للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

آخَرَ بِتَقْلِيدِهِ لِعَدَمِ إِنْكَارِ عُثْمَانَ عَلَى عَلِيٍّ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ عُثْمَانَ الْإِمَامَ إِذْ ذَاكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْحَدِيثُ الثَّالِثُ:

عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: (كَانُوا يَرَوْنَ أَنَّ الْعُمْرَةَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ؛ أَيْ يَعْتَقِدُونَ، وَالْمُرَادُ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ. وَلِابْنِ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَعْمَرَ رَسُولُ اللَّهِ عَائِشَةَ فِي ذِي الْحِجَّةِ إِلَّا لِيَقْطَعَ بِذَلِكَ أَمْرَ أَهْلِ الشِّرْكِ، فَإِنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ قُرَيْشٍ وَمَنْ دَانَ دِينَهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ. . . فَذَكَرَ نَحْوَهُ، فَعُرِفَ بِهَذَا تَعْيِينُ الْقَائِلِينَ.

قَوْلُهُ: (مِنْ أَفْجَرِ الْفُجُورِ) هَذَا مِنْ تَحَكُّمَاتِهِمُ الْبَاطِلَةِ الْمَأْخُوذَةِ عَنْ غَيْرِ أَصْلٍ.

قَوْلُهُ: (وَيَجْعَلُونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرَ) كَذَا هُوَ فِي جَمِيعِ الْأُصُولِ مِنَ الصَّحِيحَيْنِ. قَالَ النَّوَوِيُّ: كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُكْتَبَ بِالْأَلِفِ، وَلَكِنْ عَلَى تَقْدِيرِ حَذْفِهَا لَا بُدَّ مِنْ قِرَاءَتِهِ مَنْصُوبًا، لِأَنَّهُ مَصْرُوفٌ بِلَا خِلَافٍ، يَعْنِي وَالْمَشْهُورُ عَنِ اللُّغَةِ الرَّبِيعِيَّةِ كِتَابَةُ الْمَنْصُوبِ بِغَيْرِ أَلِفٍ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كِتَابَتِهِ بِغَيْرِ أَلِفٍ أَنْ لَا يُصْرَفَ، فَيُقْرَأَ بِالْأَلِفِ. وَسَبَقَهُ عِيَاضٌ إِلَى نَفْيِ الْخِلَافِ فِيهِ، لَكِنْ فِي الْمُحْكَمِ كَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ لَا يَصْرِفُهُ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الصَّرْفُ حَتَّى يَجْتَمِعَ عِلَّتَانِ، فَمَا هُمَا؟ قَالَ: الْمَعْرِفَةُ وَالسَّاعَةُ. وَفَسَّرَهُ الْمُطَرِّزِيُّ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالسَّاعَةِ أَنَّ الْأَزْمِنَةَ سَاعَاتٌ، وَالسَّاعَةُ مُؤَنَّثَةٌ، انْتَهَى. وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا حُجَّةٌ قَوِيَّةٌ لِأَبِي عُبَيْدَةَ، وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ صَفَرًا بِالْأَلِفِ. وَأَمَّا جَعْلُهُمْ ذَلِكَ، فَقَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: الْمُرَادُ الْإِخْبَارُ عَنْ النَّسِيءِ الَّذِي كَانُوا يَفْعَلُونَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَكَانُوا يُسَمُّونَ الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَيُحِلُّونَهُ، وَيُؤَخِّرُونَ تَحْرِيمَ الْمُحَرَّمِ إِلَى نَفْسِ صَفَرَ لِئَلَّا تَتَوَالَى عَلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ مُحَرَّمَةٍ، فَيَضِيقُ عَلَيْهِمْ فِيهَا مَا اعْتَادُوهُ مِنَ الْمُقَاتَلَةِ وَالْغَارَةِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَضَلَّلَهُمُ اللَّهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ: ﴿إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ الْآيَةَ.

قَوْلُهُ: (وَيَقُولُونَ: إِذَا بَرَأَ الدَّبَرْ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ؛ أَيْ مَا كَانَ يَحْصُلُ بِظُهُورِ الْإِبِلِ مِنَ الْحَمْلِ عَلَيْهَا وَمَشَقَّةِ السَّفَرِ، فَإِنَّهُ كَانَ يبْرَأ بَعْدَ انْصِرَافِهِمْ مِنَ الْحَجِّ، وقَوْلُهُ: (وَعَفَا الْأَثَرْ)؛ أَيِ انْدَرَسَ أَثَرُ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا فِي سَيْرِهَا، وَيَحْتَمِلُ أَثَرَ الدَّبَرِ الْمَذْكُورِ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ: وعَفَا الْوَبَرْ؛ أَيْ كَثُرَ وَبَرُ الْإِبِلِ الَّذِي حُلِقَ بِالرِّحَالِ، وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ تُقْرَأْ سَاكِنَةَ الرَّاءِ لِإِرَادَةِ السَّجْعِ، وَوَجْهُ تَعَلُّقِ جَوَازِ الِاعْتِمَارِ بِانْسِلَاخِ صَفَرَ - مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَكَذَلِكَ الْمُحَرَّمُ - أَنَّهُمْ لَمَّا جَعَلُوا الْمُحَرَّمَ صَفَرًا وَلَا يَسْتَقِرُّونَ بِبِلَادِهِمْ فِي الْغَالِبِ وَيَبْرَأ دَبَرُ إِبِلِهِمْ إِلَّا عِنْدَ انْسِلَاخِهِ أَلْحَقُوهُ بِأَشْهُرِ الْحَجِّ عَلَى طَرِيقِ التَّبَعِيَّةِ، وَجَعَلُوا أَوَّلَ أَشْهُرِ الِاعْتِمَارِ شَهْرَ الْمُحَرَّمِ الَّذِي هُوَ فِي الْأَصْلِ صَفَرُ، والْعُمْرَةُ عِنْدَهُمْ فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَأَمَّا تَسْمِيَةُ الشَّهْرِ صَفَرًا فَقَالَ رُؤْبَةُ: أَصْلُهَا أَنَّهُمْ كَانُوا يُغِيرُونَ فِيهِ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ، فَيَتْرُكُونَ مَنَازِلَهُمْ صَفَرًا؛ أَيْ خَالِيَةً مِنَ الْمَتَاعِ، وَقِيلَ: لِإِصْفَارِ أَمَاكِنِهِمْ مِنْ أَهْلِهَا.

قَوْلُهُ: (قَدِمَ النَّبِيُّ كَذَا فِي الْأُصُولِ مِنْ رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ وُهَيْبٍ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ وُهَيْبٍ بِلَفْظِ: فَقَدِمَ بِزِيَادَةِ فَاءٍ، وَهُوَ الْوَجْهُ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ بَهْزِ بْنِ أَسَدٍ، وَالْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَجَّاجِ؛ كِلَاهُمَا عَنْ وُهَيْبٍ.

قَوْلُهُ: (صَبِيحَةَ رَابِعَةٍ)؛ أَيْ يَوْمُ الْأَحَدِ.

قَوْلُهُ: (مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ) فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَجَّاجِ: وَهُمْ يُلَبُّونَ بِالْحَجِّ وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لِقَوْلِهِ: مُهِلِّينَ، وَاحْتَجَّ بِهِ مَنْ قَالَ: كَانَ حَجُّ النَّبِيِّ مُفْرَدًا. وَأَجَابَ مَنْ قَالَ: كَانَ قَارِنًا، بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ إِهْلَالِهِ بِالْحَجِّ أَنْ لَا يَكُونَ أَدْخَلَ عَلَيْهِ الْعُمْرَةَ.

قَوْلُهُ: (أَنْ يَجْعَلُوهَا عُمْرَةً، فَتَعَاظَمَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ)؛ أَيْ لِمَا كَانُوا يَعْتَقِدُونَهُ أَوَّلًا، وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَجَّاجِ: فَكَبُرَ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ.

قَوْلُهُ: (أَيِ الْحِلُّ) كَأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْرِفُونَ أَنَّ لِلْحَجِّ تَحَلُّلَيْنِ فَأَرَادُوا بَيَانَ ذَلِكَ، فَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ يَتَحَلَّلُونَ الْحِلَّ كُلَّهُ، لِأَنَّ الْعُمْرَةَ لَيْسَ لَهَا إِلَّا تَحَلُّلٌ وَاحِدٌ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الطَّحَاوِيِّ: أَيُّ الْحِلِّ نُحِلُّ؟ قَالَ: الْحِلُّ كُلُّهُ.

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ:

حَدِيثُ أَبِي مُوسَى: قَدِمْتُ عَلَى النَّبِيِّ فَأَمَرَنِي بِالْحِلِّ.