للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَوْ فِي السِّيَاقِ حَذْفٌ تَقْدِيرُهُ: لَمَّا نَزَلَتِ الْآيَةُ ثُمَّ قَدِمْتُ فَأَسْلَمْتُ وَتَعَلَّمْتُ الشَّرَائِعَ عَمَدْتُ. وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ حَدِيثَهُ مِنْ طَرِيقِ مُجَالِدٍ بِلَفْظِ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللَّهِ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ فَقَالَ: صَلِّ كَذَا وَصُمْ كَذَا، فَإِذَا غَابَتِ الشَّمْسُ فَكُلْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ. قَالَ: فَأَخَذْتُ خَيْطَيْنِ، الْحَدِيثَ.

قَوْلُهُ: (إِلَى عِقَالٍ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ: حَبْلٍ، وَفِي رِوَايَةِ مُجَالِدٍ: فَأَخَذْتُ خَيْطَيْنِ مِنْ شَعْرٍ.

قَوْلُهُ: (فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَسْتَبِينُ لِي) فِي رِوَايَةِ مُجَالِدٍ: فَلَا أَسْتَبِينُ الْأَبْيَضَ مِنَ الْأَسْوَدِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ) زَادَ أَبُو عُبَيْدٍ: إِنَّ وِسَادَكَ إِذًا لَعَرِيضٌ، وَكَذَا لِأَحْمَدَ، عَنْ هُشَيْمٍ، وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ، عَنْ يُوسُفَ الْقَاضِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْ هُشَيْمٍ: قَالَ فَضَحِكَ وَقَالَ: إِنْ كَانَ وِسَادُكَ إِذًا لَعَرِيضًا وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ أَوْرَدَهَا الْمُصَنِّفُ فِي تَفْسِيرِ الْبَقَرَةِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عَوَانَةَ، عَنْ حُصَيْنٍ وَزَادَ: إِنْ كَانَ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ وَالْأَسْوَدُ تَحْتَ وِسَادَتِكَ وَفِي رِوَايَةِ أَبِي إِدْرِيسَ، عَنْ حُصَيْنٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ: إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ طَوِيلٌ وَلِلْمُصَنِّفِ فِي التَّفْسِيرِ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرٍ، عَنْ مُطَرِّفٍ، عَنْ الشَّعْبِيِّ: إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا وَلِأَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ، عَنْ مُطَرِّفٍ: فَضَحِكَ وَقَالَ: لَا يَا عَرِيضَ الْقَفَا.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي الْمَعَالِمِ فِي قَوْلِهِ: إِنَّ وِسَادَكَ لَعَرِيضٌ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا يُرِيدُ: إِنَّ نَوْمَكَ لَكَثِيرٌ، وَكَنَّى بِالْوِسَادَةِ عَنِ النَّوْمِ لِأَنَّ النَّائِمَ يَتَوَسَّدُ، أَوْ أَرَادَ: إِنَّ لَيْلَكَ لَطَوِيلٌ إِذَا كُنْتَ لَا تُمْسِكُ عَنِ الْأَكْلِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الْعِقَالُ، وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ كَنَّى بِالْوِسَادَةِ عَنِ الْمَوْضِعِ الَّذِي يَضَعُهُ مِنْ رَأْسِهِ وَعُنُقِهِ عَلَى الْوِسَادَةِ إِذَا نَامَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ عَرِيضُ الْقَفَا. إِذَا كَانَ فِيهِ غَبَاوَةٌ وَغَفْلَةٌ، وَقَدْ رُوِيَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ طَرِيقِ أُخْرَى: إِنَّكَ عَرِيضُ الْقَفَا وَجَزَمَ الزَّمَخْشَرِيُّ بِالتَّأْوِيلِ الثَّانِي فَقَالَ: إِنَّمَا عَرَّضَ النَّبِيُّ قَفَا عَدِيٍّ؛ لِأَنَّهُ غَفَلَ عَنِ الْبَيَانِ، وَعُرْضُ الْقَفَا مِمَّا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى قِلَّةِ الْفَطِنَةِ، وَأَنْشَدَ فِي ذَلِكَ شِعْرًا.

وَقَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ كَثِيرٌ مِنْهُمْ الْقُرْطُبِيُّ فَقَالَ: حَمَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ عَلَى الذَّمِّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ الْفَهْمِ، وَكَأَنَّهُمْ فَهِمُوا أَنَّهُ نَسَبَهُ إِلَى الْجَهْلِ وَالْجَفَاءِ وَعَدَمِ الْفِقْهِ، وَعَضَّدُوا ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: إِنَّكَ عَرِيضُ الْقَفَا وَلَيْسَ الْأَمْرُ عَلَى مَا قَالُوهُ؛ لِأَنَّ مَنْ حَمَلَ اللَّفْظَ عَلَى حَقِيقَتِهِ اللِّسَانِيَّةِ الَّتِي هِيَ الْأَصْلُ إِنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ دَلِيلُ التَّجَوُّزِ لَمْ يَسْتَحِقَّ ذَمًّا وَلَا يُنْسَبُ إِلَى جَهْلٍ، وَإِنَّمَا عَنَى - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - أَنَّ وِسَادَكَ إِنْ كَانَ يُغَطِّي الْخَيْطَيْنِ اللَّذَيْنِ أَرَادَ اللَّهُ فَهُوَ إِذًا عَرِيضٌ وَاسِعٌ، وَلِهَذَا قَالَ فِي أَثَرِ ذَلِكَ: إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: فَكَيْفَ يَدْخُلَانِ تَحْتَ وِسَادَتِكَ؟ وَقَوْلُهُ: إِنَّكَ لَعَرِيضُ الْقَفَا، أَيْ: إِنَّ الْوِسَادَ الَّذِي يُغَطِّي اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لَا يَرْقُدُ عَلَيْهِ إِلَّا قَفًا عَرِيضٌ لِلْمُنَاسَبَةِ.

قُلْتُ: وَتَرْجَمَ عَلَيْهِ ابْنُ حِبَّانَ ذِكْرُ الْبَيَانِ بِأَنَّ الْعَرَبَ تَتَفَاوَتُ لُغَاتُهَا وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ عَدِيًّا لَمْ يَكُنْ يَعْرِفُ فِي لُغَتِهِ أَنَّ سَوَادَ اللَّيْلِ وَبَيَاضَ النَّهَارِ يُعَبَّرُ عَنْهُمَا بِالْخَيْطِ الْأَسْوَدِ وَالْخَيْطِ الْأَبْيَضِ. وَسَاقَ هَذَا الْحَدِيثَ. قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ: فِي حَدِيثِ عَدِيٍّ جَوَازُ التَّوْبِيخِ بِالْكَلَامِ النَّادِرِ الَّذِي يَسِيرُ فَيَصِيرُ مَثَلًا بِشَرْطِ صِحَّةِ الْقَصْدِ وَوُجُودِ الشَّرْطِ عِنْدَ أَمْنِ الْغُلُوِّ فِي ذَلِكَ، فَإِنَّهُ مَزَلَّةُ الْقَدَمِ إِلَّا لِمَنْ عَصَمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.

الحديث الثاني: قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِيهِ، وَحَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ) كَذَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ شَيْخَيْنِ لَهُ، وَأَعَادَهُ فِي التَّفْسِيرِ عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ وَحْدَهُ، وَظَهَرَ مِنْ سِيَاقِهِ أَنَّ اللَّفْظَ هُنَا لِأَبِي غَسَّانَ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ، عَنِ الذُّهْلِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ عَنْ شَيْخَيْهِ، وَبَيَّنَ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ أَنَّ لَفْظَهُمَا وَاحِدٌ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَأَبُو عَوَانَةَ، وَالطَّحَاوِيُّ فِي آخَرِينَ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي غَسَّانَ وَحْدَهُ.

قَوْلُهُ: (فَكَانَ رِجَالٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ أَحَدٍ مِنْهُمْ، وَلَا يَحْسُنُ أَنْ يُفَسَّرَ بَعْضُهُمْ بِعَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ؛ لِأَنَّ قِصَّةَ عَدِيٍّ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْ ذَلِكَ كَمَا سَبَقَ وَيَأْتِي.

قَوْلُهُ: (رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ) فِي رِوَايَةِ