للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مُنْتَقَضٌ بِأَنَّهُ لَوْ أَرَادَ إِخْفَاءَ ذَلِكَ مَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ بِلَالٌ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ، وَإِثْبَاتُ الْحُكْمِ بِذَلِكَ يَكْفِي فِيهِ فِعْلُ الْوَاحِدِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ هَذَا فِي بَابِ الْغَلْقِ لِلْكَعْبَةِ مِنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ، وَظَاهِرُ التَّرْجَمَةِ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ فِي جَمِيعِ الْجَوَانِبِ إِغْلَاقُ الْبَابِ لِيَصِيرَ مُسْتَقْبِلًا فِي حَالِ الصَّلَاةِ غَيْرَ الْفَضَاءِ، وَالْمَحْكِيُّ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ الْجَوَازُ مُطْلَقًا، وَعَنِ الشَّافِعِيَّةِ وَجْهٌ مِثْلُهُ، لَكِنْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ لِلْبَابِ عَتَبَةٌ بِأَيِّ قَدْرٍ كَانَتْ، وَوَجْهٌ يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ قَامَةِ الْمُصَلِّي، وَوَجْهٌ يَشْتَرِطُ أَنْ يَكُونَ قَدْرَ مُؤَخَّرِ الرِّجْلِ، وَهُوَ الْمُصَحَّحُ عِنْدَهُمْ، وَفِي الصَّلَاةِ فَوْقَ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ نَظِيرُ هَذَا الْخِلَافِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِ الشَّارِحِينَ إِنَّ قَوْلَهُ: وَيُصَلِّي فِي أَيِّ نَوَاحِي الْبَيْتِ شَاءَ. يُعَكِّرُ عَلَى الشَّافِعِيَّةِ فِيمَا إِذَا كَانَ الْبَيْتُ مَفْتُوحًا فَفِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّهُ جَعَلَهُ حَيْثُ يُغْلَقُ الْبَابُ، وَبَعْدَ الْغَلْقِ لَا تَوَقُّفَ عِنْدَهُمْ فِي الصِّحَّةِ.

قَوْلُهُ: (دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ الْبَيْتَ) كَانَ ذَلِكَ فِي عَامِ الْفَتْحِ كَمَا وَقَعَ مُبَيَّنًا مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ بِزِيَادَةِ فَوَائِدَ، وَلَفْظُهُ: أَقْبَلَ النَّبِيُّ يَوْمَ الْفَتْحِ مِنْ أَعْلَى مَكَّةَ عَلَى رَاحِلَتِهِ. وَفِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ، عَنْ نَافِعٍ الْآتِيَةِ فِي الْمَغَازِي: وَهُوَ مُرْدِفٌ أُسَامَةَ - يَعْنِي ابْنَ زَيْدٍ - عَلَى الْقَصْوَاءِ، ثُمَّ اتَّفَقَا وَمَعَهُ بِلَالٌ، وَعُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ حَتَّى أَنَاخَ فِي الْمَسْجِدِ. وَفِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ: عِنْدَ الْبَيْتِ، وَقَالَ لِعُثْمَانَ ائْتِنَا بِالْمِفْتَاحِ، فَجَاءَهُ بِالْمِفْتَاحِ فَفَتْحَ لَهُ الْبَابَ فَدَخَلَ. وَلِمُسْلِمٍ، وَعَبْدِ الرَّزَّاقِ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: ثُمَّ دَعَا عُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ بِالْمِفْتَاحِ، فَذَهَبَ إِلَى أُمِّهِ، فَأَبَتْ أَنْ تُعْطِيَهُ، فَقَالَ: وَاللَّهِ لَتُعْطِينِهِ أَوْ لَأُخْرِجَنَّ هَذَا السَّيْفَ مِنْ صُلْبِي، فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ أَعْطَتْهُ، فَجَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَفَتَحَ الْبَابَ فَظَهَرَ مِنْ رِوَايَةِ فُلَيْحٍ أَنَّ فَاعِلَ فَتَحَ هُوَ عُثْمَانُ الْمَذْكُورُ، لَكِنْ رَوَى الْفَاكِهِيُّ - مِنْ طَرِيقٍ ضَعِيفَةٍ - عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ بَنُو أَبِي طَلْحَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا يَسْتَطِيعُ أَحَدٌ فَتْحَ الْكَعْبَةِ غَيْرَهُمْ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ الْمِفْتَاحَ فَفَتَحَهَا بِيَدِهِ.

وَعُثْمَانُ الْمَذْكُورُ هُوَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ، وَيُقَالُ لَهُ: الْحَجَبِيُّ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْجِيمِ، وَلِآلِ بَيْتِهِ الْحَجَبَةُ لِحَجْبِهِمُ الْكَعْبَةَ، وَيُعْرَفُونَ الْآنَ بِالشَّيْبِيِّينَ نِسْبَةً إِلَى شَيْبَةَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، وَهُوَ ابْنُ عَمِّ عُثْمَانَ هَذَا لَا وَلَدُهُ، وَلَهُ أَيْضًا صُحْبَةٌ وَرِوَايَةٌ، وَاسْمُ أُمِّ عُثْمَانَ الْمَذْكُورَةِ سُلَافَةُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَالتَّخْفِيفِ وَالْفَاءِ.

قَوْلُهُ: (هُوَ وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ، وَبِلَالٌ، وَعُثْمَانُ) زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى: وَلَمْ يَدْخُلْهَا مَعَهُمْ أَحَدٌ وَوَقَعَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ: وَمَعَهُ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ، وَأُسَامَةُ، وَبِلَالٌ، وَعُثْمَانُ. زَادَ الْفَضْلَ. وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: حَدَّثَنِي أَخِي الْفَضْلُ - وَكَانَ مَعَهُ حِينَ دَخَلَهَا - أَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ فِي الْكَعْبَةِ. وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ بَعْدَ بَابَيْنِ.

قَوْلُهُ: (فَأَغْلَقُوا عَلَيْهِمْ) زَادَ فِي رِوَايَةِ حَسَّانَ بْنِ عَطِيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ: مِنْ دَاخِلٍ وَزَادَ يُونُسُ: فَمَكَثَ نَهَارًا طَوِيلًا. وَفِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ: زَمَانًا بَدَلَ نَهَارًا، وَفِي رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ الَّتِي مَضَتْ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ: فَأَطَالَ وَلِمُسْلِمٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ: فَمَكَثَ فِيهَا مَلِيًّا. وَلَهُ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ نَافِعٍ: فَأَجَافُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ طَوِيلًا. وَمِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ: فَمَكَثَ فِيهَا سَاعَةً. وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ: فَوَجَدْتُ شَيْئًا فَذَهَبْتُ ثُمَّ جِئْتُ سَرِيعًا، فَوَجَدْتُ النَّبِيَّ خَارِجًا مِنْهَا. وَوَقَعَ فِي الْمُوَطَّأِ بِلَفْظِ: فَأَغْلَقَاهَا عَلَيْهِ. وَالضَّمِيرُ لِعُثْمَانَ، وَبِلَالٍ، وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عَوْنٍ، عَنْ نَافِعٍ: فَأَجَافَ عَلَيْهِمْ عُثْمَانُ الْبَابَ. وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا أَنَّ عُثْمَانَ هُوَ الْمُبَاشِرُ لِذَلِكَ، لِأَنَّهُ مِنْ وَظِيفَتِهِ، وَلَعَلَّ بِلَالًا سَاعَدَهُ فِي ذَلِكَ. وَرِوَايَةُ الْجَمْعِ يَدْخُلُ فِيهَا الْآمِرُ بِذَلِكَ وَالرَّاضِي بِهِ.

قَوْلُهُ: (فَلَمَّا فَتَحُوا كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَلَجَ) فِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ: ثُمَّ خَرَجَ فَابْتَدَرَ النَّاسُ الدُّخُولَ فَسَبَقْتُهُمْ. وَفِي رِوَايَةِ أَيُّوبَ: وَكُنْتُ رَجُلًا شَابًّا قَوِيًّا فَبَادَرْتُ النَّاسَ فَبَدَرْتُهُمْ. وَفِي رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ: كُنْتُ أَوَّلَ النَّاسِ وَلَجَ عَلَى أَثَرِهِ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ عَوْنٍ: فَرَقِيتُ الدَّرَجَةَ