للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ: حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَمْزَةَ بْنِ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بَعَثَهُ لِلصَّدَقَةِ، فَإِذَا رَجُلٌ يَقُولُ لِامْرَأَةٍ: صَدِّقِي مَالَ مَوْلَاكِ، وَإِذَا الْمَرْأَةُ تَقُولُ: بَلْ أَنْتَ صَدِّقْ مَالَ ابْنِكَ، فَسَأَلَ حَمْزَةُ عَنْ أَمْرِهِمَا فَأُخْبِرَ أَنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ تَزَوَّجَ تِلْكَ الْمَرْأَةَ وَأَنَّهُ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةٍ لَهَا فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَأَعْتَقَتْهُ امْرَأَتُهُ، ثُمَّ وَرِثَ مِنْ أُمِّهِ مَالًا، فَقَالَ حَمْزَةُ لِلرَّجُلِ: لَأَرْجُمَنَّكَ، فَقَالَ لَهُ أَهْلُ الْمَاءِ: إِنَّ أَمْرَهُ رُفِعَ إِلَى عُمَرَ فَجَلَدَهُ مِائَةً وَلَمْ يَرَ عَلَيْهِ رَجْمًا. قَالَ: فَأَخَذَ حَمْزَةُ بِالرَّجُلِ كَفِيلًا حَتَّى قَدِمَ عَلَى عُمَرَ فَسَأَلَهُ فَصَدَّقَهُمْ عُمَرُ بِذَلِكَ مَعَ قَوْلِهِمْ: وَإِنَّمَا دَرَأَ عُمَرُ عَنْهُ الرَّجْمَ؛ لِأَنَّهُ عَذَرَهُ بِالْجَهَالَةِ، وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْقِصَّةِ مَشْرُوعِيَّةَ الْكَفَالَةِ بِالْأَبْدَانِ؛ فَإِنَّ حَمْزَةَ بْنَ عَمْرٍو الْأَسْلَمِيَّ صَحَابِيٌّ، وَقَدْ فَعَلَهُ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ عُمَرُ مَعَ كَثْرَةِ الصَّحَابَةِ حِينَئِذٍ، وَأَمَّا جَلْدُ عُمَرَ لِلرَّجُلِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ عَزَّرَهُ بِذَلِكَ، قَالَهُ ابْنُ التِّينِ. قَالَ: وَفِيهِ شَاهِدٌ لِمَذْهَبِ مَالِكٍ فِي مُجَاوَزَةِ الْإِمَامِ فِي التَّعْزِيرِ قَدْرَ الْحَدِّ. وَتُعُقِّبَ بِأَنَّهُ فِعْلُ صَحَابِيٍّ عَارَضَهُ مَرْفُوعٌ صَحِيحٌ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ، وَأَيْضًا فَلَيْسَ فِيهِ التَّصْرِيحُ بِأَنَّهُ جَلَدَهُ ذَلِكَ تَعْزِيرًا، فَلَعَلَّ مَذْهَبَ عُمَرَ أَنَّ الزَّانِي الْمُحْصَنَ إِنْ كَانَ عَالِمًا رُجِمَ وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا جُلِدَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ جَرِيرٌ) أَيِ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ (وَالْأَشْعَثُ) أَيِ: ابْنُ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ (لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ فِي الْمُرْتَدِّينَ: اسْتَتِبْهُمْ وَكَفِّلْهُمْ، فَتَابُوا وَكَفَلَهُمْ عَشَائِرُهُمْ) وَهَذَا أَيْضًا مُخْتَصَرٌ مِنْ قِصَّةٍ أَخْرَجَهَا الْبَيْهَقِيُّ بِطُولِهَا مِنْ طَرِيقِ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُضَرِّبٍ قَالَ: صَلَّيْتُ الْغَدَاةَ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ رَجُلٌ فَأَخْبَرَهُ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى مَسْجِدِ بَنِي حَنِيفَةَ، فَسَمِعَ مُؤَذِّنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ النَّوَّاحَةِ يَشْهَدُ أَنَّ مُسَيْلِمَةَ رَسُولُ اللَّهِ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ: عَلَيَّ بِابْنِ النَّوَّاحَةِ وَأَصْحَابِهِ، فَجِيءَ بِهِمْ. فَأَمَرَ قُرَظَةَ بْنَ كَعْبٍ فَضَرَبَ عُنُقَ ابْنِ النَّوَّاحَةِ، ثُمَّ اسْتَشَارَ النَّاسَ فِي أُولَئِكَ النَّفَرِ فَأَشَارَ عَلَيْهِ عَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ بِقَتْلِهِمْ، فَقَامَ جَرِيرٌ، وَالْأَشْعَثُ فَقَالَا: بَلِ اسْتَتِبْهُمْ وَكَفّ لْهُمْ عَشَائِرَهُمْ، فَتَابُوا وَكَفَلَهُمْ عَشَائِرَهُمْ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ أَنَّ عِدَّةَ الْمَذْكُورِينَ كَانَتْ مِائَةً وَسَبْعِينَ رَجُلًا، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: أَخَذَ الْبُخَارِيُّ الْكَفَالَةَ بِالْأَبْدَانِ فِي الدُّيُونِ مِنَ الْكَفَالَةِ بِالْأَبْدَانِ فِي الْحُدُودِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى، وَالْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ قَالَ بِهَا الْجُمْهُورُ وَلَمْ يَخْتَلِفْ مَنْ قَالَ بِهَا أَنَّ الْمَكْفُولَ بِحَدٍّ أَوْ قِصَاصٍ إِذَا غَابَ أَوْ مَاتَ أَنْ لَا حَدَّ عَلَى الْكَفِيلِ بِخِلَافِ الدَّيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَمَا أَنَّ الْكَفِيلَ إِذَا أَدَّى الْمَالَ وَجَبَ لَهُ عَلَى صَاحِبِ الْمَالِ مِثْلُهُ.

(تَنْبِيهٌ): وَقَعَ فِي أَكْثَرِ الرِّوَايَاتِ فِي هَذَا الْأَثَرِ، فَتَابُوا مِنَ التَّوْبَةِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ، وَالْقَابِسِيِّ، وَعَبْدُوسٍ: فَأَبَوْا بِغَيْرِ مُثَنَّاةٍ قَبْلَ الْأَلِفِ، قَالَ عِيَاضٌ: وَهُوَ وَهَمٌ مُفْسِدٌ لِلْمَعْنَى. قُلْتُ: وَالَّذِي يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ فَآبُوا بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ، وَهِيَ بِمَعْنَى فَرَجَعُوا فَلَا يَفْسُدُ الْمَعْنَى.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ حَمَّادٌ) أَيِ: ابْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ: (إِذَا تَكَفَّلَ بِنَفْسٍ، فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَالَ الْحَكَمُ يَضْمَنُ)، وَصَلَهُ الْأَثْرَمُ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ، عَنْ حَمَّادٍ، وَالْحَكَمِ، وَبِذَلِكَ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَعَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ صَاحِبُ مَالِكٍ يُفْصَلُ بَيْنَ الدَّيْنِ الْحَالِّ وَالْمُؤَجَّلِ فَيَغْرَمُ فِي الْحَالِّ وَيُفْصَلُ فِي الْمُؤَجَّلِ بَيْنَ مَا إِذَا كَانَ لَوْ قَدِمَ لَأَدْرَكَهُ أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ اللَّيْثُ:، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ رَبِيعَةَ. . . إِلَخْ) وَقَعَ هُنَا فِي نُسْخَةِ الصَّغَانِيِّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي بَابِ التِّجَارَةِ فِي الْبَحْرِ أَنَّ أَبَا ذَرٍّ، وَأَبَا الْوَقْتَ وَصَلَاهُ فِي آخِرِهِ، قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ بِهِ، وَوَصَلَهُ أَبُو ذَرٍّ هُنَا مِنْ رِوَايَتِهِ عَنْ شَيْخِهِ عَلِيِّ بْنِ وَصِيفٍ. حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ غَسَّانَ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ السِّجِسْتَانِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ بِهِ. وَكَذَلِكَ وَصَلَهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ فِي بَابِ مَا يُسْتَخْرَجُ مِنَ الْبَحْرِ مِنْ كِتَابِ الزَّكَاةِ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ، فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَاصِمِ بْنِ عَلِيٍّ، وَآدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ مَنْصُورٍ كُلُّهُمْ عَنِ اللَّيْثِ، وَأَخْرَجَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ، عَنْ يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ اللَّيْثِ أَيْضًا، وَلَهُ طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَلَّقَهَا