للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لِأَنَّ قَوْلَهُ: (حَيْثُ كَانُوا) يُشْعِرُ بِأَنَّهُ لَا يَنْقُلُهَا عَنْ بَلَدٍ وَفِيهِ مَنْ هُوَ مُتَّصِفٌ بِصِفَةِ الِاسْتِحْقَاقِ.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، وَزَكَرِيَّا بْنُ إِسْحَاقَ مَكِّيٌّ، وَكَذَا مَنْ فَوْقَهُ.

قَوْلُهُ: (عَنْ يَحْيَى) فِي رِوَايَةِ وَكِيعٍ، عَنْ زَكَرِيَّا: حَدَّثَنِي يَحْيَى. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ) فِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ: عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا مَعْبَدٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ. أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْحِيدِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ) كَذَا فِي جَمِيعِ الطُّرُقِ، إِلَّا مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَأَبِي كُرَيْبٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ وَكِيعٍ، فَقَالَ فِيهِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ . فَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ مُسْنَدِ مُعَاذٍ، وَظَاهِرُ سِيَاقِ مُسْلِمٍ أَنَّ اللَّفْظَ مُدْرَجٌ، لَكِنْ لَمْ أَرَ ذَلِكَ فِي غَيْرِ رِوَايَةِ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَسَائِرِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ مِنْ مُسْنَدِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ وَكِيعٍ، فَقَالَ فِيهِ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ بَعَثَ مُعَاذًا. وَكَذَا هُوَ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ بِهِ.

وَكَذَا رَوَاهُ عَنْ وَكِيعٍ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ أَحْمَدَ، وَسَيَأْتِي فِي الْمَظَالِمِ عَنْ يَحْيَى بْنِ مُوسَى، عَنْ وَكِيعٍ كَذَلِكَ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَخْرَمِيِّ، وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الثَّعْلَبِيِّ، وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي خَيْثَمَةَ، وَمُوسَى بْنِ السُّدِّيِّ وَالدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الدَّوْرَقِيِّ، وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْبَغَوِيِّ، كُلِّهِمْ عَنْ وَكِيعٍ كَذَلِكَ، فَإِنْ ثَبَتَتْ رِوَايَةُ أَبِي بَكْرٍ، فَهُوَ مِنْ مُرْسَلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، لَكِنْ لَيْسَ حُضُورُ ابْنِ عَبَّاسٍ لِذَلِكَ بِبَعِيدٍ، لِأَنَّهُ كَانَ فِي أَوَاخِرِ حَيَاةِ النَّبِيِّ وَهُوَ إِذْ ذَاكَ مَعَ أَبَوَيْهِ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ بَعْثُ مُعَاذٍ إِلَى الْيَمَنِ سَنَةَ عَشْرٍ قَبْلَ حَجِّ النَّبِيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَوَاخِرِ الْمَغَازِي، وَقِيلَ: كَانَ ذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ سَنَةِ تِسْعٍ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ تَبُوكَ، رَوَاهُ الْوَاقِدِيُّ بِإِسْنَادِهِ إِلَى كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ عَنْهُ، ثُمَّ حَكَى ابْنُ سَعْدٍ أَنَّهُ كَانَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ عَشْرٍ، وَقِيلَ: بَعَثَهُ عَامَ الْفَتْحِ سَنَةَ ثَمَانٍ، وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَلَى الْيَمَنِ إِلَى أَنْ قَدِمَ فِي عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ ثُمَّ تَوَجَّهَ إِلَى الشَّامِ فَمَاتَ بِهَا، وَاخْتُلِفَ هَلْ كَانَ مُعَاذٌ وَالِيًا أَوْ قَاضِيًا؟ فَجَزَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ بِالثَّانِي وَالْغَسَّانِيُّ بِالْأَوَّلِ.

قَوْلُهُ: (سَتَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ كِتَابٍ) هِيَ كَالتَّوْطِئَةِ لِلْوَصِيَّةِ، لِتُسْتَجْمَعَ هِمَّتُهُ عَلَيْهَا لِكَوْنِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَهْلَ عِلْمٍ فِي الْجُمْلَةِ، فَلَا تَكُونُ الْعِنَايَةُ فِي مُخَاطَبَتِهِمْ كَمُخَاطَبَةِ الْجُهَّالِ مِنْ عَبْدَةِ الْأَوْثَانِ، وَلَيْسَ فِيهِ أَنَّ جَمِيعَ مَنْ يَقْدُمُ عَلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، بَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِمْ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَإِنَّمَا خَصَّهُمْ بِالذِّكْرِ تَفْضِيلًا لَهُمْ عَلَى غَيْرِهِمْ.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا جِئْتَهُمْ) قِيلَ: عَبَّرَ بِلَفْظِ إِذَا تَفَاؤُلًا بِحُصُولِ الْوُصُولِ إِلَيْهِمْ.

قَوْلُهُ: (فَادْعُهُمْ إِلَى أَنْ يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ) كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الزَّكَاةِ بِلَفْظِ: وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ. كَذَا فِي رِوَايَةِ زَكَرِيَّا بْنِ إِسْحَاقَ لَمْ يُخْتَلَفْ عَلَيْهِ فِيهَا، وَأَمَّا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ فَفِي رِوَايَةِ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ: فَأَوَّلُ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ. وَفِي رِوَايَةِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَلَاءِ عَنْهُ: إِلَى أَنْ يُوَحِّدُوا اللَّهَ، فَإِذَا عَرَفُوا ذَلِكَ. وَيُجْمَعُ بَيْنَهَا بِأَنَّ الْمُرَادَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ تَوْحِيدُهُ وَبِتَوْحِيدِهِ الشَّهَادَةُ لَهُ بِذَلِكَ وَلِنَبِيِّهِ بِالرِّسَالَةِ، وَوَقَعَتِ الْبُدَاءَةُ بِهِمَا لِأَنَّهُمَا أَصْلُ الدِّينِ الَّذِي لَا يَصِحُّ شَيْءٌ غَيْرُهُمَا إِلَّا بِهِمَا فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ غَيْرَ مُوَحِّدٍ فَالْمُطَالَبَةُ مُتَوَجِّهَةٌ إِلَيْهِ بِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنَ الشَّهَادَتَيْنِ عَلَى التَّعْيِينِ، وَمَنْ كَانَ مُوَحِّدًا فَالْمُطَالَبَةُ بَيْنَ الْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَالْإِقْرَارِ بِالرِّسَالَةِ، وَإِنْ كَانُوا يَعْتَقِدُونَ مَا يَقْتَضِي الْإِشْرَاكَ أَوْ يَسْتَلْزِمُهُ كَمَنْ يَقُولُ بِبُنُوَّةِ عُزَيْرٍ أَوْ يَعْتَقِدُ التَّشْبِيهَ فَتَكُونُ مُطَالَبَتُهُمْ بِالتَّوْحِيدِ لِنَفْيِ مَا يَلْزَمُ مِنْ عَقَائِدِهِمْ.

وَاسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ قَالَ مِنَ الْعُلَمَاءِ: إِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّبَرِّي مِنْ كُلِّ دِينٍ يُخَالِفُ دِينَ الْإِسْلَامِ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّ مَنْ كَانَ كَافِرًا بِشَيْءٍ وَهُوَ مُؤْمِنٌ بِغَيْرِهِ لَمْ يَدْخُلْ فِي الْإِسْلَامِ إِلَّا بِتَرْكِ اعْتِقَادِ مَا كَفَرَ بِهِ،