للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَدَخَلْتُ الْبَيْتَ. وَفِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ الْمَاضِيَةِ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: وَأَجِدُ بِلَالًا قَائِمًا بَيْنَ الْبَابَيْنِ. وَأَفَادَ الْأَزْرَقِيُّ فِي كِتَابِ مَكَّةَ أَنَّ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ كَانَ عَلَى الْبَابِ يَذُبُّ عَنْهُ النَّاسَ، وَكَأَنَّهُ جَاءَ بَعْدَ مَا دَخَلَ النَّبِيُّ وَأَغْلَقَ.

قَوْلُهُ: (فَلَقِيتُ بِلَالًا فَسَأَلْتُهُ) زَادَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ الْمَاضِيَةِ فِي أَوَائِلِ الصَّلَاةِ: مَا صَنَعَ؟. وَفِي رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ، وَيُونُسَ وَجُمْهُورِ أَصْحَابِ نَافِعٍ: فَسَأَلْتُ بِلَالًا أَيْنَ صَلَّى؟. اخْتَصَرُوا أَوَّلَ السُّؤَالِ، وَثَبَتَ فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ هَذِهِ حَيْثُ قَالَ: هَلْ صَلَّى فِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. وَكَذَا فِي رِوَايَةِ مُجَاهِدٍ، وَابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: فَقُلْتُ: أَصَلَّى النَّبِيُّ فِي الْكَعْبَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ فَظَهَرَ أَنَّهُ اسْتَثْبَتَ أَوَّلًا، هَلْ صَلَّى أَمْ لَا، ثُمَّ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ مِنَ الْبَيْتِ. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: فَأَخْبَرَنِي بِلَالٌ أَوْ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ وَالْمَحْفُوظُ أَنَّهُ سَأَلَ بِلَالًا كَمَا فِي رِوَايَةِ الْجُمْهُورِ، وَوَقَعَ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّهُ سَأَلَ بِلَالًا، وَأُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ حِينَ خَرَجَا: أَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ فِيهِ؟ فَقَالَا عَلَى جِهَتِهِ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ نَحْوَهُ، وَلِأَحْمَدَ، وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الشَّعْثَاءِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أُسَامَةُ أَنَّهُ صَلَّى فِيهِ هَهُنَا. وَلِمُسْلِمٍ، وَالطَّبَرَانِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: فَقُلْتُ: أَيْنَ صَلَّى النَّبِيُّ ؟ فَقَالُوا. . . . فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا حُمِلَ عَلَى أَنَّهُ ابْتَدَأَ بِلَالًا بِالسُّؤَالِ كَمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ، ثُمَّ أَرَادَ زِيَادَةَ الِاسْتِثْبَاتِ فِي مَكَانِ الصَّلَاةِ، فَسَأَلَ عُثْمَانَ أَيْضًا وَأُسَامَةَ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ عَوْنٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: وَنَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُمْ كَمْ صَلَّى.

بِصِيغَةِ الْجَمْعِ، وَهَذَا أَوْلَى مِنْ جَزْمِ عِيَاضٍ بِوَهْمِ الرِّوَايَةِ الَّتِي أَشَرْنَا إِلَيْهَا مِنْ عِنْدِ مُسْلِمٍ، وَكَأَنَّهُ لَمْ يَقِفْ عَلَى بَقِيَّةِ الرِّوَايَاتِ، وَلَا يُعَارِضُ قِصَّتَهُ مَعَ قِصَّةِ أُسَامَةَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ النَّبِيَّ لَمْ يُصَلِّ فِيهِ، وَلَكِنَّهُ كَبَّرَ فِي نَوَاحِيهِ. فَإِنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ أُسَامَةَ حَيْثُ أَثْبَتَهَا اعْتَمَدَ فِي ذَلِكَ عَلَى غَيْرِهِ، وَحَيْثُ نَفَاهَا أَرَادَ مَا فِي عِلْمِهِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرَهُ حِينَ صَلَّى. وَسَيَأْتِي مَزِيدُ بَسْطٍ فِيهِ بَعْدَ بَابَيْنِ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَوْلُهُ: (بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْيَمَانِيَّيْنِ) فِي رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ: بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ. وَفِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ: جَعَلَ عَمُودًا عَنْ يَمِينِهِ وَعَمُودًا عَنْ يَسَارِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ: عَمُودَيْنِ عَنْ يَمِينِهِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ مَبْسُوطًا فِي بَابِ الصَّلَاةِ بَيْنَ السَّوَارِي بِمَا يُغْنِي عَنْ إِعَادَتِهِ، لَكِنْ نَذْكُرُ هُنَا مَا لَمْ يَتَقَدَّمْ ذِكْرُهُ: فَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ فُلَيْحٍ الْآتِيَةِ فِي الْمَغَازِي: بَيْنَ ذَيْنِكَ الْعَمُودَيْنِ الْمُقَدَّمَيْنِ، وَكَانَ الْبَيْتُ عَلَى سِتَّةِ أَعْمِدَةٍ سَطْرَيْنِ، صَلَّى بَيْنَ الْعَمُودَيْنِ مِنَ السَّطْرِ الْمُقَدَّمِ، وَجَعَلَ بَابَ الْبَيْتِ خَلْفَ ظَهْرِهِ. وَقَالَ فِي آخِرِ رِوَايَتِهِ: وَعِنْدَ الْمَكَانِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ مَرْمَرَةٌ حَمْرَاءُ. وَكُلُّ هَذَا إِخْبَارٌ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ الْبَيْتُ قَبْلَ أَنْ يُهْدَمَ وَيُبْنَى فِي زَمَنِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَأَمَّا الْآنَ فَقَدْ بَيَّنَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ نَافِعٍ كَمَا فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ أَنَّ بَيْنَ مَوْقِفِهِ وَبَيْنَ الْجِدَارِ الَّذِي اسْتَقْبَلَهُ قَرِيبًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، وَجَزَمَ بِرَفْعِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ فِيمَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بِنِ مَهْدِيٍّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْغَرَائِبِ مِنْ طَرِيقِهِ وَطَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَهْبٍ وَغَيْرِهِمَا عَنْهُ وَلَفْظُهُ: وَصَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ. وَكَذَا أَخْرَجَهَا أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ نَافِعٍ، وَهَذَا فِيهِ الْجَزْمُ بِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، لَكِنْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ: نَحْوٍ مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ. وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِرِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ.

وَفِي كِتَابِ مَكَّةَ لِلْأَزْرَقِيِّ، وَالْفَاكِهِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ: أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ؟ فَقَالَ: اجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ذِرَاعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً. فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ الِاتِّبَاعَ فِي ذَلِكَ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ، فَإِنَّهُ تَقَعُ قَدَمَاهُ فِي مَكَانِ قَدَمَيْهِ إِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ سَوَاءً، وَتَقَعُ رُكْبَتَاهُ أَوْ يَدَاهُ وَوَجْهُهُ إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا مِقْدَارُ صَلَاتِهِ