للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمُحْتَمَلَاتِ كَمَا فِي حَدِيثِ الْبَابِ. وَقَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ: هَذِهِ الْقِصَّةُ تُشْعِرُ بِأَنَّ مَنِ اتَّفَقَ لَهُ مِثْلُ مَا اتَّفَقَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَنَّهُ يُسَاوِيهِ فِي الْحُكْمِ; وَأَمَّا مَنْ سَلِمَ مِنْ ذَلِكَ وَنَحْوِهِ فَهُوَ فِي جَوَازِ الصَّوْمِ عَلَى أَصْلِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَحَمَلَ الشَّافِعِيُّ نَفْيَ الْبِرِّ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ عَلَى مَنْ أَبَى قَبُولَ الرُّخْصَةِ فَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهِ: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ أَنْ يَبْلُغَ رَجُلٌ هَذَا بِنَفْسِهِ فِي فَرِيضَةِ صَوْمٍ وَلَا نَافِلَةٍ، وَقَدْ أَرْخَصَ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ أَنْ يُفْطِرَ وَهُوَ صَحِيحٌ، قَالَ: وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ: لَيْسَ مِنَ الْبِرِّ الْمَفْرُوضِ الَّذِي مَنْ خَالَفَهُ أَثِمَ، وَجَزَمَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَغَيْرُهُ بِالْمَعْنَى الْأَوَّلِ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: الْمُرَادُ بِالْبِرِّ هُنَا الْبِرُّ الْكَامِلُ الَّذِي هُوَ أَعْلَى مَرَاتِبِ الْبِرِّ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ إِخْرَاجَ الصَّوْمِ فِي السَّفَرِ عَنْ أَنْ يَكُونَ بِرًّا؛ لِأَنَّ الْإِفْطَارَ قَدْ يَكُونُ أَبَرَّ مِنَ الصَّوْمِ إِذَا كَانَ لِلتَّقَوِّي عَلَى لِقَاءِ الْعَدُوِّ مَثَلًا، قَالَ: وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ Object: لَيْسَ الْمِسْكِينُ بِالطَّوَّافِ الْحَدِيثَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُرِدْ إِخْرَاجَهُ مِنْ أَسْبَابِ الْمَسْكَنَةِ كُلِّهَا، وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّ الْمِسْكِينَ الْكَامِلَ الْمَسْكَنَةِ الَّذِي لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيهِ، وَيَسْتَحْيِي أَنْ يَسْأَلَ، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَنْصَارِيُّ) عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ غُنْدَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي: ابْنَ سَعْدٍ، وَلِأَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، يَعْنِي: ابْنَ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ.

قَوْلُهُ: (سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَمْرٍو. . . إِلَخْ) أَدْخَلَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَابِرٍ، مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَسَنِ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْهُ، وَاخْتُلِفَ فِي حَدِيثِهِ عَلَى يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ شُعَيْبِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَذَكَرَهُ، قَالَ النَّسَائِيُّ: هَذَا خَطَأٌ، ثُمَّ سَاقَهُ مِنْ طَرِيقِ الْفِرْيَابِيِّ، عَنِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي مَنْ سَمِعَ جَابِرًا، وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ الْمُبَارَكِ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ رَجُلٍ عَنْ جَابِرٍ ثُمَّ قَالَ: ذِكْرُ تَسْمِيَةِ هَذَا الرَّجُلِ الْمُبْهَمِ، فَسَاقَ طَرِيقَ شُعْبَةَ ثُمَّ قَالَ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ، يَعْنِي: إِدْخَالَ رَجُلٍ بَيْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَجَابِرٍ، وَتَعَقَّبَهُ الْمِزِّيُّ فَقَالَ: ظَنَّ النَّسَائِيُّ أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخَ شُعْبَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخُ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ فِيهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ شَيْخَ يَحْيَى هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ وَشَيْخَ شُعْبَةَ هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ اهـ.

وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ فِي نَظَرِي أَنَّ الصَّوَابَ مَعَ النَّسَائِيِّ؛ لِأَنَّ مُسْلِمًا لَمَّا رَوَى الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ فِي آخِرِهِ: قَالَ شُعْبَةُ كَانَ بَلَغَنِي هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ أَنَّهُ كَانَ يَزِيدُ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَلَمَّا سَأَلْتُهُ لَمْ يَحْفَظْهُ اهـ. وَالضَّمِيرُ فِي سَأَلْتُ يَرْجِعُ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخِ يَحْيَى؛ لِأَنَّ شُعْبَةَ لَمْ يَلْقَ يَحْيَى فَدَلَّ عَلَى أَنَّ شُعْبَةَ أَخْبَرَ أَنَّهُ كَانَ يُبَلِّغُهُ عَنْ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ جَابِرٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ زِيَادَةٌ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا لَقِيَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ شَيْخَ يَحْيَى سَأَلَهُ عَنْهَا فَلَمْ يَحْفَظْهَا. وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ، عَنْ يَحْيَى أَنَّهُ نَسَبَ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فَقَالَ فِيهِ ابْنُ ثَوْبَانَ فَهُوَ الَّذِي اعْتَمَدَهُ الْمِزِّيُّ، لَكِنْ جَزَمَ أَبُو حَاتِمٍ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُهُ فِي الْعِلَلِ بِأَنَّ مَنْ قَالَ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ فَقَدْ وَهَمَ، وَإِنَّمَا هُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدٍ اهـ. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْأَوْزَاعِيِّ، وَجُلُّ الرُّوَاةِ عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَا يَذْكُرُونَ جَدَّهُ وَلَا جَدَّ جَدِّهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ Object فِي سَفَرٍ) تَبَيَّنَ مِنْ رِوَايَةِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَابِرٍ أَنَّهَا غَزْوَةُ الْفَتْحِ، وَلِابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ سَافَرْنَا مَعَ النَّبِيِّ Object فِي رَمَضَانَ فَذَكَرَ نَحْوَهُ.

قَوْلُهُ: (وَرَجُلًا قَدْ ظُلِّلَ عَلَيْهِ) فِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ الْمَذْكُورَةِ: فَشَقَّ عَلَى رَجُلٍ الصَّوْمُ فَجَعَلَتْ رَاحِلَتُهُ تَهِيمُ بِهِ تَحْتَ الشَّجَرَةِ، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ Object بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُفْطِرَ الْحَدِيثَ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ،