للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فِيهَا أَيْضًا دَلَالَةٌ عَلَى الِاشْتِرَاطِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمُنْكَدِرِ، عَنْ جَابِرٍ: شَرَطَ لِي ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ) وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْمُنْكَدِرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ أَبِيهِ بِهِ، وَوَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طَرِيقِ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ بِلَفْظِ: فَبِعْتُهُ إِيَّاهُ وَشَرَطْتُهُ - أَيْ رُكُوبَهُ - إِلَى الْمَدِينَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ جَابِرٍ: وَلَكَ ظَهْرُهُ حَتَّى تَرْجِعَ) وَصَلَهُ الطَّبَرَانِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ بِتَمَامِهِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: أَفْقَرْنَاكَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ) وَصَلَهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ بِهِ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: فَبِعْتُهُ مِنْهُ بِخَمْسِ أَوَاقٍ، قُلْتُ: عَلَى أَنَّ لِي ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ، قَالَ: وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ أَيُّوبَ قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ بِكَذَا وَكَذَا وَقَدْ أَعَرْتُكَ ظَهْرَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْأَعْمَشُ، عَنْ سَالِمٍ) هُوَ ابْنُ أَبِي الْجَعْدِ (عَنْ جَابِرٍ تَبَلَّغَ بِهِ إِلَى أَهْلِكَ) وَصَلَهُ أَحْمَدُ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ وَغَيْرُهُمْ مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، وَهَذَا لَفْظُ عَبْدِ بْنِ حُمَيْدٍ، وَلَفْظُ ابْنِ سَعْدٍ، وَالْبَيْهَقِيِّ: تَبَلَّغَ عَلَيْهِ إِلَى أَهْلِكَ، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: فَتَبَلَّغَ عَلَيْهِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَلَفْظُ أَحْمَدَ: قَدْ أَخَذْتُهُ بِوُقِيَّةٍ، ارْكَبْهُ، فَإِذَا قَدِمْتَ فَائْتِنَا بِهِ وَهِيَ مُتَقَارِبَةٌ.

قَوْلُهُ: (قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ) هُوَ الْمُصَنِّفُ: (الِاشْتِرَاطُ أَكْثَرُ وَأَصَحُّ عِنْدِي) أَيْ أَكْثَرُ طُرُقًا وَأَصَحُّ مَخْرَجًا، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى أَنَّ الرُّوَاةَ اخْتَلَفُوا عَنْ جَابِرٍ فِي هَذِهِ الْوَاقِعَةِ هَلْ وَقَعَ الشَّرْطُ فِي الْعَقْدِ عِنْدَ الْبَيْعِ أَوْ كَانَ رُكُوبُهُ لِلْجَمَلِ بَعْدَ بَيْعِهِ إِبَاحَةً مِنَ النَّبِيِّ بَعْدَ شِرَائِهِ عَلَى طَرِيقِ الْعَارِيَّةِ، وَأَصْرَحُ مَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ رِوَايَةُ النَّسَائِيِّ الْمَذْكُورَةُ، لَكِنِ اخْتَلَفَ فِيهَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، وَحَمَّادٌ أَعْرَفُ بِحَدِيثِ أَيُّوبَ مِنْ سُفْيَانَ، وَالْحَاصِلُ أَنَّ الَّذِينَ ذَكَرُوهُ بِصِيغَةِ الِاشْتِرَاطِ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنَ الَّذِينَ خَالَفُوهُمْ وَهَذَا وَجْهٌ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحِ فَيَكُونُ أَصَحَّ، وَيَتَرَجَّحُ أَيْضًا بِأَنَّ الَّذِينَ رَوَوْهُ بِصِيغَةِ الِاشْتِرَاطِ مَعَهُمْ زِيَادَةٌ وَهُمَا حُفَّاظٌ فَتَكُونُ حُجَّةً، وَلَيْسَت رِوَايَةُ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ الِاشْتِرَاطَ مُنَافِيَةً لِرِوَايَةِ مَنْ ذَكَرَهُ، لِأَنَّ قَوْلَهُ: لَكَ ظَهْرُهُ وَأَفْقَرْنَاكَ ظَهْرَهُ وَتَبَلَّغَ عَلَيْهِ لَا يَمْنَعُ وُقُوعَ الِاشْتِرَاطِ قَبْلَ ذَلِكَ.

