بِنْتِ يَزِيدَ، وَيُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُمَا كَانَا دِينَارَيْنِ وَشَطْرًا، فَمَنْ قَالَ: ثَلَاثَةٌ جَبَرَ الْكَسْرَ، وَمَنْ قَالَ: دِينَارَانِ أَلْغَاهُ، أَوْ كَانَ أَصْلُهُمَا ثَلَاثَةً فَوَفَى قَبْلَ مَوْتِهِ دِينَارًا وَبَقِيَ عَلَيْهِ دِينَارَانِ، فَمَنْ قَالَ: ثَلَاثَةٌ، فَبِاعْتِبَارِ الْأَصْلِ، وَمَنْ قَالَ: دِينَارَانِ، فَبِاعْتِبَارِ مَا بَقِيَ مِنَ الدَّيْنِ، وَالْأَوَّلُ أَلْيَقُ، وَوَقَعَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا، وَهَذَا دُونَ دِينَارَيْنِ وَفِي مُخْتَصَرِ الْمُزَنِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ: دِرْهَمَيْنِ، وَيُجْمَعُ إِنْ ثَبَتَ بِالتَّعَدُّدِ.
قَوْلُهُ: (فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ: صَلِّ عَلَيْهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعَلَيَّ دَيْنُهُ، فَصَلَّى عَلَيْهِ). وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ نَفْسِهِ: فَقَالَ أَبُو قَتَادَةَ وَأَنَا أَتَكَفَّلُ بِهِ. زَادَ الْحَاكِمُ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ: فَقَالَ: هُمَا عَلَيْكَ وَفِي مَالِكَ وَالْمَيِّتُ مِنْهُمَا بَرِيءٌ؟ قَالَ: نَعَمْ. فَصَلَّى عَلَيْهِ، فَجَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا لَقِيَ أَبَا قَتَادَةَ يَقُولُ: مَا صَنَعَتِ الدِّينَارَانِ؟ حَتَّى كَانَ آخِرَ ذَلِكَ أَنْ قَالَ: قَدْ قَضَيْتُهُمَا يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ: الْآنَ حِينَ بَرَّدْتَ عَلَيْهِ جِلْدَهُ، وَقَدْ وَقَعَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ مَرَّةً أُخْرَى; فَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا أُتِيَ بِجِنَازَةٍ لَمْ يَسْأَلْ عَنْ شَيْءٍ مِنْ عَمَلِ الرَّجُلِ، وَيَسْأَلُ عَنْ دَيْنِهِ، فَإِنْ قِيلَ: عَلَيْهِ دَيْنٌ كَفّ، وَإِنْ قِيلَ: لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ صَلَّى. فَأُتِيَ بِجِنَازَةٍ، فَلَمَّا قَامَ لِيُكَبِّرَ سَأَلَ: هَلْ عَلَيْهِ دَيْنٌ؟ فَقَالُوا: دِينَارَانِ، فَعَدَلَ عَنْهُ، فَقَالَ عَلِيٌّ: هُمَا عَلَيَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَهُوَ بَرِيءٌ مِنْهُمَا. فَصَلَّى عَلَيْهِ. ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، وَفَكَّ اللَّهُ رِهَانَكَ. الْحَدِيثَ.
قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى صِحَّةِ هَذِهِ الْكَفَالَةِ وَلَا رُجُوعَ لَهُ فِي مَالِ الْمَيِّتِ. وَعَنْ مَالِكٍ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ إِنْ قَالَ: إِنَّمَا ضَمِنْتُ لِأَرْجِعَ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمَيِّتِ مَالٌ وَعَلِمَ الضَّامِنُ بِذَلِكَ فَلَا رُجُوعَ لَهُ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ إِنْ تَرَكَ الْمَيِّتُ وَفَاءً جَازَ الضَّمَانُ بِقَدْرِ مَا تَرَكَ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ. وَهَذَا الْحَدِيثُ حُجَّةٌ لِلْجُمْهُورِ. وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ إِشْعَارٌ بِصُعُوبَةِ أَمْرِ الدَّيْنِ، وَأَنَّهُ لَا يَنْبَغِي تَحَمُّلُهُ إِلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ. وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْحِكْمَةِ فِي تَرْكِهِ ﷺ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَبْوَابٍ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَفِي الْحَدِيثِ وُجُوبُ الصَّلَاةِ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْبَحْثُ فِي ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute