للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ النَّبِيِّ Object إِذْ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا، فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ أُتِيَ بِجَنَازَةٍ أُخْرَى، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قِيلَ: نَعَمْ. قَالَ: فَهَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: ثَلَاثَةَ دَنَانِيرَ، فَصَلَّى عَلَيْهَا. ثُمَّ أُتِيَ بِالثَّالِثَةِ، فَقَالُوا: صَلِّ عَلَيْهَا. قَالَ: هَلْ تَرَكَ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: فَهَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ قَالُوا: ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ. قَالَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. قَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ.

[الحديث ٢٢٨٩ - طرفه في ٢٧٩٥]

قَوْلُهُ: (بَابُ إِنْ أَحَالَ دَيْنَ الْمَيِّتِ عَلَى رَجُلٍ جَازَ، وَإِذَا أَحَالَ عَلَى مَلِيءٍ فَلَيْسَ لَهُ رَدٌّ). كَذَا ثَبَتَ عِنْدَ أَبِي ذَرٍّ. وَالتَّرْجَمَةُ الثَّانِيَةُ مُقَدَّمَةٌ عِنْدَ غَيْرِهِ عَلَى الْبَابِ فِي بَابٍ مُفْرَدٍ، فِيهِ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: مَطْلُ الْغَنِيِّ ظُلْمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، عَنْ سُفْيَانَ، وَهُوَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، وَمُنَاسَبَتُهُ لِلتَّرْجَمَةِ وَاضِحَةٌ، وَهُوَ يُشْعِرُ بِأَنَّهُ فِي ذَلِكَ مُوَافِقٌ لِلْجُمْهُورِ عَلَى عَدَمِ الرُّجُوعِ، وَقَدْ تَقَدَّمَتْ مَبَاحِثُ ذَلِكَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ. وَقَدْ ذَكَرَ أَبُو مَسْعُودٍ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَ ثَبَتَتْ فِي رِوَايَةِ النَّعَيْمِيِّ، عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، وَأَنَّهَا لَمْ تَقَعْ عِنْدَ الْحَمَوِيِّ. قَالَ: وَقَدْ رَوَاهَا حَمَّادُ بْنُ شَاكِرٍ، عَنِ الْبُخَارِيِّ. قُلْتُ: وَثَبَتَتْ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي زَيْدٍ الْمَرْوَزِيِّ، عَنِ الْفَرَبْرِيِّ، وَرَوَاهَا أَيْضًا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَعْقِلٍ النَّسَفِيُّ، عَنِ الْبُخَارِيِّ. وَيُؤَيِّدُ صَنِيعَ النَّسَفِيِّ وَمَنْ تَبِعَهُ أَنَّهُ تَرْجَمَ بَعْدَ أَبْوَابٍ لِحَدِيثِ سَلَمَةَ بَابُ مَنْ تَكَفَّلَ عَنْ مَيِّتٍ دَيْنًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فَلَوْ كَانَ مَا صَنَعَهُ أَبُو ذَرٍّ مَحْفُوظًا لَكَانَ قَدْ كَرَّرَ التَّرْجَمَةَ لِحَدِيثٍ وَاحِدٍ.

(تَنْبِيهَانِ):

الْأَوَّلُ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ لَا قَرَابَةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، فَمُحَمَّدٌ هُوَ ابْنُ يُوسُفَ بْنِ وَاقِدِ بْنِ عُثْمَانَ الْفِرْيَابِيُّ صَاحِبُ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ هُوَ ابْنُ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ التِّنِّيسِيُّ صَاحِبُ مَالِكٍ، وَلَمْ يَلْقَ الْفِرْيَابِيُّ، مَالِكًا وَلَا التِّنِّيسِيُّ، سُفْيَانَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الثَّانِي: قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: إِنَّمَا تَرْجَمَ بِالْحَوَالَةِ، فَقَالَ: إِنْ أَحَالَ دَيْنَ الْمَيِّتِ ثُمَّ أَدْخَلَ حَدِيثَ سَلَمَةَ وَهُوَ فِي الضَّمَانِ؛ لِأَنَّ الْحَوَالَةَ وَالضَّمَانَ عِنْدَ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ مُتَقَارِبَانِ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَبُو ثَوْرٍ؛ لِأَنَّهُمَا يَنْتَظِمَانِ فِي كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا نَقَلَ ذِمَّةَ رَجُلٍ إِلَى ذِمَّةِ رَجُلٍ آخَرَ، وَالضَّمَانُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ نَقْلُ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَيِّتِ إِلَى ذِمَّةِ الضَّامِنِ فَصَارَ كَالْحَوَالَةِ سَوَاءٌ. قُلْتُ: وَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْكَفَالَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ.

قَوْلُهُ: (إِذَا أَتَى بِجِنَازَةٍ) لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ صَاحِبِ هَذِهِ الْجِنَازَةِ وَلَا عَلَى الَّذِي بَعْدَهُ، وَلِلْحَاكِمِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ: مَاتَ رَجُلٌ فَغَسَّلْنَاهُ وَكَفَّنَّاهُ وَحَفِظْنَاهُ وَوَضَعْنَاهُ حَيْثُ تُوضَعُ الْجَنَائِزُ عِنْدَ مَقَامِ جِبْرِيلَ، ثُمَّ آذَنَّا رَسُولَ اللَّهِ Object بِهِ.

قَوْلُهُ: (فَقَالَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ) سَيَأْتِي بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ سَبَبُ هَذَا السُّؤَالِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ Object كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمُتَوَفَّى عَلَيْهِ الدَّيْنُ فَيَسْأَلُ هَلْ تَرَكَ لِدَيْنِهِ قَضَاءً؟ فَإِنْ حَدَثَ أَنَّهُ تَرَكَ لِدَيْنِهِ وَفَاءً صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِلَّا قَالَ لِلْمُسْلِمِينَ: صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ. الْحَدِيثَ، وَبَيَّنَ فِيهِ أَنَّهُ تَرَكَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ أُتِيَ بِجِنَازَةٍ أُخْرَى)، ذُكِرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَحْوَالٌ ثَلَاثَةٌ وَتُرِكَ حَالٌ رَابِعٌ، الْأَوَّلُ: لَمْ يَتْرُكْ مَالًا وَلَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَالثَّانِي: عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَهُ وَفَاءٌ، وَالثَّالِثُ: عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَا وَفَاءَ لَهُ، وَالرَّابِعُ: مَنْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ وَلَهُ مَالٌ، وَهَذَا حُكْمُهُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ أَيْضًا، وَكَأَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ لَا لِكَوْنِهِ لَمْ يَقَعْ بَلْ لِكَوْنِهِ كَانَ كَثِيرًا.

قَوْلُهُ: (ثَلَاثَةُ دَنَانِيرَ) فِي حَدِيثِ جَابِرٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ: دِينَارَانِ. وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ جَابِرٍ نَحْوَهُ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَسْمَاءَ