أَبِي وَحْشِيَّةَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ أَكْثَرَ مِنِ اسْمِهِ كَأَبِيهِ اسْمُهُ إِيَاسٌ وَهُوَ مَشْهُورٌ بِكُنْيَتِهِ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ) هُوَ النَّاجِيُّ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي آخِرِ الْبَابِ تَصْرِيحَ أَبِي بِشْرٍ بِالسَّمَاعِ مِنْهُ، وَتَابَعَ أَبَا عَوَانَةَ عَلَى هَذَا الْإِسْنَادِ شُعْبَةُ كَمَا فِي آخِرِ الْبَابِ، وَهُشَيْمٌ كَمَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ وَخَالَفَهُمُ الْأَعْمَشُ فَرَوَاهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي وَحْشِيَّةَ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ، جَعَلَ بَدَلَ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ، أَبَا نَضْرَةَ، أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِ قِهِ، فَأَمَّا التِّرْمِذِيُّ فَقَالَ: طَرِيقُ شُعْبَةَ أَصَحُّ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، وَقَالَ ابْنُ مَاجَهْ: إِنَّهَا الصَّوَابُ، وَرَجَّحَهَا الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ وَلَمْ يُرَجِّحْ فِي السُّنَنِ شَيْئًا وَكَذَا النَّسَائِيُّ، وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ فِي نَقْدِي أَنَّ الطَّرِيقَيْنِ مَحْفُوظَانِ لِاشْتِمَالِ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ عَلَى زِيَادَاتٍ فِي الْمَتْنِ لَيْسَتْ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ وَمَنْ تَابَعَهُ، فَكَأَنَّهُ كَانَ عِنْدَ أَبِي بِشْرٍ عَنْ شَيْخَيْنِ، فَحَدَّثَ بِهِ تَارَةً عَنْ هَذَا وَتَارَةً عَنْ هَذَا، وَلَمْ يُصِبِ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي دَعْوَاهُ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مُضْطَرِبٌ، فَقَدْ رَوَاهُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ أَيْضًا مَعْبَدُ بْنُ سِيرِينَ كَمَا سَيَأْتِي فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ قَتَّةَ وَهُوَ بِفَتْحِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْمُثَنَّاةِ كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، والدَّارَقُطْنِيُّ، وَسَأَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَاتِهِمْ مِنَ الْفَوَائِدِ.
قَوْلُهُ: (انْطَلَقَ نَفَرٌ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ أَحَدٍ مِنْهُمْ سِوَى أَبِي سَعِيدٍ، وَلَيْسَ فِي سِيَاقِ هَذِهِ الطَّرِيقِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ السَّفَرَ كَانَ فِي جِهَادٍ، لَكِنْ فِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ بَعَثَهُمْ. وَفِي رِوَايَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ قَتَّةَ عِنْدَ أَحْمَدَ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَعْثًا. زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيهِ: بَعَثَ سَرِيَّةً عَلَيْهَا أَبُو سَعِيدٍ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ هَذِهِ السَّرِيَّةِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْمَغَازِي، بَلْ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِذِكْرِهَا أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى تَعْيِينِ الْحَيِّ الَّذِينَ نَزَلُوا بِهِمْ مِنْ أَيِّ: الْقَبَائِلِ هُمْ.
قَوْلُهُ: (فَاسْتَضَافُوهُمْ) أَيْ: طَلَبُوا مِنْهُمُ الضِّيَافَةَ، وَفِي رِوَايَةِ الْأَعْمَشِ عِنْدَ غَيْرِ التِّرْمِذِيِّ: بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثِينَ رَجُلًا، فَنَزَلْنَا بِقَوْمٍ لَيْلًا فَسَأَلْنَاهُمُ الْقِرَى فَأَفَادَتْ عَدَدَ السَّرِيَّةِ وَوَقْتَ النُّزُولِ كَمَا أَفَادَتْ رِوَايَةُ الدَّارَقُطْنِيِّ تَعْيِينَ أَمِيرِ السَّرِيَّةِ، وَالْقِرَى - بِكَسْرِ الْقَافِ مَقْصُورٌ -: الضِّيَافَةُ.
