للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي السِّيرَةِ الْهِشَامِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (حِينَ تُوُفِّيَتِ ابْنَتُهُ) فِي رِوَايَةِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ، وَهِيَ الَّتِي تَلِي هَذِهِ، وَكَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ: دَخَلَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُغَسِّلُ بِنْتَهُ. وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ دَخَلَ حِينَ شَرَعَ النِّسْوَةُ فِي الْغُسْلِ، وَعِنْدَ النَّسَائِيِّ أَنَّ مَجِيئَهُنَّ إِلَيْهَا كَانَ بِأَمْرِهِ، وَلَفْظُهُ مِنْ رِوَايَةِ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ عَنْ حَفْصَةَ: مَاتَتْ إِحْدَى بَنَاتِ رَسُولِ اللَّهِ Object، فَأَرْسَلَ إِلَيْنَا، فَقَالَ: اغْسِلْنَهَا.

قَوْلُهُ: (ابْنَتُهُ) لَمْ تَقَعْ فِي شَيْءٍ مِنْ رِوَاياتِ الْبُخَارِيِّ مُسَمَّاةً، وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا زَيْنَبُ زَوْجُ أَبِي الْعَاصي بْنِ الرَّبِيعِ وَالِدَةُ أُمَامَةَ الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهَا فِي الصَّلَاةِ، وَهِيَ أَكْبَرُ بَنَاتِ النَّبِيِّ Object، وَكَانَتْ وَفَاتُهَا فِيمَا حَكَاهُ الطَّبَرِيُّ فِي الذَّيْلِ فِي أَوَّلِ سَنَةِ ثَمَانٍ، وَقَدْ وَرَدَتْ مُسَمَّاةً فِي هَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ عَنْ حَفْصَةَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: لَمَّا مَاتَتْ زَيْنَبُ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ Object قَالَ رَسُولُ اللَّهِ Object: اغْسِلْنَهَا: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ، وَلَمْ أَرَهَا فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ عَنْ حَفْصَةَ، وَلَا عَنْ مُحَمَّدٍ مُسَمَّاةً إِلَّا فِي رِوَايَةِ عَاصِمٍ هَذِهِ، وَقَدْ خُولِفَ فِي ذَلِكَ، فَحَكَى ابْنُ التِّينِ، عَنِ الدَّاوُدِيِّ الشَّارِحِ أَنَّهُ جَزَمَ بِأَنَّ الْبِنْتَ الْمَذْكُورَةَ أُمُّ كُلْثُومٍ زَوْجُ عُثْمَانَ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُسْتَنَدَهُ، وَتَعَقَّبَهُ الْمُنْذِرِيُّ بِأَنَّ أُمَّ كُلْثُومٍ تُوُفِّيَتْ وَالنَّبِيُّ Object بِبَدْرٍ، فَلَمْ يَشْهَدْهَا، وَهُوَ غَلَطٌ مِنْهُ، فَإِنَّ الَّتِي تُوُفِّيَتْ حِينَئِذٍ رُقَيَّةُ، وَعَزَاهُ النَّوَوِيُّ تَبَعًا لِعِيَاضٍ لِبَعْضِ أَهْلِ السِّيَرِ، وَهُوَ قُصُورٌ شَدِيدٌ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيِّ، عَنْ أَيُّوبَ وَلَفْظُهُ: دَخَلَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ نُغَسِّلُ ابْنَتَهُ أُمَّ كُلْثُومٍ. وَهَذَا الْإِسْنَادُ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَفِيهِ نَظَرٌ سَيَأْتِي فِي بَابِ كَيْفَ الْإِشْعَارُ وَكَذَا وَقَعَ فِي الْمُبْهَمَاتِ لِابْنِ بَشْكُوَالٍ مِنْ طَرِيقِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ: كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ.

الْحَدِيثَ. وَقَرَأْتُ بِخَطِّ مُغَلْطَايْ: زَعَمَ التِّرْمِذِيُّ أَنَّهَا أُمُّ كُلْثُومٍ وَفِيهِ نَظَرٌ. كَذَا قَالَ، وَلَمْ أَرَ فِي التِّرْمِذِيِّ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ. وَقَدْ رَوَى الدُّولَابَيُّ فِي الذُّرِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الرِّجَالِ عَنْ عَمْرَةَ: أَنَّ أُمَّ عَطِيَّةَ كَانَتْ مِمَّنْ غَسَّلَ أُمَّ كُلْثُومٍ ابْنَةَ النَّبِيِّ Object. الْحَدِيثَ. فَيُمْكِنُ دَعْوَى تَرْجِيحِ ذَلِكَ لِمَجِيئِهِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنْ تَكُونَ حَضَرَتْهُمَا جَمِيعًا، فَقَدْ جَزَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ Object فِي تَرْجَمَتِهَا بِأَنَّهَا كَانَتْ غَاسِلَةَ الْمَيِّتَاتِ، وَوَقَعَ لِي مِنْ تَسْمِيَةِ النِّسْوَةِ اللَّاتِي حَضَرْنَ مَعَهَا ثَلَاثٌ غَيْرُهَا، فَفِي الذُّرِّيَّةِ الطَّاهِرَةِ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ، أَنَّهَا كَانَتْ مِمَّنْ غَسَّلَهَا، قَالَتْ: وَمَعَنَا صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَلِأَبِي دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ لَيْلَى بِنْتِ قَانِفٍ - بِقَافٍ وَنُونٍ وَفَاءٍ - الثَّقَفِيَّةِ، قَالَتْ: كُنْتُ فِيمَنْ غَسَّلَهَا. وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سُلَيْمٍ شَيْئًا يُومِئُ إِلَى أَنَّهَا حَضَرَتْ ذَلِكَ أَيْضًا، وَسَيَأْتِي بَعْدَ خَمْسَةِ أَبْوَابٍ قَوْلُ ابْنِ سِيرِينَ: وَلَا أَدْرِي أَيُّ بَنَاتِهِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ تَسْمِيَتَهَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ دُونَ ابْنِ سِيرِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (اغْسِلْنَهَا) قَالَ ابْنُ بَزِيزَةَ: اسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى وُجُوبِ غُسْلِ الْمَيِّتِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا بَعْدُ: إِنْ رَأَيْتينَّ ذَلِكَ هَلْ يَرْجِعُ إِلَى الْغُسْلِ أَوِ الْعَدَدِ، وَالثَّانِي أَرْجَحُ، فَثَبَتَ الْمُدَّعَى. قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: لَكِنْ قَوْلُهُ ثَلَاثًا، لَيْسَ لِلْوُجُوبِ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ مَذَاهِبِ الْعُلَمَاءِ، فَيَتَوَقَّفُ الِاسْتِدْلَالُ بِهِ عَلَى تَجْوِيزِ إِرَادَةِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: ثَلَاثًا غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا تَحْتَ صِيغَةِ الْأَمْرِ، فَيُرَادَ بِلَفْظِ الْأَمْرِ الْوُجُوبُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى أَصْلِ الْغُسْلِ، وَالنَّدْبُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْإِيتَارِ. انْتَهَى. وَقَوَاعِدُ الشَّافِعِيَّةِ لَا تَأْبَى ذَلِكَ. وَمِنْ ثَمَّ ذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ وَأَهْلُ الظَّاهِرِ وَالْمُزَنِيُّ إِلَى إِيجَابِ الثَّلَاثِ، وَقَالُوا: إِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدَ ذَلِكَ يُغْسَلُ مَوْضِعُهُ، وَلَا يُعَادُ غُسْلُ الْمَيِّتِ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ الْحَدِيثِ. وَجَاءَ عَنِ الْحَسَنِ مِثْلُهُ، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ يُغَسَّلُ ثَلَاثًا، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ بَعْدُ فَخَمْسًا، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ غُسِّلَ سَبْعًا. قَالَ هِشَامٌ وَقَالَ الْحَسَنُ: يُغَسَّلُ ثَلَاثًا، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ غُسِلَ مَا خَرَجَ، وَلَمْ يَزِدْ عَلَى الثَّلَاثِ.