للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمُصَنِّفُ فِي كِتَابِ الِاسْتِئْذَانِ مِنْ طَرِيقِ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَوَصَلَهَا فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ ذَكَرَ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ سَأَلَ بَعْضَ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنْ يُسْلِفَهُ أَلْفَ دِينَارٍ) فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ: أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَ يُسْلِفُ النَّاسَ إِذَا أَتَاهُ الرَّجُلُ بِكَفِيلٍ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِ هَذَا الرَّجُلِ، لَكِنْ رَأَيْتُ فِي مُسْنَدِ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ نَزَلُوا مِصْرَ لِمُحَمَّدِ بْنِ الرَّبِيعِ الْجِيزِيِّ بِإِسْنَادٍ لَهُ فِيهِ مَجْهُولٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ يَرْفَعُهُ: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّجَاشِيِّ، فَقَالَ لَهُ: أَسْلِفْنِي أَلْفَ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ، فَقَالَ: مَنِ الْحَمِيلُ بِكَ؟ قَالَ: اللَّهُ، فَأَعْطَاهُ الْأَلْفَ، فَضَرَبَ بِهَا الرَّجُلُ - أَيْ: سَافَرَ بِهَا - فِي تِجَارَةٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْأَجَلَ أَرَادَ الْخُرُوجَ إِلَيْهِ فَحَبَسَتْهُ الرِّيحُ، فَعَمِلَ تَابُوتًا، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ نَحْوَ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَاسْتَفَدْنَا مِنْهُ أَنَّ الَّذِي أَقْرَضَ هُوَ النَّجَاشِيُّ، فَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ نِسْبَتُهُ إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِطَرِيقِ الِاتِّبَاعِ لَهُمْ لَا أَنَّهُ مِنْ نَسْلِهِمْ.

قَوْلُهُ: (قَالَ: فَأْتِنِي بِالْكَفِيلِ، قَالَ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا، قَالَ: صَدَقْتَ). فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ فَقَالَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، نَعَمْ.

قَوْلُهُ: (فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ) أَيِ: الْأَلْفُ دِينَارٍ، فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ فَعَدَّ لَهُ سِتَّمِائَةِ دِينَارٍ، وَالْأَوَّلُ أَرْجَحُ لِمُوَافَقَةِ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِاخْتِلَافِ الْعَدَدِ وَالْوَزْنِ، فَيَكُونُ الْوَزْنُ مَثَلًا أَلْفًا، وَالْعَدَدُ سِتَّمِائَةٍ أَوْ بِالْعَكْسِ.

قَوْلُهُ: (فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ فَقَضَى حَاجَتَهُ) فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ، فَرَكِبَ الرَّجُلُ الْبَحْرَ بِالْمَالِ يَتَّجِرُ فِيهِ، فَقَدَّرَ اللَّهُ أَنْ حَلَّ الْأَجَلُ وَارْتَجَّ الْبَحْرُ بَيْنَهُمَا.

قَوْلُهُ: (فَلَمْ يَجِدْ مَرْكَبًا). زَادَ فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ: وَغَدَا رَبُّ الْمَالِ إِلَى السَّاحِلِ يَسْأَلُ عَنْهُ وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ اخْلُفْنِي وَإِنَّمَا أَعْطَيْتُ لَكَ.

قَوْلُهُ: (فَأَخَذَ خَشَبَةً فَنَقَرَهَا) أَيْ: حَفَرَهَا، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ: فَنَجَرَ خَشَبَةً وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: فَعَمِلَ تَابُوتًا وَجَعَلَ فِيهِ الْأَلْفَ.

