اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ قَالَ أَلَيْسَتْ بِالْبَلْدَةِ الْحَرَامِ؟ قُلْنَا بَلَى قَالَ فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا إِلَى يَوْمِ تَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ أَلَا هَلْ بَلَّغْتُ؟ قَالُوا نَعَمْ قَالَ اللَّهُمَّ اشْهَدْ، فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ، فَلَا تَرْجِعُوا بَعْدِي كُفَّارًا يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ"
١٧٤٢ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ "قال النبي ﷺ بِمِنًى: أَتَدْرُونَ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ فَقَالَ فَإِنَّ هَذَا يَوْمٌ حَرَامٌ أَفَتَدْرُونَ أَيُّ بَلَدٍ هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ بَلَدٌ حَرَامٌ أَفَتَدْرُونَ أَيُّ شَهْرٍ هَذَا قَالُوا اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ شَهْرٌ حَرَامٌ قَالَ فَإِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا" وَقَالَ هِشَامُ بْنُ الْغَازِ أَخْبَرَنِي نَافِعٌ عَنْ ابْنِ عُمَرَ ﵄ وَقَفَ النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ بِهَذَا وَقَالَ: هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ فَطَفِقَ النَّبِيُّ ﷺ يَقُولُ اللَّهُمَّ اشْهَدْ وَوَدَّعَ النَّاسَ فَقَالُوا هَذِهِ حَجَّةُ الْوَدَاعِ"
[الحديث ١٧٤٢ - أطرافه في: ٤٤٠٣، ٦٠٤٣، ٦١٦٦، ٦٧٨٥، ٦٨٦٨، ٢٠٧٧]
قَوْلُهُ: (بَابُ الْخ طْبَةِ أَيَّامَ مِنًى) أَيْ مَشْرُوعِيَّتِهَا خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّهَا لَا تُشْرَعُ، وَأَحَادِيثُ الْبَابِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ إِلَّا حَدِيثُ جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ ثَانِي أَحَادِيثِ الْبَابِ، فَإِنَّ فِيهِ التَّقْيِيدَ بِالْخُطْبَةِ بِعَرَفَاتٍ، وَقَدْ أَجَابَ عَنْهُ ابْنُ الْمُنِيرِ كَمَا سَيَأْتِي.
وَأَيَّامُ مِنًى أَرْبَعَةٌ: يَوْمُ النَّحْرِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ التَّصْرِيحُ بِغَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَهُوَ الْمَوْجُودُ فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ، كَحَدِيثِ الْهِرْمَاسِ بْنِ زِيَادٍ، وَأَبِي أُمَامَةَ كِلَاهُمَا عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عِنْدَ أَحْمَدَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ النَّحْرِ، فَقَالَ: أَيُّ يَوْمٍ أَعْظَمُ حُرْمَةً؟ الْحَدِيثَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَفِيهِ ذِكْرُ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَأَمَّا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ ذَلِكَ بِمِنًى، فَهُوَ مُطْلَقٌ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، فَيَتَعَيَّنُ يَوْمَ النَّحْرِ، فَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ أَشَارَ إِلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ الْبَابِ كَمَا عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي حُرَّةَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عَمِّهِ، فَقَالَ: كُنْتُ آخِذًا بِزِمَامِ نَاقَةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَذُودُ عَنْهُ النَّاسَ. فَذَكَرَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ، فَقَوْلُهُ: فِي أَوْسَطِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ يَدُلُّ أَيْضًا عَلَى وُقُوعِ ذَلِكَ أَيْضًا فِي الْيَوْمِ الثَّانِي أَوِ الثَّالِثِ. وَفِي حَدِيثِ سَرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ: خَطَبَنَا النَّبِيُّ ﷺ يَوْمَ الرُّءوسِ، فَقَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ أَلَيْسَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ.
وَفِي الْبَابِ عَنْ كَعْبِ بْنِ عَاصِمٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَعَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ رَجُلَيْنِ مِنْ بَنِي بَكْرٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَعَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَمَّنْ سَمِعَ خُطْبَةَ النَّبِيِّ ﷺ عِنْدَ أَحْمَدَ، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ: أَرَادَ الْبُخَارِيُّ الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ لَا خُطْبَةَ فِيهِ لِلْحَاجِّ، وَأَنَّ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَبِيلِ الْوَصَايَا الْعَامَّةِ لَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ شِعَارِ الْحَجِّ، فَأَرَادَ الْبُخَارِيُّ أَنَّ يُبَيِّنَ أَنَّ الرَّاوِيَ قَدْ سَمَّاهَا خُطْبَةً كَمَا سَمَّى الَّتِي وَقَعَتْ فِي عَرَفَاتٍ خُطْبَةً، وَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَى مَشْرُوعِيَّةِ الْخُطْبَةِ بِعَرَفَاتٍ فَكَأَنَّهُ أَلْحَقَ الْمُخْتَلَفُ فِيهِ بِالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ. انْتَهَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَسَنَذْكُرُ نَقْلَ الِاخْتِلَافِ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute