بَكْرَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ.
قَوْلُهُ: (وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ بِلَفْظِ تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ إِذَا تَابَ وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْهُ لَا تُقْبَلُ، لَكِنَّ إِسْنَادَهُ ضَعِيفٌ.
قَوْلُهُ: (وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَالشَّافِعِيُّ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيْحٍ قَالَ: الْقَاذِفُ إِذَا تَابَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ. قِيلَ لَهُ: مَنْ قَالَهُ؟ قَالَ: عَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ، وَمُجَاهِدٌ.
قَوْلُهُ: (وَالشَّعْبِيُّ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْهُ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: يَقْبَلُ اللَّهُ تَوْبَتَهُ وَيَرُدُّونَ شَهَادَتَهُ، وَكَانَ يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ إِذَا تَابَ وَرُوِّينَاهُ فِي الْجَعْدِيَّاتِ عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ فِي شَهَادَةِ الْقَاذِفِ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: لَا تَجُوزُ، وَكَانَ الشَّعْبِيُّ يَقُولُ: إِذَا تَابَ قُبِلَتْ.
قَوْلُهُ: (وَعِكْرِمَةُ) أَيْ مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَصَلَهُ الْبَغَوِيُّ فِي الْجَعْدِيَّاتِ عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يُونُسَ هُوَ ابْنُ عُبَيْدٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: إِذَا تَابَ الْقَاذِفُ قُبِلَتْ شَهَادَتَهُ.
قَوْلُهُ: (وَالزُّهْرِيُّ) قَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ فِي قِصَّةِ الْمُغِيرَةِ هُوَ سُنَّةٌ، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: إِذَا حُدَّ الْقَاذِفُ فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَتِيبَهُ، فَإِنْ تَابَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ وَإِلَّا لَمْ تُقْبَلْ، وَفِي الْمُوَطَّأِ عَنِ الزُّهْرِيِّ نَحْوُهُ فِي قِصَّةٍ.
قَوْلُهُ: (وَمُحَارِبُ بْنُ دِثَارٍ، وَشُرَيْحٌ) أَيِ الْقَاضِي، (وَمُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ) هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةُ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ مُرَادَ الزُّهْرِيِّ الْمَاضِي فِي قِصَّةِ الْمُغِيرَةِ بِمَا نَسَبَهُ إِلَى الْكُوفِيِّينَ مِنْ عَدَمِ قَبُولِهِمْ شَهَادَةَ الْقَاذِفِ بَعْضُهُمْ لَا كُلُّهُمْ، وَلَمْ أَرَ عَنْ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورِينَ التَّصْرِيحَ بِالْقَبُولِ، نَعَمِ الشَّعْبِيُّ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْهُ الْقَبُولُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَرَوَى ابْنُ جُرَيْجٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْقَاذِفِ يَقْبَلُ اللَّهُ تَوْبَتَهُ وَلَا أَقْبَلُ شَهَادَتَهُ؟ وَرَوَى ابْنُ أَبِي خَالِدٍ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو الزِّنَادِ) هُوَ الْمَدَنِيُّ الْمَشْهُورُ.
قَوْلُهُ: (الْأَمْرُ عِنْدَنَا إِلَخْ) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ مِنْ طَرِيقِ حُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: رَأَيْتُ رَجُلًا جُلِدَ حَدًّا فِي قَذْف الزِّنَا، فَلَمَّا فُرِغَ مِنْ ضَرْبِهِ أَحْدَثَ تَوْبَةً، فَلَقِيتُ أَبَا الزِّنَادِ فَقَالَ لِي: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فَذَكَرَهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ عَنْهُمَا مُفَرَّقًا، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ دَاوُدَ بْنِ أَبِي هِنْدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: إِذَا أَكْذَبَ الْقَاذِفُ نَفْسَهُ قَبِلْتُ شَهَادَتَهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ الثَّوْرِيُّ) إِلَخْ هُوَ فِي الْجَامِعِ لَهُ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ الْعَدَنِيِّ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ وَإِنْ تَابَ) هَذَا مَنْقُولٌ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ، وَاحْتَجُّوا فِي رَدِّ شَهَادَةِ الْمَحْدُودِ بِأَحَادِيثَ قَالَ الْحُفَّاظُ: لَا يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ، وَأَشْهَرُهَا حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ خَائِنٍ، وَلَا خَائِنَةٍ، وَلَا مَحْدُودٍ فِي الْإِسْلَامِ، أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ نَحْوَهُ وَقَالَ: لَا يَصِحُّ، وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ: مُنْكَرٌ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ وَاصِلٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: لَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْقَاذِفِ، تَوْبَتُهُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ. قَالَ الثَّوْرِيُّ: وَنَحْنُ عَلَى ذَلِكَ، وَأَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ وَهُوَ مُنْقَطِعٌ وَلَمْ يُصِبْ مَنْ قَالَ: إِنَّهُ سَنَدٌ قَوِيٌّ.
قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ) أَيْ بَعْضُ النَّاسِ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ: (لَا يَجُوزُ نِكَاحٌ بِغَيْرِ شَاهِدَيْنِ، فَإِنْ تَزَوَّجَ بِشَهَادَةِ مَحْدُودَيْنِ جَازَ) هُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا، وَاعْتَذَرُوا بِأَنَّ الْغَرَضَ شُهْرَةُ النِّكَاحِ، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالْعَدْلِ وَغَيْرِهِ عِنْدَ التَّحَمُّلِ، وَأَمَّا عِنْدَ الْأَدَاءِ فَلَا يُقْبَلُ إِلَّا الْعَدْلُ.
قَوْلُهُ: (وَأَجَازَ شَهَادَةَ الْعَبْدِ وَالْمَحْدُودِ وَالْأَمَةِ لِرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ) هُوَ مَنْقُولٌ عَنِ الْحَنَفِيَّةِ أَيْضًا، وَاعْتَذَرُوا بِأَنَّهَا جَارِيَةٌ مَجْرَى الْخَبَرِ لَا الشَّهَادَةِ.
قَوْلُهُ: (وَكَيْفَ تُعْرَفُ تَوْبَتُهُ) أَيِ الْقَاذِفِ وَهَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ مِنْ تَمَامِ التَّرْجَمَةِ، وَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ، فَمنْ أَكْثَرِ السَّلَفِ: لَا بُدَّ أَنْ يُكْذِبَ نَفْسَهَ، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَقَدْ تَقَدَّمَ التَّصْرِيحُ بِهِ عَنِ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ، عَنْ طَاوُسٍ مِثْلَهُ، وَعَنْ مَالِكٍ: إِذَا ازْدَادَ خَيْرًا كَفَاهُ،