الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ كَانَ رُبَّمَا دَعَا بِالْغَدَاءِ فَلَا يَجِدُهُ، فَيَفْرِضُ عَلَيْهِ الصَّوْمَ ذَلِكَ الْيَوْمَ.
قَوْلُهُ: (وَفَعَلَهُ أَبُو طَلْحَةَ، وَأَبُو هُرَيْرَةَ، وَابْنُ عَبَّاسٍ، وَحُذَيْفَةُ) أَمَّا أَثَرُ أَبِي طَلْحَةَ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدٍ كِلَاهُمَا عَنْ أَنَسٍ، وَلَفْظُ قَتَادَةَ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ كَانَ يَأْتِي أَهْلَهُ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ غَدَاءٍ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا. صَامَ يَوْمَهُ ذَلِكَ قَالَ قَتَادَةُ: وَكَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ يَفْعَلُهُ، وَلَفْظُ حُمَيْدٍ نَحْوُهُ وَزَادَ: وَإِنْ كَانَ عِنْدَهُمْ أَفْطَرَ وَلَمْ يَذْكُرْ قِصَّةَ مُعَاذٍ. وَأَمَّا أَثَرُ أَبِي هُرَيْرَةَ فَوَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ، عَنْ حَمْزَةَ (١)، عَنْ يَحْيَى عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ قَالَ: رَأَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَطُوفُ بِالسُّوقِ، ثُمَّ يَأْتِي أَهْلَهُ فَيَقُولُ: عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ فَإِنْ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَأَنَا صَائِمٌ وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ آخَرَ فِيهِ انْقِطَاعٌ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، وَأَبَا طَلْحَةَ، فَذَكَرَ مَعْنَاهُ.
وَأَمَّا أَثَرُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَوَصَلَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَمْرٍو، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ: كَانَ يُصْبِحُ حَتَّى يُظْهِرَ ثُمَّ يَقُولُ: وَاللَّهِ لَقَدْ أَصْبَحْتُ وَمَا أُرِيدُ الصَّوْمَ، وَمَا أَكَلْتُ مِنْ طَعَامٍ وَلَا شَرَابٍ مُنْذُ الْيَوْمَ، وَلَأَصُومَنَّ يَوْمِي هَذَا وَأَمَّا أَثَرُ حُذَيْفَةَ فَوَصَلَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: مَنْ بَدَا لَهُ الصِّيَامُ بَعْدَ مَا تَزُولُ الشَّمْسُ فَلْيَصُمْ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ: أَنَّ حُذَيْفَةَ بَدَا لَهُ فِي الصَّوْمِ بَعْدَ مَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَامَ وَقَدْ جَاءَ نَحْوُ مَا ذَكَرْنَا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ مَرْفُوعًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ مِنْ طَرِيقِ طَلْحَةَ بْنِ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ بِنْتِ طَلْحَةَ، وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟ قُلْنَا: لَا. قَالَ: فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ الْحَدِيثَ. وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَالطَّيَالِسِيُّ مِنْ طَرِيقِ سِمَاكٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ وَلَمْ يُسَمِّ النَّسَائِيُّ، عِكْرِمَةَ. قَالَ النَّوَوِيُّ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ دَلِيلٌ لِلْجُمْهُورِ فِي أَنَّ صَوْمَ النَّافِلَةِ يَجُوزُ بِنِيَّةٍ فِي النَّهَارِ قَبْلَ زَوَالِ الشَّمْسِ، وَتَأَوَّلَهُ الْآخَرُونَ عَلَى أَنَّ سُؤَالَهُ: هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ لِكَوْنِهِ كَانَ نَوَى الصَّوْمَ مِنَ اللَّيْلِ ثُمَّ ضَعُفَ عَنْهُ وَأَرَادَ الْفِطْرَ لِذَلِكَ. قَالَ وَهُوَ تَأْوِيلٌ فَاسِدٌ وَتَكَلُّفٌ بَعِيدٌ.
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: اخْتَلَفُوا فِيمَنْ أَصْبَحَ يُرِيدُ الْإِفْطَارَ، ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَصُومَ تَطَوُّعًا. فَقَالَتْ طَائِفَةٌ: لَهُ أَنْ يَصُومَ مَتَى بَدَا لَهُ، فَذَكَرَ عَمَّنْ تَقَدَّمَ، وَزَادَ ابْنَ مَسْعُودٍ، وَأَبَا أَيُّوبَ وَغَيْرَهُمَا، وَسَاقَ ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ إِلَيْهِمْ. قَالَ وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، قَالَ: وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: لَا يَصُومُ تَطَوُّعًا حَتَّى يُجْمِعَ مِنَ اللَّيْلِ أَوْ يَتَسَحَّرَ وَقَالَ مَالِكٌ فِي النَّافِلَةِ: لَا يَصُومُ إِلَّا أَنْ يُبَيِّتَ، إِلَّا إِنْ كَانَ يَسْرُدُ الصَّوْمَ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّبْيِيتِ وَقَالَ أَهْلُ الرَّأْيِ: مَنْ أَصْبَحَ مُفْطِرًا ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَصُومَ قَبْلَ مُنْتَصَفِ النَّهَارِ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ بَدَا لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الزَّوَالِ لَمْ يُجْزِهِ. قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالَّذِي نَقَلَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ، عَنْ الشَّافِعِيِّ مِنَ الْجَوَازِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ هُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ لِلشَّافِعِيِّ، وَالَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ فِي مُعْظَمِ كُتُبِهِ التَّفْرِقَةُ، وَالْمَعْرُوفُ عَنْ مَالِكٍ، وَاللَّيْثِ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ صِيَامُ التَّطَوُّعِ إِلَّا بِنِيَّةٍ مِنَ اللَّيْلِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ) فِي رِوَايَةِ يَحْيَى وَهُوَ الْقَطَّانُ: عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ الْأَكْوَعِ كَمَا سَيَأْتِي فِي خَبَرِ الْوَاحِدِ.
قَوْلُهُ: (أنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَ رَجُلًا يُنَادِي فِي النَّاسِ) فِي رِوَايَةِ يَحْيَى: قَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَسْلَمَ: أَذِّنْ فِي قَوْمِكَ وَاسْمُ هَذَا الرَّجُلِ هِنْدُ بْنُ أَسْمَاءَ بْنِ حَارِثَةَ الْأَسْلَمِيُّ لَهُ وَلِأَبِيهِ وَلِعَمِّهِ هِنْدِ بْنِ حَارِثَةَ صُحْبَةٌ، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ حَبِيبِ بْنِ هِنْدِ بْنِ أَسْمَاءَ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: بَعَثَنِي النَّبِيُّ ﷺ
(١) في طبعة البولاق: قوله من حمزة " في نسخة "من عمر بن نجيح" وفي أخرى "عن عثمان بن نجيح "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute