يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَتَقَدَّمَ نَحْوُهُ فِي الْوَكَالَةِ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ طَرِيقِ عَطَاءٍ وَغَيْرِهِ عَنْ جَابِرٍ، وَلِأَحْمَدَ، وَأَبِي عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ: فَوَاللَّهِ مَا زَالَ يَنْمِي وَيَزِيدُ عِنْدَنَا وَترَى مَكَانَهُ مِنْ بَيْتِنَا حَتَّى أُصِيبَ أَمْسِ فِيمَا أُصِيبَ لِلنَّاسِ يَوْمَ الْحَرَّةِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ فَقَالَ: يَا بِلَالُ أَعْطِهِ ثَمَنَهُ، فَلَمَّا أَدْبَرْتُ دَعَانِي فَخِفْتُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيَّ فَقَالَ: هُوَ لَكَ وَفِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ فِي النِّكَاحِ: فَأَمَرَ بِلَالًا أَنْ يَزِنَ لِي أُوقِيَّةً فَوَزَنَ بِلَالٌ وَأَرْجَحَ لِي فِي الْمِيزَانِ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى وَلَّيْتُ فَقَالَ: ادْعُ جَابِرًا، فَقُلْتُ: الْآنَ يَرُدُّ عَلَيَّ الْجَمَلَ، وَلَمْ يَكُنْ شَيْءٌ أَبْغَضَ إِلَيَّ مِنْهُ، فَقَالَ: خُذْ جَمَلَكَ وَلَكَ ثَمَنُهُ، وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ مُشْكِلَةٌ مَعَ قَوْلِهِ الْمُتَقَدِّمِ: وَلَمْ يَكُنْ لَنَا نَاضِحٌ غَيْرُهُ، وَقَوْلِهِ: وَكَانَتْ لِي إِلَيْهِ حَاجَةٌ شَدِيدَةٌ، وَلَكِنِّي اسْتَحْيَيْتُ مِنْهُ، وَمَعَ تَنْدِيمِ خَالِهِ لَهُ عَلَى بَيْعِهِ، وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي أَوَّلِ الْحَالِ، وَكَانَ الثَّمَنُ أَوْفَرَ مِنْ قِيمَتِهِ وَعَرَفَ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهِ أَحْسَنَ مِنْهُ وَيَبْقَى لَهُ بَعْضُ الثَّمَنِ فَلِذَلِكَ صَارَ يَكْرَهُ رَدَّهُ عَلَيْهِ. وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي هُبَيْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ: فَلَمَّا أَتَيْتُهُ دَفَعَ إِلَيَّ الْبَعِيرَ وَقَالَ: هُوَ لَكَ، فَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ فَأَخْبَرْتُهُ، فَجَعَلَ يَعْجَبُ وَيَقُولُ: اشْتَرَى مِنْكَ الْبَعِيرَ وَدَفَعَ إِلَيْكَ الثَّمَنَ ثُمَّ وَهَبَهُ لَكَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَوْلُهُ: (مَا كُنْتُ لِآخُذَ جَمَلَكَ، فَخُذْ جَمَلَكَ ذَلِكَ فَهُوَ مَالُكَ) كَذَا وَقَعَ هُنَا، وَقَدْ رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ بِلَفْظِ: أَتُرَانِي إِنَّمَا مَاكَسْتُكَ لِآخُذَ جَمَلَكَ، خُذْ جَمَلَكَ وَدَرَاهِمَكَ هُمَا لَكَ، أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ عَنِ الطَّبَرَانِيِّ عَنْهُ، وَكَذَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، عَنْ زَكَرِيَّا، لَكِنْ قَالَ فِي آخِرِهِ: فَهُوَ لَكَ، وَعَلَيْهَا اقْتَصَرَ صَاحِبُ الْعُمْدَةِ وَوَقَعَ لِأَحْمَدَ، عَنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ، عَنْ زَكَرِيَّا بِلَفْظِ: قَالَ: أَظَنَنْتَ حِينَ مَاكَسْتُكَ أَذْهَبُ بِجَمَلِكَ؟ خُذْ جَمَلَكَ وَثَمَنَهُ فَهُمَا لَكَ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ وَكَذَلِكَ رِوَايَةُ الْبُخَارِيِّ تُوَضِّحُ أَنَّ اللَّامَ فِي قَوْلِهِ: لِآخُذَ لِلتَّعْلِيلِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَمْدُودَةٌ، وَوَقَعَ لِبَعْضِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ كَمَا حَكَاهُ عِيَاضٌ لَا بِصِيغَةِ النَّفْيِ، وخُذْه بِصِيغَةِ الْأَمْرِ، وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ التَّكْرَارُ فِي قَوْلِهِ: خُذْ جَمَلَكَ. وَقَوْلُهُ: مَاكَسْتُكَ هُوَ مِنَ الْمُمَاكَسَةِ أَيِ الْمُنَاقَصَةِ فِي الثَّمَنِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْمُسَاوَمَةِ عِنْدَ الْبَيْعِ كَمَا تَقَدَّمَ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: هَذَا مِنْ أَحْسَنِ التَّكَرُّمِ، لِأَنَّ مَنْ بَاعَ شَيْئًا فَهُوَ فِي الْغَالِبِ مُحْتَاجٌ لِثَمَنِهِ، فَإِذَا تَعَوَّضَ مِنَ الثَّمَنِ بَقِيَ فِي قَلْبِهِ مِنَ الْمَبِيعِ أَسَفٌ عَلَى فِرَاقِهِ كَمَا قِيلَ:
وَقَدْ تُخْرِجُ الْحَاجَاتُ يَا أُمَّ مَالِكٍ … نَفَائِسَ مِنْ رَبٍّ بِهِنَّ ضَنِينُ
فَإِذَا رُدَّ عَلَيْهِ الْمَبِيعُ مَعَ ثَمَنِهِ ذَهَبَ الْهَمُّ عَنْهُ وَثَبَتَ فَرَحُهُ وَقُضِيَتْ حَاجَتُهُ، فَكَيْفَ مَعَ مَا انْضَمَّ إِلَى ذَلِكَ مِنَ الزِّيَادَةِ فِي الثَّمَنِ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ مُغِيرَةَ) أَيِ ابْنِ مِقْسَمٍ الضَّبِّيِّ (عَنْ عَامِرٍ) هُوَ الشَّعْبِيُّ (عَنْ جَابِرٍ: أَفْقَرَنِي ظَهْرُهُ) بِتَقْدِيمِ الْفَاءِ عَلَى الْقَافِ أَيْ حَمَلَنِي عَلَى فَقَارِهِ، وَالْفَقَارُ عِظَامُ الظَّهْرِ، وَرِوَايَةُ شُعْبَةَ هَذِهِ وَصَلَهَا الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ كَثِيرٍ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ إِسْحَاقُ) أَيِ ابْنُ إِبْرَاهِيمَ (عَنْ جَرِيرٍ، عَنْ مُغِيرَةَ: فَبِعْتُهُ عَلَى أَنَّ لِي فَقَارَ ظَهْرِهِ حَتَّى أَبْلُغَ الْمَدِينَةَ) وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ تَأْتِي مَوْصُولَةً فِي الْجِهَادِ، وَهِيَ دَالَّةٌ عَلَى الِاشْتِرَاطِ، بِخِلَافِ رِوَايَةِ شُعْبَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ فَإِنَّهَا لَا تَدُلُّ عَلَيْهِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ مُغِيرَةَ عِنْدَ النَّسَائِيِّ بِلَفْظٍ مُحْتَمَلٍ قَالَ فِيهِ: قَالَ: بِعْنِيهِ وَلَكَ ظَهْرُهُ حَتَّى تَقْدَمَ وَوَافَقَ زَكَرِيَّا عَلَى ذِكْرِ الِاشْتِرَاطِ فِيهِ يَسَارٌ عَنِ الشَّعْبِيِّ أَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ بِلَفْظِ: فَاشْتَرَى مِنِّي بَعِيرًا عَلَى أَنَّ لِي ظَهْرَهُ حَتَّى أَقَدَمَ الْمَدِينَةَ.
قَوْلُهُ: (وَقَالَ عَطَاءٌ وَغَيْرُهُ) أَيْ عَنْ جَابِرٍ (وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ) تَقَدَّمَ مَوْصُولًا مُطَوَّلًا فِي الْوَكَالَةِ وَلَفْظُهُ: قَالَ: بِعْنِيهِ، قُلْتُ: هُوَ لَكَ، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ بِأَرْبَعَةِ دَنَانِيرَ وَلَكَ ظَهْرُهُ إِلَى الْمَدِينَةِ وَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute