للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

١٥٦٩ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْأَعْوَرُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: اخْتَلَفَ عَلِيٌّ، وَعُثْمَانُ Object وَهُمَا بِعُسْفَانَ فِي الْمُتْعَةِ؛ فَقَالَ عَلِيٌّ: مَا تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَنْهَى عَنْ أَمْرٍ فَعَلَهُ النَّبِيُّ Object. فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ عَلِيٌّ أَهَلَّ بِهِمَا جَمِيعًا.

قَوْلُهُ: (بَابُ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ وَالْإِفْرَادِ بِالْحَجِّ وَفَسْخِ الْحَجِّ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ) أَمَّا التَّمَتُّعُ فَالْمَعْرُوفُ أَنَّهُ الِاعْتِمَارُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ التَّحَلُّلُ مِنْ تِلْكَ الْعُمْرَةِ وَالْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ﴾ وَيُطْلَقُ التَّمَتُّعُ فِي عُرْفِ السَّلَفِ عَلَى الْقِرَانِ أَيْضًا.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَا خِلَافَ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ أَنَّ التَّمَتُّعَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ﴾ أَنَّهُ الِاعْتِمَارُ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ قَبْلَ الْحَجِّ. قَالَ: وَمِنَ التَّمَتُّعِ أَيْضًا الْقِرَانُ؛ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ بِسُقُوطِ سَفَرٍ لِلنُّسُكِ الْآخَرِ مِنْ بَلَدِهِ، وَمِنَ التَّمَتُّعِ فَسْخُ الْحَجِّ أَيْضًا إِلَى الْعُمْرَةِ، انْتَهَى. وَأَمَّا الْقِرَانُ فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ الْإِقْرَانُ بِالْأَلِفِ، وَهُوَ خَطَأٌ مِنْ حَيْثُ اللُّغَةِ كَمَا قَالَهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ، وَصُورَتُهُ الْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَعًا - وَهَذَا لَا خِلَافَ فِي جَوَازِهِ - أَوِ الْإِهْلَالُ بِالْعُمْرَةِ، ثُمَّ يَدْخُلُ عَلَيْهَا الْحَجُّ أَوْ عَكْسُهُ - وَهَذَا مُخْتَلَفٌ فِيهِ. وَأَمَّا الْإِفْرَادُ فَالْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ وَحْدَهُ فِي أَشْهُرِهِ عِنْدَ الْجَمِيعِ، وَفِي غَيْرِ أَشْهُرِهِ أَيْضًا عِنْدَ مَنْ يُجِيزُهُ، وَالِاعْتِمَارُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ أَعْمَالِ الْحَجِّ لِمَنْ شَاءَ. وَأَمَّا فَسْخُ الْحَجِّ فَالْإِحْرَامُ بِالْحَجِّ ثُمَّ يَتَحَلَّلُ مِنْهُ بِعَمَلِ عُمْرَةٍ فَيَصِيرُ مُتَمَتِّعًا، وَفِي جَوَازِهِ اخْتِلَافٌ آخَرُ، وَظَاهِرُ تَصَرُّفِ الْمُصَنِّفِ إِجَازَتُهُ، فَإِنَّ تَقْدِيرَ التَّرْجَمَةِ بَابُ مَشْرُوعِيَّةِ التَّمَتُّعِ. . . إِلَخْ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ بَابُ حُكْمِ التَّمَتُّعِ. . . إِلَخْ، فَلَا يَكُونُ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ يُجِيزُهُ.

ثُمَّ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ سَبْعَةَ أَحَادِيثَ؛ الْأَوَّلُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ.

قَوْلُهُ: (خَرَجْنَا مَعَ النَّبِيِّ Object تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ قَبْلَهُ بَيَانُ الْوَقْتِ الَّذِي خَرَجُوا فِيهِ.

قَوْلُهُ: (وَلَا نَرَى إِلَّا أَنَّهُ الْحَجُّ)، وَلِأَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْهَا كَمَا سَيَأْتِي: مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ الْقَاسِمِ عَنْهَا: لَا نَذْكُرُ إِلَّا الْحَجَّ، وَلَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: لَبَّيْنَا بِالْحَجِّ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ عَائِشَةَ مَعَ غَيْرِهَا مِنَ الصَّحَابَةِ كَانُوا أَوَّلًا مُحْرِمِينَ بِالْحَجِّ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ عُرْوَةَ عَنْهَا هُنَا: فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ، وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِالْحَجِّ؛ فَيُحْمَلُ الْأَوَّلُ عَلَى أَنَّهَا ذَكَرَتْ مَا كَانُوا يَعْهَدُونَهُ مِنْ تَرْكِ الِاعْتِمَارِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، فَخَرَجُوا لَا يَعْرِفُونَ إِلَّا الْحَجَّ، ثُمَّ بَيَّنَ لَهُمُ النَّبِيُّ Object وُجُوهَ الْإِحْرَامِ، وَجَوَّزَ لَهُمُ الِاعْتِمَارَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الِاعْتِمَارِ بَعْدَ الْحَجِّ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا: فَقَالَ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ. وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ: فَقَالَ: مَنْ شَاءَ فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُهِلَّ بِحَجٍّ. وَلِهَذِهِ النُّكْتَةِ أَوْرَدَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ حَدِيثَ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانُوا يَرَوْنَ الْعُمْرَةَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ. فَأَشَارَ إِلَى الْجَمْعِ بَيْنَ مَا اخْتُلِفَ عَنْ عَائِشَةَ فِي ذَلِكَ، وَأَمَّا عَائِشَةُ نَفْسُهَا فَسَيَأْتِي فِي أَبْوَابِ الْعُمْرَةِ وَفِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ مِنَ الْمَغَازِي مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْهَا فِي أَثْنَاءِ هَذَا الْحَدِيثِ قَالَتْ: وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ.

وَسَبَقَ فِي كِتَابِ الْحَيْضِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ شِهَابٍ نَحْوُهُ عَنْ عُرْوَةَ، زَادَ أَحْمَدُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ: وَلَمْ أَسُقْ هَدْيًا، فَادَّعَى إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ أَنَّ هَذَا غَلَطٌ مِنْ عُرْوَةَ، وَأَنَّ الصَّوَابَ رِوَايَةُ الْأَسْوَدِ، وَالْقَاسِمِ، وَعُرْوَةَ عَنْهَا أَنَّهَا أَهَلَّتْ بِالْحَجِّ مُفْرَدًا، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ قَوْلَ عُرْوَةَ عَنْهَا: إِنَّهَا أَهَلَّتْ بِعُمْرَةٍ، صَرِيحٌ. وَأَمَّا قَوْلُ الْأَسْوَدِ وَغَيْرِهِ عَنْهَا: لَا نَرَى إِلَّا الْحَجَّ فَلَيْسَ صَرِيحًا فِي إِهْلَالِهَا بِحَجٍّ مُفْرَدٍ، فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا مَا تَقَدَّمَ مِنْ غَيْرِ تَغْلِيطِ عُرْوَةَ وَهُوَ أَعْلَمُ النَّاسِ بِحَدِيثِهَا، وَقَدْ وَافَقَهُ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الصَّحَابِيُّ