نَجَوْا وَنَجَوْا أَيْ كُلٌّ مِنَ الْآخِذِينَ وَالْمَأْخُوذِينَ، وَهَكَذَا إِقَامَةُ الْحُدُودِ يَحْصُلُ بِهَا النَّجَاةُ لِمَنْ أَقَامَهَا وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ، وَإِلَّا هَلَكَ الْعَاصِي بِالْمَعْصِيَةِ وَالسَّاكِتُ بِالرِّضَا بِهَا. قَالَ الْمُهَلَّبُ وَغَيْرُهُ: فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَعْذِيبُ الْعَامَّةِ بِذَنْبِ الْخَاصَّةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ التَّعْذِيبَ الْمَذْكُورَ إِذَا وَقَعَ فِي الدُّنْيَا عَلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهُ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ مِنْ ذُنُوبِ مَنْ وَقَعَ بِهِ أَوْ يَرْفَعُ مِنْ دَرَجَتِهِ. وَفِيهِ اسْتِحْقَاقُ الْعُقُوبَةِ بِتَرْكِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ، وَتَبْيِينُ الْعَالِمِ الْحُكْمَ بِضَرْبِ الْمَثَلِ، وَوُجُوبُ الصَّبْرِ عَلَى أَذَى الْجَارِ إِذَا خَشِيَ وُقُوعَ مَا هُوَ أَشَدُّ ضَرَرًا، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِصَاحِبِ السُّفْلِ أَنْ يُحْدِثَ عَلَى صَاحِبِ الْعُلْوِ مَا يَضُرُّ بِهِ، وَأَنَّهُ إِنْ أَحْدَثَ عَلَيْهِ ضَرَرًا لَزِمَهُ إِصْلَاحُهُ، وَأَنَّ لِصَاحِبِ الْعُلْوِ مَنْعَهُ مِنَ الضَّرَرِ. وَفِيهِ جَوَازُ قِسْمَةِ الْعَقَارِ الْمُتَفَاوِتِ بِالْقُرْعَةِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ عُلْوٌ وَسُفْلٌ.
(تَنْبِيهٌ): وَقَعَ حَدِيثُ النُّعْمَانِ هَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ مُقَدَّمًا عَلَى حَدِيثِ أُمِّ الْعَلَاءِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ وَطَائِفَةٍ كَمَا أَوْرَدْتُهُ.
(خَاتِمَةٌ): اشْتَمَلَ كِتَابُ الشَّهَادَاتِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ مِنَ الْقُرْعَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الْمَرْفُوعَةِ عَلَى سِتَّةٍ وَسَبْعِينَ حَدِيثًا، الْمُعَلَّقُ مِنْهَا أَحَدَ عَشَرَ حَدِيثًا وَالْبَقِيَّةُ مَوْصُولَةٌ، الْمُكَرَّرُ مِنْهَا فِيهِ وَفِيمَا مَضَى ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ حَدِيثًا وَالْخَالِصُ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ، وَافَقَهُ مُسْلِمٌ عَلَى تَخْرِيجِهَا سِوَى خَمْسَةِ أَحَادِيثَ وَهِيَ حَدِيثُ عُمَرَ كَانَ النَّاسُ يُؤْخَذُونَ بِالْوَحْيِ وَحَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي قِصَّةِ الْإِفْكِ، وَحَدِيثُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ فِيهِ وَهُوَ مُرْسَلٌ، وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الِاسْتِهَامِ فِي الْيَمِينِ، وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الْإِنْكَارِ عَلَى مَنْ يَأْخُذُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ. وَفِيهِ مِنَ الْآثَارِ عَنِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ ثَلَاثَةٌ وَسَبْعُونَ أَثَرًا. وَاللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute