للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَرَوَى سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ حَكِيمٍ: رَأَيْتُ ابْنَ عُمَرَ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ بَعِيرًا فَأَخْرَجَ ثَمَنَهُ فَوَضَعَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَخَيَّرَهُ بَيْنَ بَعِيرِهِ وَبَيْنَ الثَّمَنِ.

قَوْلُهُ: (وَشُرَيْحٌ، وَالشَّعْبِيُّ) أَيْ: قَالَا بِخِيَارِ الْمَجْلِسِ، وَهَذَا وَصَلَه سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ هُشَيْمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ: سَمِعْتُ أَبَا الضُّحَى يُحَدِّثُ أَنَّهُ شَهِدَ شُرَيْحًا وَاخْتَصَمَ إِلَيْهِ رَجُلَانِ اشْتَرَى أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ دَارًا بِأَرْبَعَةِ آلَافٍ فَأَوْجَبَهَا لَهُ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فِي بَيْعِهَا قَبْلَ أَنْ يُفَارِقَ صَاحِبَهَا فَقَالَ لِي: لَا حَاجَةَ لِي فِيهَا. فَقَالَ الْبَائِعُ: قَدْ بِعْتُكَ فَأَوْجَبْتُ لَكَ. فَاخْتَصَمَا إِلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ: هُوَ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا. قَالَ مُحَمَّدٌ: وَشَهِدْتُ الشَّعْبِيَّ قَضَى بِذَلِكَ.

وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا وَعَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ أُتِيَ فِي رَجُلٍ اشْتَرَى مِنْ رَجُلٍ بِرْذَوْنًا فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا فَقَضَى الشَّعْبِيُّ أَنَّهُ قَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، فَشَهِدَ عِنْدَهُ أَبُو الضُّحَى أَنَّ شُرَيْحًا أُتِيَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ فَرَدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ، فَرَجَعَ الشَّعْبِيُّ إِلَى قَوْلِ شُرَيْحٍ.

قَوْلُهُ: (وَطَاوُسٌ) قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: خَيَّرَ رَسُولُ اللَّهِ رَجُلًا بَعْدَ الْبَيْعِ قَالَ: وَكَانَ أَبِي يَحْلِفُ مَا الْخِيَارُ إِلَّا بَعْدَ الْبَيْعِ.

قَوْلُهُ: (وَعَطَاءٌ، وَابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ) وَصَلَهَا ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ رُفَيْعٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، وَعَطَاءٍ قَالَا: الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا عَنْ رِضًا. وَنَقَلَ ابْنُ الْمُنْذِرِ الْقَوْلَ بِهِ أَيْضًا عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَالزُّهْرِيِّ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ، وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَابْنِ جُرَيْجٍ وَغَيْرِهِمْ، وَبَالَغَ ابْنُ حَزْمٍ فَقَالَ: لَا نَعْلَمُ لَهُمْ مُخَالِفًا مِنَ التَّابِعِينَ إِلَّا النَّخَعِيَّ وَحْدَهُ وَرِوَايَةً مَكْذُوبَةً عَنْ شُرَيْحٍ، وَالصَّحِيحُ عَنْهُ الْقَوْلُ بِهِ، وَأَشَارَ إِلَى مَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ شُرَيْحٍ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ الرَّجُلُ بِالْبَيْعِ فَقَدْ وَجَبَ الْبَيْعُ، وَإِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ لِأَجْلِ حَجَّاجٍ وَهُوَ ابْنُ أَرْطَاةَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ) قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: لَمْ أَرَهُ مَنْسُوبًا فِي شَيْءٍ مِنَ الرِّوَايَاتِ، وَلَعَلَّهُ إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، فَإِنَّ مُسْلِمًا رَوَى عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ حَبَّانَ بْنِ هِلَالٍ. قُلْتُ: قَدْ رَأَيْتُهُ مَنْسُوبًا فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ شَبَّوَيْهِ، عَنِ الْفَرَبْرِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنَ مَنْصُورٍ، وَلَمْ أَرَهُ فِي مُسْنَدِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ حَبَّانَ، فَقَوَّى مَا قَالَ أَبُو عَلِيٍّ ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَبَا نُعَيْمٍ اسْتَخْرَجَهُ مِنْ طَرِيقِ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ، عَنْ حَبَّانَ، وَقَالَ: أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ إِسْحَاقَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (حَبَّانَ بْنَ هِلَالٍ) هُوَ بِفَتْحِ الْحَاءِ بَعْدَهَا مُوَحَّدَةٌ ثَقِيلَةٌ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا شُعْبَةُ) سَيَأْتِي بَعْدَ بَابٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ عَنْ هَمَّامٍ بَدَلَ شُعْبَةَ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ حَبَّانَ عَنْ شَيْخَيْنِ حَدَّثَاهُ بِهِ عَنْ شَيْخٍ وَاحِدٍ.

قَوْلُهُ: (مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا) فِي رِوَايَةِ هَمَّامٍ الْمَاضِيَةِ قَبْلَ بَابٍ مَا لَمْ يَفْتَرِقَا وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَعَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا مَا لَمْ يُفَارِقْهُ صَاحِبُهُ فَإِنْ فَارَقَهُ فَلَا خِيَارَ لَهُ وَقَدِ اخْتَلَفَ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَتَفَرَّقَا بِالْأَبْدَانِ هَلْ لِلتَّفَرُّقِ الْمَذْكُورِ حَدٌّ يُنْتَهَى إِلَيْهِ؟ وَالْمَشْهُورُ الرَّاجِحُ مِنْ مَذْهَبِ الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ مَوْكُولٌ إِلَى الْعُرْفِ، فَكُلُّ مَا عُدَّ فِي الْعُرْفِ تَفَرُّقًا حُكِمَ بِهِ وَمَا لَا فَلَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا) أَيْ: صَدَقَ الْبَائِعُ فِي إِخْبَارِ الْمُشْتَرِي مَثَلًا وَبَيَّنَ الْعَيْبَ إِنْ كَانَ فِي السِّلْعَةِ، وَصَدَقَ الْمُشْتَرِي فِي قَدْرِ الثَّمَنِ مَثَلًا وَبَيَّنَ الْعَيْبَ إِنْ كَانَ فِي الثَّمَنِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الصِّدْقُ وَالْبَيَانُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، وَذِكْرُ أَحَدِهِمَا تَأْكِيدٌ لِلْآخَرِ.

قَوْلُهُ: (مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا) يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِ، وَأَنَّ شُؤْمَ التَّدْلِيسِ وَالْكَذِبِ وَقَعَ فِي ذَلِكَ الْعَقْدِ فَمَحَقَ بَرَكَتَهُ، وَإِنْ كَانَ الصَّادِقُ مَأْجُورًا وَالْكَاذِبُ مَأْزُورًا. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُخْتَصًّا بِمَنْ وَقَعَ مِنْهُ التَّدْلِيسُ، وَالْعَيْبُ دُونَ الْآخَرِ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ أَبِي جَمْرَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ فَضْلُ الصِّدْقِ وَالْحَثُّ عَلَيْهِ وَذَمُّ الْكَذِبِ وَالْحَثُّ عَلَى مَنْعِهِ، وَأَنَّهُ سَبَبٌ لِذَهَابِ الْبَرَكَةِ، وَأَنَّ عَمَلَ الْآخِرَةِ يُحَصِّلُ خَيْرَيِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.

قَوْلُهُ: (إِلَّا بَيْعَ الْخِيَارِ) أَيْ: فَلَا