مُنْذُ بِضْعٍ وَمِائَةِ سَنَةٍ، وَعَنْ مَالِكٍ سِتًّا وَأَرْبَعِينَ وَثَلَاثَ الْوِتْرِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ، وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ، عَنِ الْعُمَرِيِّ عَنْ نَافِعٍ قَالَ: لَمْ أُدْرِكِ النَّاسَ إِلَّا وَهُمْ يُصَلُّونَ تِسْعًا وَثَلَاثِينَ يُوتِرُونَ مِنْهَا بِثَلَاثٍ، وَعَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي بِهِمْ بِالْبَصْرَةِ أَرْبَعًا وَثَلَاثِينَ وَيُوتِرُ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَرْبَعًا وَعِشْرِينَ، وَقِيلَ: سِتَّ عَشْرَةَ غَيْرَ الْوِتْرِ. رَوَى عَنْ أَبِي مِجْلَزٍ عِنْدَ مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ، وَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ عَنْ جَدِّهِ السَّائِبِ ابْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي زَمَنَ عُمَرَ فِي رَمَضَانَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَهَذَا أَثْبَتُ مَا سَمِعْتُ فِي ذَلِكَ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي صَلَاةِ النَّبِيِّ ﷺ مِنَ اللَّيْلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ ابْنُ أَبِي أُوَيْسٍ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ) هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُقْتَصِرًا عَلَى شَيْءٍ مِنْ أَوَّلِهِ وَشَيْءٍ مِنْ آخِرِهِ، وَقَدْ أَوْرَدَهُ تَامًّا فِي أَبْوَابِ التَّهَجُّدِ بِلَفْظِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ صَلَّى ذَاتَ لَيْلَةٍ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلَّى بِصَلَاتِهِ نَاسٌ. فَذَكَرَ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ: خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ وَذَلِكَ فِي رَمَضَانَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ مُسْتَوْفًى هُنَاكَ.
قَوْلُهُ: (خَشِيتُ أَنْ تُفْرَضَ عَلَيْكُمْ) قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ فِي الْحَاشِيَةِ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ الشُّرُوعَ مُلْزِمٌ إِذْ لَا تَظْهَرُ مُنَاسَبَةٌ بَيْنَ كَوْنِهِمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَيُفْرَضَ عَلَيْهِمْ إِلَّا ذَلِكَ. انْتَهَى. وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ الظُّهُورِ اقْتِدَارَهُمْ عَلَى ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ فَيُفْرَضُ عَلَيْهِمْ.
قَوْلُهُ فِي آخِرِ طَرِيقِ عُقَيْلٍ (فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ) هَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ كَمَا بَيَّنْتُهُ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ.
قَوْلُهُ: (مَا كَانَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ. . . إِلَخْ) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ مُسْتَوْفًى فِي أَبْوَابِ التَّهَجُّدِ، وَأَمَّا مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُصَلِّي فِي رَمَضَانَ عِشْرِينَ رَكْعَةً وَالْوِتْرَ فَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ، وَقَدْ عَارَضَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ هَذَا الَّذِي فِي الصَّحِيحَيْنِ مَعَ كَوْنِهَا أَعْلَمَ بِحَالِ النَّبِيِّ ﷺ لَيْلًا مِنْ غَيْرِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute