للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِاخْتِصَارٍ، وَأَمَّا الِاخْتِلَافُ بَيْنَ سَالِمٍ وَنَافِعٍ فَإِنَّمَا هُوَ فِي رَفْعِهَا وَوَقْفِهَا لَا فِي إِثْبَاتِهَا وَنَفْيِهَا، فَسَالِمٌ رَفَعَ الْحَدِيثَيْنِ جَمِيعًا وَنَافِعٌ رَفَعَ حَدِيثَ النَّخْلِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَوَقَفَ حَدِيثَ الْعَبْدِ عَلَى ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، وَقَدْ رَجَّحَ مُسْلِمٌ مَا رَجَّحَهُ النَّسَائِيُّ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ وَتَبِعَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهَذَا أَحَدُ الْأَحَادِيثِ الْأَرْبَعَةِ الَّتِي اخْتَلَفَ فِيهَا سَالِمٌ، وَنَافِعٌ، قَالَ أَبُو عُمَرَ: اتَّفَقَا عَلَى رَفْعِ حَدِيثِ النَّخْلِ، وَأَمَّا قِصَّةُ الْعَبْدِ فَرَفَعَهَا سَالِمٌ وَوَقَفَهَا نَافِعٌ عَلَى عُمَرَ، وَرَجَّحَ الْبُخَارِيُّ رِوَايَةَ سَالِمٍ فِي رَفْعِ الْحَدِيثَيْنِ، وَنَقَلَ ابْنُ التِّينِ، عَنِ الدَّاوُدِيِّ هُوَ وَهَمٌ مِنْ نَافِعٍ، وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ سَالِمٌ مَرْفُوعًا فِي الْعَبْدِ وَالثَّمَرَةِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: لَا أَدْرِي مِنْ أَيْنَ أُدْخِلَ الْوَهَمُ عَلَى نَافِعٍ مَعَ إِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ عُمَرُ قَالَ ذَلِكَ - يَعْنِي عَلَى جِهَةِ الْفَتْوَى - مُسْتَنِدًا إِلَى مَا قَالَهُ النَّبِيُّ ﷺ فَتَصِحَّ الرِّوَايَتَانِ. قُلْتُ: قَدْ نَقَلَ التِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ عَنِ الْبُخَارِيِّ تَصْحِيحَ الرِّوَايَتَيْنِ، وَنَقَلَ عَنْهُ فِي الْعِلَلِ تَرْجِيحَ قَوْلِ سَالِمٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ كُلِّهِ وَاضِحًا فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ.

قَوْلُهُ: (وَالْحَرْثُ (١)) أَيِ الْأَرْضُ الْمَزْرُوعَةُ، فَمَنْ بَاعَ أَرْضًا مَحْرُوثَةً وَفِيهَا زَرْعٌ فَالزَّرْعُ لِلْبَائِعِ، وَالْخِلَافُ فِي هَذِهِ كَالْخِلَافِ فِي النَّخْلِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ أَجَرَ أَرْضًا وَلَهُ فِيهَا زَرْعٌ أَنَّ الزَّرْعَ لِلْمُؤْجِرِ لَا لِلْمُسْتَأْجِرِ إِنْ تُصُوِّرَتْ صُورَةُ الْإِجَارَةِ.

قَوْلُهُ (سَمَّى لَهُ نَافِعٌ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةَ (١)) قَائِلُ سَمَّى هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ وَالضَّمِيرُ فِي لَهُ لِابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ. وَفِي الْحَدِيثِ مَا يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ تَدْلِيسِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَإِنَّهُ كَثِيرُ الرِّوَايَةِ عَنْ نَافِعٍ وَمَعَ ذَلِكَ أَفْصَحَ بِأَنَّ بَيْنَهُمَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَاسِطَةً.

ثَانِيهَا: حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ فِي الْعَرَايَا وَقَدْ تَقَدَّمَ مَشْرُوحًا فِي بَابِهِ.

ثَالِثُهَا: حَدِيثُ جَابِرٍ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُخَابَرَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ وَالْمُزَابَنَةِ وَبَيْعِ الثَّمَرِ حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهُ وَبَيْعُهُ بِغَيْرِ الدِّينَارِ وَالدِّرْهَمِ إِلَّا الْعَرَايَا. فَأَمَّا الْمُخَابَرَةُ فَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي الْمُزَارَعَةِ. وَأَمَّا الْمُحَاقَلَةُ فَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي حَدِيثِ أَنَسٍ فِي بَابِ بَيْعِ الْمُحَاضَرَةِ. وَأَمَّا الْمُزَابَنَةُ فَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِمَا فِي بَابِ الْمُزَابَنَةِ، وَأَمَّا بَقِيَّتُهُ فَتَقَدَّمَ فِي بَابِ بَيْعِ الثَّمَرِ عَلَى رُؤوسِ النَّخْلِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ.

رَابِعُهَا: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَيْعِ الْعَرَايَا وَقَدْ تَقَدَّمَ أَيْضًا مَشْرُوحًا فِي بَابِهِ.

قَالَ أَبُو عَبْد اللَّهِ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي بُشَيْرٌ. . . مِثْلَهُ.

خَامِسُهُا: حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَسَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ فِي النَّهْيِ عَنِ الْمُزَابَنَةِ إِلَّا أَصْحَابَ الْعَرَايَا وَقَدْ تَقَدَّمَ حَدِيثُ سَهْلٍ فِي بَابِ بَيْعِ الثَّمَرِ عَلَى رؤوسِ النَّخْلِ وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُ جَمِيعِ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ، وَقَوْلُهُ هُنَا: قَالَ: وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ:، حَدَّثَنِي بَشِيرٌ يَعْنِي ابْنَ يَسَارٍ مِثْلَهُ، كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَأَبِي الْوَقْتِ، وَوَقَعَ لِلْأَصِيلِيِّ وَكَرِيمَةَ وَغَيْرِهِمَا قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فَعَلَى هَذَا فَهُوَ مُعَلَّقٌ، وَلَمْ أَرَهُ مَوْصُولًا مِنْ طَرِيقِهِ إِلَى هَذِهِ الْغَايَةِ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. (خَاتِمَةٌ)

: اشْتَمَلَ كِتَابُ الشِّرْبِ عَلَى سِتَّةٍ وَثَلَاثِينَ حَدِيثًا، الْمُعَلَّقُ مِنْهَا خَمْسَةٌ وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ، وَالْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى سَبْعَةَ عَشَرَ حَدِيثًا، وَالْخَالِصُ تِسْعَةَ عَشَرَ، وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى حَدِيثِ عُثْمَانَ فِي بِئْرِ رُومَةَ، وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قِصَّةِ هَاجَرَ، وَحَدِيثِ الصَّعْبِ فِي الْحِمَى، وَحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ الْمُرْسَلِ فِي حِمَى النَّقِيعِ، وَحَدِيثِ أَنَسٍ فِي الْقَطَائِعِ. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ اثْنَانِ عَنْ عُمَرَ ﵁. وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.


(١) في هامش طبعة بولاق: قول الشارح (قوله والحرث الخ) و (قوله سمي له نافع هؤلاء الثلاثة الخ) هاتان العبارتان غير موجودتين في نسخ المتن التي بايدينا، ولعلهما في الرواية التي وقعت للشارح فشرح عليها