وَقَدْ رَوَاهُ عَنْ جَابِرٍ بِمَعْنَى الِاشْتِرَاطِ أَيْضًا أَبُو الْمُتَوَكِّلِ عِنْدَ أَحْمَدَ وَلَفْظُهُ: فَبِعْنِي وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ لَكِنْ أَخْرَجَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْجِهَادِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ أَبِي الْمُتَوَكِّلِ فَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِلشَّرْطِ إِثْبَاتًا وَلَا نَفْيًا، وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بِلَفْظِ: أَتَبِيعُنِي جَمَلَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ. قَالَ: أقْدَمْ عَلَيْهِ الْمَدِينَةَ وَرَوَاهُ أَحْمَدُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُبَيْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ: فَاشْتَرَى مِنِّي بَعِيرًا فَجَعَلَ لِي ظَهْرَهُ حَتَّى أَقْدَمَ الْمَدِينَةَ وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ بِلَفْظِ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ نَاضِحُكَ إِذَا أَتَيْتَ الْمَدِينَةَ.

وَرَوَاهُ أَيْضًا عَنْ جَابِرٍ، نُبَيْحٌ الْعَنَزِيُّ عِنْدَ أَحْمَدَ فَلَمْ يَذْكُرِ الشَّرْطَ وَلَفْظُهُ: قَدْ أَخَذْتُهُ بِوُقِيَّةٍ، قَالَ: فَنَزَلْتُ إِلَى الْأَرْضِ، فَقَالَ: مَا لَكَ؟ قُلْتُ: جَمَلُكَ. قَالَ: ارْكَبْ، فَرَكِبْتُ حَتَّى أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرٍ فَلَمْ يَذْكُرِ الشَّرْطَ قَالَ فِيهِ: حَتَّى بَلَغَ أُوقِيَّةً، قُلْتُ: قَدْ رَضِيتُ، قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: فَهُوَ لَكَ، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ. ثُمَّ قَالَ: يَا جَابِرُ هَلْ تَزَوَّجْتَ الْحَدِيثَ.

وَمَا جَنَحَ إِلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ تَرْجِيحِ رِوَايَةِ الِاشْتِرَاطِ هُوَ الْجَارِي عَلَى طَرِيقَةِ الْمُحَقِّقِينَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَوَقَّفُونَ عَنْ تَصْحِيحِ الْمَتْنِ إِذَا وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ إِلَّا إِذَا تَكَافَأَتِ الرِّوَايَاتُ، وَهُوَ شَرْطُ الِاضْطِرَابِ الَّذِي يُرَدُّ بِهِ الْخَبَرُ، وَهُوَ مَفْقُودٌ هُنَا مَعَ إِمْكَانِ التَّرْجِيحِ، قَالَ ابْنُ دَقِيقِ الْعِيدِ: إِذَا اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ وَكَانَتِ الْحُجَّةُ بِبَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ تَوَقَّفَ الِاحْتِجَاجُ بِشَرْطِ تَعَادُلِ الرِّوَايَاتِ، أَمَّا إِذَا وَقَعَ التَّرْجِيحُ لِبَعْضِهَا بِأَنْ تَكُونَ رُوَاتُهَا أَكْثَرَ عَدَدًا أَوْ أَتْقَنَ حِفْظًا فَيَتَعَيَّنُ الْعَمَلُ بِالرَّاجِحِ، إِذِ الْأَضْعَفُ لَا يَكُونُ مَانِعًا مِنَ الْعَمَلِ بِالْأَقْوَى، وَالْمَرْجُوحُ لَا يَمْنَعُ التَّمَسُّكَ بِالرَّاجِحِ، وَقَدْ جَنَحَ الطَّحَاوِيُّ إِلَى تَصْحِيحِ الِاشْتِرَاطِ لَكِنْ