للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَلَوْ كَانَ نَجِسًا مَا مَسَّهُ ابْنُ عُمَرَ، وَلَغَسَلَ مَا مَسَّهُ مِنْ أَعْضَائِهِ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا: مَنْ غَسَّلَ الْمَيِّتَ فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ. رُوَاتُهُ ثِقَاتٌ إِلَّا عَمْرَو بْنَ عُمَيْرٍ، فَلَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوَهُ، وَهُوَ مَعْلُولٌ، لِأَنَّ أَبَا صَالِحٍ لَمْ يَسْمَعْهُ مِنْ أَبِي هُرَيْرَةَ . وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: الصَّوَابُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَوْقُوفٌ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ بَعْدَ تَخْرِيجِهِ: هَذَا مَنْسُوخٌ، وَلَمْ يُبَيِّنْ نَاسِخَهُ.

وَقَالَ الذُّهْلِيُّ فِيمَا حَكَاهُ الْحَاكِمُ فِي تَارِيخِهِ: لَيْسَ فِيمَنْ غَسَّلَ مَيِّتًا فَلْيَغْتَسِلْ حَدِيثُ ثَابِتٍ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ . . . إِلَخْ) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ: لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ، فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ لَيْسَ يَنْجَسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا. إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ مَرْفُوعًا، أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مَنْ رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَحْيَى الْمَخْزُومِيِّ، عَنْ سُفْيَانَ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُثْمَانَ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ، وَالَّذِي فِي مُصَنَّفِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ مَوْقُوفٌ، كَمَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَرَوَى الْحَاكِمُ نَحْوَهُ مَرْفُوعًا أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، وَقَوْلُهُ: لَا تُنَجِّسُوا مَوْتَاكُمْ؛ أَيْ لَا تَقُولُوا إِنَّهُمْ نَجَسٌ. وَقَوْلُهُ: يَنْجَسُ بِفَتْحِ الْجِيمِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ سَعْدٌ: لَوْ كَانَ نَجِسًا مَا مَسِسْتُهُ) وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، وَأَبِي الْوَقْتِ: وَقَالَ سَعِيدٌ بِزِيَادَةِ يَاءٍ، وَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَهُوَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ كَذَلِكَ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ، قَالَتْ: أُوذِنَ سَعْدٌ - تَعْنِي أَبَاهَا - بِجِنَازَةِ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرٍو، وَهُوَ بِالْعَقِيقِ فَجَاءَهُ فَغَسَّلَهُ، وَكَفَّنَهُ وَحَنَّطَهُ، ثُمَّ أَتَى دَارَهُ فَاغْتَسَلَ، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَغْتَسِلْ مِنْ غُسْلِهِ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا مَا مَسِسْتُهُ، وَلَكِنِّي اغْتَسَلْتُ مِنَ الْحَرِّ. وَقَدْ وَجَدْتُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَخْرَجَهُ سَمُّويَهِ فِي فَوَائِدِهِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي وَاقِدٍ الْمَدَنِيِّ قَالَ: قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: لَوْ عَلِمْتُ أَنَّهُ نَجِسٌ لَمْ أَمَسَّهُ.

وَفِي أَثَرِ سَعْدٍ مِنَ الْفَوَائِدِ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلْعَالِمِ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا يَخْشَى أَنْ يَلْتَبِسَ عَلَى مَنْ رَآهُ أَنْ يُعْلِمَهُمْ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ، لِئَلَّا يَحْمِلُوهُ عَلَى غَيْرِ مَحْمَلِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ النَّبِيُّ : الْمُؤْمِنُ لَا يَنْجَسُ) هَذَا طَرَفٌ مِنْ حَدِيثٍ لِأَبِي هُرَيْرَةَ تَقَدَّمَ مَوْصُولًا فِي بَابِ الْجُنُبِ يَمْشِي فِي السُّوقِ مِنْ كِتَابِ الْغُسْلِ، وَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ بِهِ أَنَّ صِفَةَ الْإِيمَانِ لَا تُسْلَبُ بِالْمَوْتِ وَإِذَا كَانَتْ بَاقِيَةً فَهُوَ غَيْرُ نَجِسٍ، وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ الْمَذْكُورُ قَبْلُ، وَوَقَعَ فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ هُنَا: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: النَّجِسُ الْقَذِرُ. انْتَهَى. وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ هُوَ الْبُخَارِيُّ. وَأَرَادَ بِذَلِكَ نَفْيَ هَذَا الْوَصْفِ، وَهُوَ النَّجَسُ عَنِ الْمُسْلِمِ حَقِيقَةً وَمَجَازًا.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ أَيُّوبَ: سَمِعْتُ ابْنَ سِيرِينَ. وَسَيَأْتِي فِي بَابِ كَيْفَ الْإِشْعَارُ، وَقَدْ رَوَاهُ أَيُّوبُ أَيْضًا عَنْ حَفْصَةَ بِنْتِ سِيرِينَ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ أَبْوَابٍ، وَمَدَارُ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ عَلَى مُحَمَّدٍ، وَحَفْصَةَ ابْنَيْ سِيرِينَ، وَحَفِظَتْ مِنْهُ حَفْصَةُ مَا لَمْ يَحْفَظْهُ مُحَمَّدٌ كَمَا سَيَأْتِي مُبَيَّنًا. قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ فِي أَحَادِيثِ الْغُسْلِ لِلْمَيِّتِ أَعْلَى مِنْ حَدِيثِ أُمِّ عَطِيَّةَ وَعَلَيْهِ عَوَّلَ الْأَئِمَّةُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ الْأَنْصَارِيَّةِ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ الْمَذْكُورَةِ: جَاءَتْ أُمُّ عَطِيَّةَ - امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ اللَّاتِي بَايَعْنَ رَسُولَ اللَّهِ قَدِمَتِ الْبَصْرَةَ - تُبَادِرُ ابْنًا لَهَا فَلَمْ تُدْرِكْهُ. وَهَذَا الِابْنُ مَا عَرَفْتُ اسْمَهُ، وَكَأَنَّهُ كَانَ غَازِيًا، فَقَدِمَ الْبَصْرَةَ فَبَلَغَ أُمَّ عَطِيَّةَ وَهِيَ بِالْمَدِينَةِ قُدُومَهُ، وَهُوَ مَرِيضٌ، فَرَحَلَتْ إِلَيْهِ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ تَلْقَاهُ. وَسَيَأْتِي فِي الْإِحْدَادِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قُدُومَهَا كَانَ بَعْدَ مَوْتِهِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْمُقَدِّمَةِ أَنَّ اسْمَهَا نُسَيْبَةَ بِنُونٍ وَمُهْمَلَةٍ وَمُوَحَّدَةٍ. وَالْمَشْهُورُ فِيهَا التَّصْغِيُرُ، وَقِيلَ: بِفَتْحِ أَوَّلِهِ، وَقَعَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ عَنِ السَّرَخْسِيِّ وَكَذَا ضَبَطَهُ الْأَصِيلِيُّ، عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، وَطَاهِرِ