للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سُفْيَانُ) هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ، وَعَمْرٌو هُوَ ابْنُ دِينَارٍ.

قَوْلُهُ: (أَضْلَلْتُ بَعِيرًا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ فِي الطَّرِيقِ الثَّانِيَةِ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ لِي كَمَا فِي الْأُولَى.

قَوْلُهُ: (فَذَهَبْتُ أَطْلُبُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ) فِي رِوَايَةِ الْحُمَيْدِيِّ فِي مُسْنَدِهِ وَمِنْ طَرِيقِهِ أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ أَضْلَلْتُ بَعِيرًا لِي يَوْمَ عَرَفَةَ فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ بِعَرَفَةَ فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ يَوْمَ عَرَفَةَ يَتَعَلَّقُ بِأَضْلَلْتُ، فَإِنَّ جُبَيْرًا إِنَّمَا جَاءَ إِلَى عَرَفَةَ لِيَطْلُبَ بِعِيرَهُ لَا لِيَقِفَ بِهَا.

قَوْلُهُ: (مِنَ الْحُمْسِ) بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْمِيمِ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ سَيَأْتِي تَفْسِيرُهُ.

قَوْلُهُ: (فَمَا شَأْنُهُ هَاهنا؟) فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنِ أَبِي عُمَرَ جَمِيعًا عَنْ سُفْيَانَ فَمَا لَهُ خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ وَزَادَ مُسْلِمٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَمْرٍو النَّاقِدِ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ سُفْيَانَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَمَا شَأْنُهُ هَاهُنَا: وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُعَدُّ مِنَ الْحُمْسِ وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ تُوهِمُ أَنَّهَا مِنْ أَصْلِ الْحَدِيثِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هِيَ مِنْ قَوْلِ سُفْيَانَ، بَيَّنَهُ الْحُمَيْدِيُّ فِي مُسْنَدِهِ عَنْهُ وَلَفْظُهُ مُتَّصِلًا بِقَوْلِهِ مَا شَأْنُهُ هَاهُنَا، قَالَ سُفْيَانُ وَالْأَحْمَسُ الشَّدِيدُ عَلَى دِينِهِ وَكَانَتْ قُرَيْشٌ تُسَمَّى الْحُمْسَ وَكَانَ الشَّيْطَانُ قَدِ اسْتَهْوَاهُمْ فَقَالَ لَهُمْ إِنَّكُمْ إِنْ عَظَّمْتُمْ غَيْرَ حَرَمِكُمُ اسْتَخَفَّ النَّاسُ بِحَرَمِكُمْ فَكَانُوا لَا يَخْرُجُونَ مِنَ الْحَرَمِ وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقَيْهِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَمَا لَهُ خَرَجَ مِنَ الْحَرَمِ قَالَ سُفْيَانُ الْحُمْسُ يَعْنِي قُرَيْشًا وَكَانَتْ تُسَمَّى الْحُمْسَ وَكَانَتْ لَا تُجَاوِزُ الْحَرَمَ وَيَقُولُونَ نَحْنُ أَهْلُ اللَّهِ لَا نَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ وَكَانَ سَائِرُ النَّاسِ يَقِفُ بِعَرَفَةَ وَذَلِكَ قَوْلُهُ: ﴿ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ﴾. انْتَهَى. وَعُرِفَ بِهَاتَيْنِ الزِّيَادَتَيْنِ مَعْنَى حَدِيثِ جُبَيْرٍ وَكَأَنَّ الْبُخَارِيَّ حَذَفَهُمَا اسْتِغْنَاءً بِالرِّوَايَةِ عَنْ عُرْوَةَ لَكِنَّ فِي سِيَاقِ سُفْيَانَ فَوَائِدَ زَائِدَةً.

