للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يَفْعَلُ ذَلِكَ النَّصَارَى، وَلَكِنْ صُومُوا كَمَا أَمَرَكُمُ اللَّهُ تَعَالَى، أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ فَإِذَا كَانَ اللَّيْلُ فَأَفْطِرُوا لَفْظُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَرَوَى هُوَ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ التَّابِعِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الْوِصَالِ فِي الصِّيَامِ فَقَالَ: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ فَإِذَا جَاءَ اللَّيْلُ فَهُوَ مُفْطِرٌ.

وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَفَعَهُ قَالَ: لَا صِيَامَ بَعْدَ اللَّيْلِ أَيْ: بَعْدَ دُخُولِ اللَّيْلِ، ذَكَرَهُ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ مَا عَرَفْتَهُ فَلَا يَصِحُّ، وَإِنْ كَانَ بَقِيَّةُ رِجَالِهِ ثِقَاتٍ وَمُعَارِضُهُ أَصَحُّ مِنْهُ كَمَا سَأَذْكُرُهُ، وَلَوْ صَحَّتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ لَمْ يَكُنْ لِلْوِصَالِ مَعْنًى أَصْلًا، وَلَا كَانَ فِي فِعْلِهِ قُرْبَةٌ، وَهَذَا خِلَافُ مَا تَقْتَضِيهِ الْأَحَادِيثُ الصَّحِيحَةُ مِنْ فِعْلِ النَّبِيِّ ، وَإِنْ كَانَ الرَّاجِحُ أَنَّهُ مِنْ خَصَائِصِهِ.

قَوْلُهُ: (وَنَهَى النَّبِيُّ أَيْ: أَصْحَابَهُ (عَنْهُ) أَيْ: عَنِ الْوِصَالِ (رَحْمَةً لَهُمْ وَإِبْقَاءً عَلَيْهِمْ)، وَهَذَا الْحَدِيثُ قَدْ وَصَلَهُ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الْبَابِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ بِلَفْظِ: نَهَى النَّبِيُّ عَنِ الْوِصَالِ رَحْمَةً لَهُمْ وَأَمَّا قَوْلُهُ: وَإِبْقَاءً عَلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ رَجُلٍ مِنَ الصَّحَابَةِ قَالَ: نَهَى النَّبِيُّ عَنِ الْحِجَامَةِ وَالْمُوَاصَلَةِ وَلَمْ يُحَرِّمْهُمَا إِبْقَاءً عَلَى أَصْحَابِهِ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ كَمَا تَقَدَّمَ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ فِي بَابِ الْحِجَامَةِ لِلصَّائِمِ وَهُوَ يُعَارِضُ حَدِيثَ أَبِي ذَرٍّ الْمَذْكُورَ قَبْلُ.

قَوْلُهُ: (وَمَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ) هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: الْوِصَالُ أَيْ: بَابُ ذِكْرِ الْوِصَالِ، وَذِكْرِ مَا يُكْرَهُ مِنَ التَّعَمُّقِ، وَالتَّعَمُّقُ الْمُبَالَغَةُ فِي تَكَلُّفِ مَا لَمْ يُكَلَّفْ بِهِ، وَعُمْقُ الْوَادِي قَعْرُهُ، كَأَنَّهُ يُشِيرُ إِلَى مَا أَخْرَجَهُ فِي كِتَابِ التَّمَنِّي مِنْ طَرِيقِ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ فِي قِصَّةِ الْوِصَالِ فَقَالَ : لَوْ مُدَّ بِيَ الشَّهْرُ لَوَاصَلْتُ وِصَالًا يَدَعُ الْمُتَعَمِّقُونَ تَعَمُّقَهُمْ. وَسَيَأْتِي فِي الْبَابِ الَّذِي بَعْدَهُ فِي آخِرِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ: اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ. ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَرْبَعَةَ أَحَادِيثَ: أَحَدُهَا حَدِيثُ أَنَسٍ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ عَنْهُ، وَيَحْيَى الْمَذْكُورُ فِي الْإِسْنَادِ هُوَ الْقَطَّانُ.

قَوْلُهُ: (لَا تُوَاصِلُوا) فِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، عَنْ شُعْبَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ: إِيَّاكُمْ وَالْوِصَالَ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ هَمَّامٍ، عَنْ قَتَادَةَ: نَهَى النَّبِيُّ عَنِ الْوِصَالِ.

قَوْلُهُ: (قَالُوا: إِنَّكَ تُوَاصِلُ) كَذَا فِي أَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْآتِيَةِ فِي أَوَّلِ الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَكَأَنَّ الْقَائِلَ وَاحِدٌ وَنَسَبَ الْقَوْلَ إِلَى الْجَمِيعِ لِرِضَاهُمْ بِهِ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَسْمِيَةِ الْقَائِلِ فِي شَيْءٍ مِنَ الطُّرُقِ.

قَوْلُهُ: (لَسْتُ كَأَحَدٍ مِنْكُمْ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: كَأَحَدِكُمْ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ: لَسْتُ مِثْلَكُمْ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ: لَسْتُ كَهَيْئَتِكُمْ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: لَسْتُمْ فِي ذَلِكَ مِثْلِي وَنَحْوُهُ فِي مُرْسَلِ الْحَسَنِ عِنْدَ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَابِ بَعْدَهُ: وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟ وَهَذَا الِاسْتِفْهَامُ يُفِيدُ التَّوْبِيخَ الْمُشْعِرَ بِالِاسْتِبْعَادِ، وَقَوْلُهُ: مِثْلِي أَيْ: عَلَى صِفَتِي أَوْ مَنْزِلَتِي مِنْ رَبِّي.

قَوْلُهُ: (إِنِّي أُطْعَمُ وَأُسْقَى، أَوْ إِنِّي أَبِيتُ أُطْعَمُ وَأُسْقَى) هَذَا الشَّكُّ مِنْ شُعْبَةَ، وَقَدْ رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنْ بَهْزٍ عَنْهُ بِلَفْظِ: إِنَى أَظَلُّ - أَوْ قَالَ - إِنِّي أَبِيتُ وَقَدْ رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ بِلَفْظِ: إِنَّ رَبِّي يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِي أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَقَدْ رَوَاهُ ثَابِت عَنْ أَنَسٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ التَّمَنِّي بِلَفْظِ: إِنِّي أَظَلُّ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِي وَبَيَّنَ فِي رِوَايَتِهِ سَبَبَ الْحَدِيثِ وَهُوَ أَنَّهُ وَاصَلَ فِي آخِرِ الشَّهْرِ فَوَاصَلَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، فَبَلَغَهُ ذَلِكَ. وَسَيَأْتِي نَحْوُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ. ثَانِي الْأَحَادِيثِ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ، أَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ، عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (نَهَى رَسُولُ اللَّهِ عَنِ الْوِصَالِ) تَقَدَّمَ فِي بَابِ بَرَكَةِ السُّحُورِ مِنْ غَيْرِ إِيجَابٍ مِنْ طَرِيقِ جُوَيْرِيَّةَ، عَنْ نَافِعٍ ذِكْرُ السَّبَبِ أَيْضًا وَلَفْظُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ وَاصَلَ فَوَاصَلَ النَّاسُ، فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَنَهَاهُمْ وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو قُرَّةَ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ نَافِعٍ ; وَأَخْرَجَهُ