبْوَابُ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ حَدِيثًا، الْمُعَلَّقُ مِنْ ذَلِكَ سِتَّةٌ، وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ، الْمُكَرَّرُ مِنْهَا - فِيهَا وَفِيمَا مَضَى - ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ حَدِيثًا، وَالْبَقِيَّةُ خَالِصَةٌ، وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ فِي قِصَّةِ انْفِلَاتِ دَابَّتِهِ، وَحَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو الْمُعَلَّقِ فِي النَّفْخِ فِي السُّجُودِ، وَحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي التَّخَصُّرِ، وَحَدِيثِهِ فِي الْقِرَاءَةِ فِي الْعَتَمَةِ. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ سِتَّةُ آثَارٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.