للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَوْلُهُ: (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ عَلَى الْمُعْتِقِ) هَكَذَا فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَظَاهِرُهَا أَنَّ التَّقْوِيمَ يُشْرَعُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ قَوْلُهُ: يُقَوَّمُ لَيْسَ جَوَابًا لِلشَّرْطِ، بَلْ هُوَ صِفَةُ مَنْ لَهُ الْمَالُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ لَا مَالَ لَهُ بِحَيْثُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ التَّقْوِيمِ فَإِنَّ الْعِتْقَ يَقَعُ فِي نَصِيبِهِ خَاصَّةً، وَجَوَابُ الشَّرْطِ هُوَ قَوْلُهُ: فَأُعْتِقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ، وَالتَّقْدِيرُ: فَقَدْ أُعْتِقَ مِنْهُ مَا أَعْتَقَ. وَقَدْ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ، وَعُثْمَانَ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ بِلَفْظِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، وَأَوْضَحُ مِنْ ذَلِكَ رِوَايَةُ خَالِدِ بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِلَفْظِ: فَإِنْ كَانَ لَهُ مَالٌ قُوِّمَ عَلَيْهِ قِيمَةَ عَدْلٍ فِي مَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا بِشْرٌ)؛ أَيِ ابْنُ الْمُفَضَّلِ (عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ)؛ أَيِ ابْنِ عُمَرَ.

قَوْلُهُ: (اخْتَصَرَهُ)؛ أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ مُسَدَّدٌ فِي مُسْنَدِهِ بِرِوَايَةِ مُعَاذِ بْنِ الْمُثَنَّى عَنْهُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ، وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَلَفْظُهُ: مَنْ أَعْتَقَ شِرْكًا لَهُ فِي مَمْلُوكٍ فَقَدْ عَتَقَ كُلُّهُ. وَقَدْ رَوَاهُ غَيْرُ مُسَدَّدٍ، عَنْ بِشْرٍ مُطَوَّلًا، أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ بِشْرٍ، لَكِنْ لَيْسَ فِيهِ أَيْضًا قَوْلُهُ: عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُ أَنَّهُ اخْتَصَرَ هَذَا الْقَدْرَ، وَقَدْ فَهِمَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ ذَلِكَ فَقَالَ: عَامَّةُ الْكُوفِيِّينَ رَوَوْا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ حُكْمَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ مَعًا، وَالْبَصْرِيُّونَ لَمْ يَذْكُرُوا إِلَّا حُكْمَ الْمُوسِرِ فَقَطْ.

قُلْتُ: فَمِنَ الْكُوفِيِّينَ أَبُو أُسَامَةَ كَمَا تَرَى، وَابْنُ نُمَيْرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَزُهَيْرٌ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَعِيسَى بْنُ يُونُسَ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ عِنْدَ أَبِي عَوَانَةَ، وَأَحْمَدَ. وَمِنَ الْبَصْرِيِّينَ بِشْرٌ الْمَذْكُورُ، وَخَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، وَيَحْيَى الْقَطَّانُ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَعَبْدُ الْأَعْلَى فِيمَا ذَكَرَ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، لَكِنْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ زَائِدَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَقَالَ فِي آخِرِهِ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، وَزَائِدَةُ كُوفِيٌّ لَكِنَّهُ وَافَقَ الْبَصْرِيِّينَ.

قَوْلُهُ: (فَهُوَ عَتِيقٌ)؛ أَيْ مُعْتَقٌ، بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ.

قَوْلُهُ: (قَالَ أَيُّوبُ: لَا أَدْرِي؛ أَشَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ، أَوْ شَيْءٌ فِي الْحَدِيثِ) هَذَا شَكٌّ مِنْ أَيُّوبَ فِي هَذِهِ الزِّيَادَةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِحُكْمِ الْمُعْسِرِ هَلْ هِيَ مَوْصُولَةٌ مَرْفُوعَةٌ أَوْ مُنْقَطِعَةٌ مَقْطُوعَةٌ، وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ، عَنْ أَيُّوبَ فَقَالَ فِي آخِرِهِ: وَرُبَّمَا قَالَ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَقَدْ عَتَقَ مِنْهُ مَا عَتَقَ، وَرُبَّمَا لَمْ يَقُلْهُ، وَأَكْثَرُ ظَنِّي أَنَّهُ شَيْءٌ يَقُولُهُ نَافِعٌ مِنْ قِبَلِهِ أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ، وَقَدْ وَافَقَ أَيُّوبَ عَلَى الشَّكِّ فِي رَفْعِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ نَافِعٍ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَلَفْظُ النَّسَائِيِّ: وَكَانَ نَافِعٌ يَقُولُ: قَالَ يَحْيَى: لَا أَدْرِي؛ أَشَيْءٌ كَانَ مِنْ قِبَلِهِ يَقُولُهُ، أَمْ شَيْءٌ فِي الْحَدِيثِ. فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فَقَدْ جَازَ مَا صَنَعَ. وَرَوَاهَا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يَحْيَى فَجَزَمَ بِأَنَّهَا عَنْ نَافِعٍ، وَأَدْرَجَهَا فِي الْمَرْفُوعِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَجَزَمَ مُسْلِمٌ بِأَنَّ أَيُّوبَ، وَيَحْيَى قَالَا: لَا نَدْرِي؛ أَهُوَ فِي الْحَدِيثِ، أَوْ شَيْءٌ قَالَهُ نَافِعٌ مِنْ قِبَلِهِ. وَلَمْ يُخْتَلَفْ عَنْ مَالِكٍ فِي وَصْلِهَا وَلَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، لَكِنِ اخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِي إِثْبَاتِهَا وَحَذْفِهَا كَمَا تَقَدَّمَ، وَالَّذِينَ أَثْبَتُوهَا حُفَّاظٌ، فَإِثْبَاتُهَا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُقَدَّمٌ. وَأَثْبَتَهَا أَيْضًا جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ كَمَا سَيَأْتِي بَعْدَ اثْنَيْ عَشَرَ بَابًا، وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ.

وَقَدْ رَجَّحَ الْأَئِمَّةُ رِوَايَةَ مَنْ أَثْبَتَ هَذِهِ الزِّيَادَةَ مَرْفُوعَةً، قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا أَحْسَبُ عَالِمًا بِالْحَدِيثِ يَشُكُّ فِي أَنَّ مَالِكًا أَحْفَظُ لِحَدِيثِ نَافِعٍ مِنْ أَيُّوبَ، لِأَنَّهُ كَانَ أَلْزَمَ لَهُ مِنْهُ، حَتَّى وَلَوِ اسْتَوَيَا فَشَكَّ أَحَدُهُمَا فِي شَيْءٍ لَمْ يَشُكَّ فِيهِ صَاحِبُهُ كَانَتِ الْحُجَّةُ مَعَ مَنْ لَمْ يَشُكَّ، وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ: قُلْتُ لِابْنِ مَعِينٍ: مَالِكٌ فِي نَافِعٍ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَوْ أَيُّوبُ؟ قَالَ: مَالِكٌ. وَسَأَذْكُرُ ثَمَرَةَ الْخِلَافِ فِي رَفْعِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ أَوْ وَقْفِهَا فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَرَوَاهُ اللَّيْثُ وَابْنُ أَبِي ذِئْبٍ وَابْنُ إِسْحَاقَ وَجُوَيْرِيَةُ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ Object، عَنْ النَّبِيِّ Object. . . مُخْتَصَرًا.

قَوْلُهُ: (أَنَّهُ كَانَ يُفْتِي. . . إِلَخْ) كَأَنَّ الْبُخَارِيَّ أَوْرَدَ هَذِهِ الطَّرِيقَ يُشِيرُ بِهَا