وَقَدْ رَوَى بَعْضَ ذَلِكَ ابْنُ خُزَيْمَةَ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ فِي مُسْنَدِهِ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ عَنْ عَمِّهِ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَتْ قُرَيْشٌ إِنَّمَا تَدْفَعُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ وَيَقُولُونَ نَحْنُ الْحُمْسُ فَلَا نَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ وَقَدْ تَرَكُوا الْمَوْقِفَ بِعَرَفَةَ، قَالَ: فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقِفُ مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ ثُمَّ يُصْبِحُ مَعَ قَوْمِهِ بِالْمُزْدَلِفَةِ فَيَقِفُ مَعَهُمْ وَيَدْفَعُ إِذَا دَفَعُوا. وَلَفْظُ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ فِي الْمَغَازِي مُخْتَصَرًا وَفِيهِ تَوْفِيقًا مِنَ اللَّهِ لَهُ. وَأَخْرَجَهُ إِسْحَاقُ أَيْضًا عَنِ الْفَضْلِ بْنِ مُوسَى، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْأَسْوَدِ، عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ قَالَ: أَضْلَلْتُ حِمَارًا لِي فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَوَجَدْتُهُ بِعَرَفَةَ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ وَاقِفًا بِعَرَفَاتٍ مَعَ النَّاسِ، فَلَمَّا أَسْلَمْتُ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ وَفَّقَهُ لِذَلِكَ. وَأَمَّا تَفْسِيرُ الْحُمْسِ فَرَوَى إِبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ فِي: غَرِيبِ الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: الْحُمْسُ قُرَيْشٌ وَمَنْ كَانَ يَأْخُذُ مَأْخَذَهَا مِنَ الْقَبَائِلِ كَالْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ وَخُزَاعَةَ وَثَقِيفٍ وَغَزْوَانَ وَبَنِي عَامِرٍ وَبَنِي صَعْصَعَةَ وَبَنِي كِنَانَةَ إِلَّا بَنِي بَكْرٍ وَالْأَحْمَسُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الشَّدِيدُ وَسُمُّوا بِذَلِكَ لَمَّا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَكَانُوا إِذَا أَهَلُّوا بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ لَا يَأْكُلُونَ لَحْمًا وَلَا يَضْرِبُونَ وَبَرًا وَلَا شَعْرًا وَإِذَا قَدِمُوا مَكَّةَ وَضَعُوا ثِيَابَهُمُ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ.

وَرَوَى إِبْرَاهِيمُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ عِمْرَانَ الْمَدَنِيِّ قَالَ: سُمُّوا حُمْسًا بِالْكَعْبَةِ لِأَنَّهَا حَمْسَاءُ حَجَرُهَا أَبْيَضُ يَضْرِبُ إِلَى السَّوَادِ. انْتَهَى. وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ وَأَكْثَرُ وَأَنَّهُ مِنَ التَّحَمُّسِ وَهُوَ التَّشَدُّدُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى: تَحَمَّسَ تَشَدَّدَ وَمِنْهُ حَمِسَ الْوَغَى إِذَا اشْتَدَّ وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الَّذِي بَعْدَهُ.

وَأَفَادَتْ هَذِهِ الرِّوَايَةُ أَنَّ رِوَايَةَ جُبَيْرٍ لَهُ لِذَلِكَ كَانَتْ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ جُبَيْرٌ وَهُوَ نَظِيرُ رِوَايَتِهِ أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقْرَأُ فِي الْمَغْرِبِ بِالطُّورِ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ جُبَيْرٌ أَيْضًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَتَضَمَّنَ ذَلِكَ التَّعَقُّبَ عَلَى السُّهَيْلِيِّ حَيْثُ ظَنَّ أَنَّ رِوَايَةَ جُبَيْرٍ لِذَلِكَ كَانَتْ فِي الْإِسْلَامِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَالَ: انْظُرْ كَيْفَ أَنْكَرَ جُبَيْرٌ هَذَا وَقَدْ حَجَّ بِالنَّاسِ عَتَّابٌ سَنَةَ ثَمَانٍ وَأَبُو بَكْرٍ سَنَةَ تِسْعٍ ثُمَّ قَالَ: إِمَّا أَنْ يَكُونَا وَقَفَا بِجَمْعٍ كَمَا كَانَتْ قُرَيْشٌ تَصْنَعُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ جُبَيْرٌ لَمْ يَشْهَدْ