قَوْلُهُ: (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُمْ) بِالتَّشْدِيدِ لِلْأَكْثَرِ وَبِكَسْرِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ مُخَفَّفًا.
قَوْلُهُ: (فَلُدِغَ) بِضَمِّ اللَّامِ عَلَى الْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَاللَّدْغُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَهُوَ اللَّسْعُ وَزْنًا وَمَعْنًى، وَأَمَّا اللَّذْعُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَهُوَ الْإِحْرَاقُ الْخَفِيفُ، وَاللَّدْغُ الْمَذْكُورُ فِي الْحَدِيثِ هُوَ ضَرْبُ ذَاتِ الْحُمَّةِ مِنْ حَيَّةٍ أَوْ عَقْرَبٍ وَغَيْرِهِمَا، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْعَقْرَبِ. وَقَدْ أَفَادَتْ رِوَايَةُ الْأَعْمَشِ تَعْيِينُ الْعَقْرَبِ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ هُشَيْمٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ أَنَّهُ مُصَابٌ فِي عَقْلِهِ أَوْ لَدِيغٌ فَشَكٌّ مِنْ هُشَيْمٍ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبَاقُونَ فَلَمْ يَشُكُّوا فِي أَنَّهُ لَدِيغٌ، وَلَا سِيَّمَا تَصْرِيحَ الْأَعْمَشِ بِالْعَقْرَبِ، وَكَذَلِكَ مَا سَيَأْتِي فِي فَضَائِلِ الْقُرْآنِ مِنْ طَرِيقِ مَعْبَدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي سَعِيدَ بِلَفْظِ: إِنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ، وَكَذَا فِي الطِّبِّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ سَيِّدَ الْحَيِّ سَلِيمٌ، وَالسَّلِيمُ هُوَ اللَّدِيغُ نَعَمْ، وَقَعَتْ لِلصَّحَابَةِ قِصَّةٌ أُخْرَى فِي رَجُلٍ مُصَابٍ بِعَقْلِهِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ بَعْضُهُمْ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ فَبَرَأَ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ خَارِجَةَ بْنِ الصَّلْتِ عَنْ عَمِّهِ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ وَعِنْدَهُمْ رَجُلٌ مَجْنُونٌ مُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ، فَقَالُوا: إِنَّكَ جِئْتَ مِنْ عِنْدِ هَذَا الرَّجُلِ بِخَيْرٍ، فَارْقِ لَنَا هَذَا الرَّجُلَ الْحَدِيثَ. فَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا قِصَّتَانِ، لَكِنَّ الْوَاقِعَ فِي قِصَّةِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ لَدِيغٌ.
قَوْلُهُ: (فَسَعَوْا لَهُ بِكُلِّ شَيْءٍ) أَيْ: مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ أَنْ يُتَدَاوَى بِهِ مِنْ لَدْغَةِ الْعَقْرَبِ، كَذَا لِلْأَكْثَرِ مِنَ السَّعْيِ أَيْ: طَلَبُوا لَهُ مَا يُدَاوِيهِ، وللْكُشْمِيهَنِيِّ فَشَفَوْا بِالْمُعْجَمَةِ وَالْفَاءِ وَعَلَيْهِ شَرْحُ الْخَطَّابِيِّ فَقَالَ: مَعْنَاهُ طَلَبُوا الشِّفَاءَ، تَقُولُ: شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي، أَيْ: أَبْرَأَهُ وَشَفَى لَهُ الطَّبِيبُ أَيْ: عَالَجَهُ بِمَا يَشْفِيهِ أَوْ وَصَفَ لَهُ مَا فِيهِ الشِّفَاءُ، لَكِنِ ادَّعَى ابْنُ التِّينِ أَنَّهَا تَصْحِيفٌ.
قَوْلُهُ: (لَوْ أَتَيْتُمْ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ). قَالَ ابْنُ التِّينِ قَالَ تَارَةً: نَفَرًا، وَتَارَةً: رَهْطًا، وَالنَّفَرُ مَا بَيْنَ الْعَشَرَةِ وَالثَّلَاثَةِ، وَالرَّهْطُ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ، وَقِيلَ: يَصِلُ إِلَى الْأَرْبَعِينَ، قُلْتُ: وَهَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute