للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تِلْكَ الْمُدَّةَ، وَهَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُذْكَرَ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ، وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ.

قَوْلُهُ: (يُقْرِئُ السَّلَامَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ.

قَوْلُهُ: (إِنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَعْطَى) قَدَّمَ ذِكْرَ الْأَخْذِ عَلَى الْإِعْطَاءِ - وَإِنْ كَانَ مُتَأَخِّرًا فِي الْوَاقِعِ - لِمَا يَقْتَضِيهِ الْمَقَامُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الَّذِي أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَأْخُذَهُ هُوَ الَّذِي كَانَ أَعْطَاهُ، فَإِنْ أَخَذَهُ أَخَذَ مَا هُوَ لَهُ، فَلَا يَنْبَغِي الْجَزَعُ، لِأَنَّ مُسْتَوْدَعَ الْأَمَانَةِ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَجْزَعَ إِذَا اسْتُعِيدَتْ مِنْهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِالْإِعْطَاءِ إِعْطَاءَ الْحَيَاةِ لِمَنْ بَقِيَ بَعْدَ الْمَيِّتِ، أَوْ ثَوَابَهُمْ عَلَى الْمُصِيبَةِ، أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. وَمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ مَصْدَرِيَّةٌ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ مَوْصُولَةً، وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ، فَعَلَ الْأَوَّلِ التَّقْدِيرُ: لِلَّهِ الْأَخْذُ وَالْإِعْطَاءُ. وَعَلَى الثَّانِي: لِلَّهِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنَ الْأَوْلَادِ، وَلَهُ مَا أَعْطَى مِنْهُمْ، أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ.

قَوْلُهُ: (وَكُلُّ)؛ أَيْ مِنَ الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ - أَوْ مِنَ الْأَنْفُسِ - أَوْ مَا هُوَ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ، وَهِيَ جُمْلَةٌ ابْتِدَائِيَّةٌ مَعْطُوفَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ الْمُؤَكَّدَةِ، وَيَجُوزُ فِي كُلُّ النَّصْبُ عَطْفًا عَلَى اسْمِ إِنَّ، فَيَنْسَحِبُ التَّأْكِيدُ أَيْضًا عَلَيْهِ، وَمَعْنَى الْعِنْدِيَّةِ الْعِلْمُ فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُلَازَمَةِ، وَالْأَجَلُ يُطْلَقُ عَلَى الْحَدِّ الْأَخِيِرِ، وَعَلَى مَجْمُوعِ الْعُمُرِ، وَقَوْلُهُ: (مُسَمًّى)؛ أَيْ مَعْلُومٌ مُقَدَّرٌ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَلْتَحْتَسِبْ) أَيْ تَنْوِي بِصَبْرِهَا طَلَبَ الثَّوَابِ مِنْ رَبِّهَا، لِيُحْسَبَ لَهَا ذَلِكَ مِنْ عَمَلِهَا الصَّالِحِ

قَوْلُهُ: (فَأَرْسَلَتْ إِلَيْهِ تُقْسِمُ) وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهَا رَاجَعَتْهُ مَرَّتَيْنِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَامَ فِي ثَالِثِ مَرَّةٍ، وَكَأَنَّهَا أَلَحَّتْ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ دَفْعًا لِمَا يَظُنُّهُ بَعْضُ أَهْلِ الْجَهْلِ أَنَّهَا نَاقِصَةُ الْمَكَانَةِ عِنْدَهُ، أَوْ أَلْهَمَهَا اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ حُضُورَ نَبِيِّهِ عِنْدَهَا يَدْفَعُ عَنْهَا مَا هِيَ فِيهِ مِنَ الْأَلَمِ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ وَحُضُورِهِ، فَحَقَّقَ اللَّهُ ظَنَّهَا. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ امْتَنَعَ أَوَّلًا مُبَالَغَةً فِي إِظْهَارِ التَّسْلِيمِ لِرَبِّهِ، أَوْ لِيُبَيِّنَ الْجَوَازَ فِي أَنَّ مَنْ دُعِيَ لِمِثْلِ ذَلِكَ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ بِخِلَافِ الْوَلِيمَةِ مَثَلًا.

قَوْلُهُ: (فَقَامَ وَمَعَهُ) فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ: فَقَامَ وَقَامَ مَعَهُ رِجَالٌ. وَقَدْ سُمِّيَ مِنْهُمْ - غَيْرُ مَنْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ - عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَهُوَ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ فِي أَوَائِلِ التَّوْحِيدِ، وَفِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ أَنَّ أُسَامَةَ رَاوِيَ الْحَدِيثِ كَانَ مَعَهُمْ، وَفِي رِوَايَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ كَانَ مَعَهُمْ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ فِي الْأَيْمَانِ وَالنُّذُورِ: وَأَبِي، أَوْ أُبَيٌّ، كَذَا فِيهِ بِالشَّكِّ: هَلْ قَالَهَا بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ، وَتَخْفِيفِ الْيَاءِ، أَوْ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَالتَّشْدِيدِ، فَعَلَى الْأَوَّلِ يَكُونُ مَعَهُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ أَيْضًا، لَكِنَّ الثَّانِي أَرْجَحُ، لِأَنَّهُ ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْبَابِ بِلَفْظِ: وَأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّكَّ فِيهِ مِنْ شُعْبَةَ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَقَعْ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (فَرَفَعَ) كَذَا هُنَا بِالرَّاءِ، وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ: فَدَفَعَ بِالدَّالِ، وَبَيَّنَ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ أَنَّهُ وُضِعَ فِي حِجْرِهِ . وَفِي هَذَا السِّيَاقِ حَذْفٌ، وَالتَّقْدِيرُ: فَمَشَوْا إِلَى أَنْ وَصَلُوا إِلَى بَيْتِهَا فَاسْتَأْذَنُوا، فَأُذِنَ لَهُمْ، فَدَخَلُوا فَرُفِعَ، وَوَقَعَ بَعْضُ هَذَا الْمَحْذُوفِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، وَلَفْظُهُ: فَلَمَّا دَخَلْنَا نَاوَلُوا رَسُولَ اللَّهِ الصَّبِيَّ.

قَوْلُهُ: (وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ، قَالَ: حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ: كَأَنَّهَا شَنٌّ) كَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ وَلَفْظُهُ: وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنٍّ. وَالْقَعْقَعَةُ حِكَايَةُ صَوْتِ الشَّيْءِ الْيَابِسِ إِذَا حُرِّكَ، وَالشَّنُّ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ الْقِرْبَةُ الْخَلِقَةُ الْيَابِسَةُ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ شَبَّهَ الْبَدَنَ بِالْجِلْدِ الْيَابِسِ الْخَلِقِ، وَحَرَكَةَ الرُّوحِ فِيهِ بِمَا يُطْرَحُ من الْجِلْدِ مِنْ حَصَاةٍ وَنَحْوِهَا. وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الْأُولَى فَكَأَنَّهُ شَبَّهَ النَّفْسَ بِنَفْسِ الْجِلْدِ، وَهُوَ أَبْلَغُ فِي الْإِشَارَةِ إِلَى شِدَّةِ الضَّعْفِ، وَذَلِكَ أَظْهَرُ فِي التَّشْبِيهِ.

قَوْلُهُ: (فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ) أَيِ النَّبِيُّ ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ سَعْدٌ)؛ أَيِ ابْنُ عُبَادَةَ الْمَذْكُورُ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَاحِدِ: فَقَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ، وَالصَّوَابُ مَا فِي الصَّحِيحِ.

قَوْلُهُ: (مَا هَذَا) فِي رِوَايَةِ عَبْدِ الْوَاحِدِ: فَقَالَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ: أَتَبْكِي. زَادَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ: وَتَنْهَى عَنِ الْبُكَاءِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ هَذِهِ) أَيِ الدَّمْعَةُ أَثَرُ رَحْمَةٍ، أَيْ أَنَّ