للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إِلَى أَبِي، وَهُوَ بِمِنًى: أَنْ لَا تَأْخُذَ مِنَ الْخَيْلِ وَلَا مِنَ الْعَسَلِ صَدَقَةً. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَعَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إِلَى نَافِعٍ مَوْلَى ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: بَعَثَنِي عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَلَى الْيَمَنِ، فَأَرَدْتُ أَنْ آخُذَ مِنَ الْعَسَلِ الْعُشْرَ، فَقَالَ مُغِيرَةُ بْنُ حَكِيمٍ الصَّنْعَانِيُّ: لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ، فَكَتَبْتَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: صَدَقَ، هُوَ عَدْلُ رِضَا، لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ وَجَاءَ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ مَا يُخَالِفُهُ، أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ كِتَابِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: ذَكَرَ لِي بَعْضُ مَنْ لَا أَتَّهِمُ مِنْ أَهْلِي أَنَّهُ تَذَاكَرَ هُوَ وَعُرْوَةُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّعْدِيُّ فَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَسْأَلُهُ عَنْ صَدَقَةِ الْعَسَلِ، فَزَعَمَ عُرْوَةُ أَنَّهُ كَتَبَ إِلَيْهِ: إِنَّا قَدْ وَجَدْنَا بَيَانَ صَدَقَةِ الْعَسَلِ بِأَرْضِ الطَّائِفِ فَخُذْ مِنْهُ الْعُشْرَ. انْتَهَى. وَهَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِجَهَالَةِ الْوَاسِطَةِ، وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ، وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَشَارَ إِلَى تَضْعِيفِ مَا رُوِيَ: أَنَّ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرَ. وَهُوَ مَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ.

كَتَبَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ أَنْ يُؤْخَذَ مِنَ الْعَسَلِ الْعُشْرُ: وَفِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَرَّرٍ، وَهُوَ بِمُهْمَلَاتٍ وَزْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ: عَبْدُ اللَّهِ مَتْرُوكٌ، وَلَا يَصِحُّ فِي زَكَاةِ الْعَسَلِ شَيْءٌ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا يَصِحُّ فِي هَذَا الْبَابِ شَيْءٌ. قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْقَدِيمِ: حَدِيثُ إِنَّ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرَ ضَعِيفٌ، وَفِي أَنْ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ ضَعِيفٌ، إِلَّا عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ. انْتَهَى. وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ: أَنَّ مُعَاذًا لَمَّا أَتَى الْيَمَنَ قَالَ: لَمْ أُؤْمَرْ فِيهِمَا بِشَيْءٍ يَعْنِي الْعَسَلَ وَأَوْقَاصَ الْبَقَرِ، وَهَذَا مُنْقَطِعٌ، وَأَمَّا مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَ هِلَالٌ أَحَدُ بَنِي مُتْعَانَ - أَيْ: بِضَمِّ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْمُثَنَّاةِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ - إِلَى رَسُولِ اللَّهِ بِعُشُورِ نَحْلٍ لَهُ، وَكَانَ سَأَلَهُ أَنْ يَحْمِيَ لَهُ وَادِيًا فَحَمَاهُ لَهُ، فَلَمَّا وَلِيَ عُمَرُ كَتَبَ إِلَى عَامِلِهِ: إِنْ أَدَّى إِلَيْكَ عُشُورَ نَحْلِهِ فَاحْمِ لَهُ سَلَبَهُ، وَإِلَّا فَلَا.

وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ إِلَى عَمْرٍو (١) وَتَرْجَمَةُ عَمْرٍو قَوِيَّةٌ عَلَى الْمُخْتَارِ لَكِنْ حَيْثُ لَا تَعَارُضَ، وَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ هِلَالًا أَعْطَى ذَلِكَ تَطَوُّعًا، فَعِنْدَ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنْ صَالِحِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ كَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ يَنْهَاهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنَ الْعَسَلِ صَدَقَةً إِلَّا إِنْ كَانَ النَّبِيُّ أَخَذَهَا، فَجَمَعَ عُثْمَانُ أَهْلَ الْعَسَلِ، فَشَهِدُوا أَنَّ هِلَالَ بْنَ سَعْدٍ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ بِعَسَلٍ فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَ: صَدَقَةٌ فَأَمَرَ بِرَفْعِهَا وَلَمْ يَذْكُرْ عُشُورًا. لَكِنَّ الْإِسْنَادَ الْأَوَّلَ أَقْوَى، إِلَّا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ الْحِمَى كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كِتَابُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: لَيْسَ فِي الْعَسَلِ خَبَرٌ يَثْبُتُ وَلَا إِجْمَاعٌ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ، وَإِسْحَاقَ: يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا أُخِذَ مِنْ غَيْرِ أَرْضِ الْخَرَاجِ. وَمَا نَقَلَهُ عَنِ الْجُمْهُورِ مُقَابِلُهُ قَوْلُ التِّرْمِذِيَّ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِيهِ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ.

وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: لَيْسَ فِي الْعَسَلِ شَيْءٌ، وَأَشَارَ شَيْخُنَا فِي شَرْحِهِ إِلَى أَنَّ الَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَقْوَى، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: مُنَاسَبَةُ أَثَرِ عُمَرَ فِي الْعَسَلِ لِلتَّرْجَمَةِ مِنْ جِهَةِ أَنَّ الْحَدِيثَ يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَا عُشْرَ فِيهِ، لِأَنَّهُ خَصَّ الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَهُ بِمَا يُسْقَى، فَأَفْهَمَ أَنَّ مَا لَا يُسْقَى لَا يُعَشَّرُ، زَادَ ابْنُ رَشِيدٍ: فَإِنْ قِيلَ الْمَفْهُومُ إِنَّمَا يَنْفِي الْعُشْرَ أَوْ نِصْفَهُ لَا مُطْلَقَ الزَّكَاةِ، فَالْجَوَابُ أَنَّ النَّاسَ قَائِلَانِ: مُثْبِتٌ لِلْعُشْرِ وَنَافٍ لِلزَّكَاةِ أَصْلًا، فَتَمَّ الْمُرَادُ. قَالَ: وَوَجْهُ إِدْخَالِهِ الْعَسَلَ أَيْضًا لِلتَّنْبِيهِ عَلَى الْخِلَافِ فِيهِ، وَأَنَّهُ لَا يَرَى فِيهِ زَكَاةً وَإِنْ كَانَتِ النَّحْلُ تَتَغَذَّى مِمَّا يُسْقَى مِنَ السَّمَاءِ لَكِنَّ الْمُتَوَلِّدَ بِالْمُبَاشَرَةِ كَالزَّرْعِ لَيْسَ كَالْمُتَوَلِّدِ بِوَاسِطَةِ حَيَوَانٍ كَاللَّبَنِ، فَإِنَّهُ مُتَوَلِّدٌ عَنِ الرَّعْيِ وَلَا زَكَاةَ


(١) مراده أن إسناد هذا الحديث إلى عمرو بن شعيب صحيح وأما رواية عمرو عن أبيه عن جده فمختلف فيها بين أهل الحديث، والصواب أنها حجة ما لم يخالفها ما هو أقوى منها، كما أشار إليه الشارح، وقد ذكر ذلك غيره من أهل العلم، وصرح به العلامة ابن القيم في بعض كتبه. والله أعلم