قَوْلُهُ: (وَصَحِيفَةً مِنْهُ إِلَى صَاحِبِهِ) فِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ: وَكَتَبَ إِلَيْهِ صَحِيفَةً: مِنْ فُلَانٍ إِلَى فُلَانٍ، إِنِّي دَفَعْتُ مَالَكَ إِلَى وَكِيلِي الَّذِي تَوَكَّلَ بِي.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ زَجَّجَ مَوْضِعَهَا) كَذَا لِلْجَمِيعِ بِزَايٍ وَجِيمَيْنِ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَيْ: سَوَّى مَوْضِعَ النَّقْرِ وَأَصْلَحَهُ، وَهُوَ مِنْ تَزْجِيجِ الْحَوَاجِبِ، وَهُوَ حَذْفُ زَوَائِدِ الشَّعْرِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَأْخُوذًا مِنَ الزُّجِّ وَهُوَ النَّصْلُ كَأَنْ يَكُونَ النَّقْرُ فِي طَرَفِ الْخَشَبَةِ فَشَدَّ عَلَيْهِ زُجًّا لِيُمْسِكَهُ وَيَحْفَظَ مَا فِيهِ، وَقَالَ عِيَاضٌ: مَعْنَاهُ سَمَّرَهَا بِمَسَامِيرَ كَالزُّجِّ، أَوْ حَشَى شُقُوقَ لِصَاقِهَا بِشَيْءٍ وَرَقَعَهُ بِالزُّجِّ، وَقَالَ ابْنُ التِّينِ: مَعْنَاهُ أَصْلَحَ مَوْضِعَ النَّقْرِ.

قَوْلُهُ: (تَسَلَّفْتُ فُلَانًا) كَذَا وَقَعَ فِيهِ، وَالْمَعْرُوفُ تَعْدِيَتُهُ بِحَرْفِ الْجَرِّ، كَمَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: اسْتَسْلَفْتُ مِنْ فُلَانٍ.

قَوْلُهُ: (فَرَضِيَ بِذَلِكَ) كَذَا لِلْكُشْمِيهَنِيِّ، وَلِغَيْرِهِ: فَرَضِيَ بِهِ. وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ: فَرَضِيَ بِكَ قَوْلُهُ: (وَإِنِّي جَهَدْتُ) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْهَاءِ، وَزَادَ فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: فَقَالَ: اللَّهُمَّ أَدِّ حَمَالَتَكَ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى وَلَجَتْ فِيهِ) بِتَخْفِيفِ اللَّامِ، أَيْ: دَخَلَتْ فِي الْبَحْرِ.

قَوْلُهُ: (فَأَخَذَهَا لِأَهْلِهِ حَطَبًا فَلَمَّا نَشَرَهَا) أَيْ: قَطَعَهَا بِالْمِنْشَارِ (وَجَدَ الْمَالَ) فِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ، فَلَمَّا كَسَرَهَا. وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ: وَغَدَا رَبُّ الْمَالِ يَسْأَلُ عَنْ صَاحِبِهِ كَمَا كَانَ يَسْأَلُ فَيَجِدُ الْخَشَبَةَ فَيَحْمِلُهَا إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ: أَوْقِدُوا هَذِهِ، فَكَسَرُوهَا فَانْتَثَرَتِ الدَّنَانِيرُ مِنْهَا وَالصَّحِيفَةُ، فَقَرَأَهَا وَعَرَفَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَدِمَ الَّذِي كَانَ أَسْلَفَهُ فَأَتَى بِالْأَلْفِ دِينَارٍ). وَفِي رِوَايَةِ أَبِي سَلَمَةَ: ثُمَّ قَدِمَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتَاهُ رَبُّ الْمَالِ، فَقَالَ: يَا فُلَانُ مَالِي قَدْ طَالَتِ النَّظِرَةُ، فَقَالَ: أَمَّا مَالُكَ فَقَدْ دَفَعْتُهُ إِلَى وَكِيلِي، وَأَمَّا أَنْتَ فَهَذَا مَالُكَ. وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ لَهُ: هَذِهِ أَلْفُكَ، فَقَالَ النَّجَاشِيُّ: لَا أَقْبَلُهَا مِنْكَ حَتَّى تُخْبِرَنِي مَا صَنَعْتَ، فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ: لَقَدْ أَدَّى اللَّهُ عَنْكَ قَوْلُهُ: (وَانْصَرَفَ بِالْأَلْفِ الدِّينَارِ رَاشِدًا) فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو: قَدْ أَدَّى اللَّهُ عَنْكَ، وَقَدْ بَلَغَنَا الْأَلْفُ فِي التَّابُوتِ، فَأَمْسِكْ عَلَيْكَ أَلْفَكَ. زَادَ أَبُو سَلَمَةَ فِي آخِرِهِ: قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ يَكْثُرُ