لَهُ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ، وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ جَابِرٍ: فَقَالَ: أَتَبِيعُ نَاضِحَكَ هَذَا وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ؟، زَادَ النَّسَائِيُّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: وَكَانَتْ كَلِمَةً تَقُولُهَا الْعَرَبُ: افْعَلْ كَذَا وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ. وَلِأَحْمَدَ قَالَ سُلَيْمَانُ - يَعْنِي بَعْضَ رُوَاتِهِ - فَلَا أَدْرِي كَمْ مِنْ مَرَّةٍ يَعْنِي قَالَ لَهُ: وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ، وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ: اسْتَغْفَرَ لِي رَسُولُ اللَّهِ ﷺ لَيْلَةَ الْبَعِيرِ خَمْسًا وَعِشْرِينَ مَرَّةً، وَفِي رِوَايَةِ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ: أَتَبِيعُنِي جَمَلَكَ هَذَا يَا جَابِرُ؟ قُلْتُ: بَلْ أَهَبُهُ لَكَ. قَالَ: لَا، وَلَكِنْ بِعْنِيهِ فِي كُلِّ ذَلِكَ رَدٌّ لِقَوْلِ ابْنِ التِّينِ إِنَّ قَوْلَهُ: لَا لَيْسَ بِمَحْفُوظٍ فِي هَذِهِ الْقِصَّةِ.
قَوْلُهُ: (بِعْنِيهِ بِوُقِيَّةٍ) فِي رِوَايَةِ سَالِمٍ، عَنْ جَابِرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ: فَقَالَ بِعْنِيهِ، قُلْتُ: هُوَ لَكَ، قَالَ: قَدْ أَخَذْتُهُ بِوُقِيَّةٍ، وَلِابْنِ سَعْدٍ، وَأَبِي عَوَانَةَ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: فَلَمَّا أَكْثَرَ عَلَيَّ قُلْتُ: إِنَّ لِرَجُلٍ عَلَيَّ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ هُوَ لَكَ بِهَا، قَالَ: نَعَمْ، وَالْوُقِيَّةُ مِنَ الْفِضَّةِ كَانَتْ فِي عُرْفِ ذَلِكَ الزَّمَانِ أَرْبَعِينَ دِرْهَمًا وَفِي عُرْفِ النَّاسِ بَعْدَ ذَلِكَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَفِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ الْيَوْمَ اثْنَا عَشَرَ دِرْهَمًا، وَسَيَأْتِي بَيَانُ الِاخْتِلَافِ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ فِي آخِرِ الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ.
قَوْلُهُ: (فَاسْتَثْنَيْتُ حُمْلَانَهُ إِلَى أَهْلِي) الْحُمْلَانُ بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ الْحَمْلُ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ، أَيِ اسْتَثْنَيْتُ حَمْلَهُ إِيَّايَ، وَقَدْ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ بِلَفْظِ وَاسْتَثْنَيْتُ ظَهْرَهُ إِلَى أَنْ نُقْدِمَ، وَلِأَحْمَدَ مِنْ طَرِيقِ شَرِيكٍ، عَنْ مُغِيرَةَ: اشْتَرَى مِنِّي بَعِيرًا عَلَى أَنْ يُفْقِرَنِي ظَهْرَهُ سَفَرِي ذَلِكَ وَذَكَرَ الْمُصَنِّفُ الِاخْتِلَافَ فِي أَلْفَاظِهِ عَلَى جَابِرٍ، وَسَيَأْتِي بَيَانُهُ.
قَوْلُهُ: (فَلَمَّا قَدِمْنَا) زَادَ مُغِيرَةُ، عَنِ الشَّعْبِيِّ كَمَا مَضَى فِي الِاسْتِقْرَاضِ: فَلَمَّا دَنَوْنَا مِنَ الْمَدِينَةِ اسْتَأْذَنْتُهُ فَقَالَ: تَزَوَّجْتَ بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا؟ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي النِّكَاحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَزَادَ فِيهِ: فَقَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فَأَخْبَرْتُ خَالِي بِبَيْعِ الْجَمَلِ فَلَامَنِي. وَوَقَعَ عِنْدَ أَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ نُبَيْحٍ الْمَذْكُورَةِ: فَأَتَيْتُ عَمَّتِي بِالْمَدِينَةِ فَقُلْتُ لَهَا: أَلَمْ تَرَيْ أَنِّي بِعْتُ نَاضِحَنَا، فَمَا رَأَيْتُهَا أَعْجَبَهَا ذَلِكَ، وَسَيَأْتِي الْقَوْلُ فِي بَيَانِ تَسْمِيَةِ خَالِهِ فِي أَوَائِلِ الْهِجْرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَجَزَمَ ابْنُ لُقَطَةَ بِأَنَّهُ جَدٌّ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الدَّالِ ابْنُ قَيْسٍ، وَأَمَّا عَمَّتُهُ فَاسْمُهَا هِنْدُ بِنْتُ عَمْرٍو، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا جَمِيعًا لَمْ يُعْجِبْهُمَا بَيْعُهُ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ نَاضِحٌ غَيْرِهِ.
وَأَخْرَجَهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي كِتَابِ الْجِهَادِ بِلَفْظِ: ثُمَّ قَالَ: ائْتِ أَهْلَكَ، فَتَقَدَّمْتِ النَّاسُ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ كَيْسَانَ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ: وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ قَبْلِي، وَقَدِمْتُ بِالْغَدَاةِ فَجِئْتُ إِلَى الْمَسْجِدِ فَوَجَدْتُهُ فَقَالَ: الْآنَ قَدِمْتَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَدَعِ الْجَمَلَ وَادْخُلْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ. وَظَاهِرُهُمَا التَّنَاقُضُ، لِأَنَّ فِي إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ تَقَدَّمَ النَّاسَ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَفِي الْأُخْرَى أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدِمَ قَبْلَهُ، فَيَحْتَمِلُ فِي الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ قَوْلِهِ فَتَقَدَّمْتُ النَّاسَ أَنْ يَسْتَمِرَّ سَبْقُهُ لَهُمْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونُوا لَحِقُوهُ بَعْدَ أَنْ تَقَدَّمَهُمْ إِمَّا لِنُزُولِهِ لِرَاحَةٍ أَوْ نَوْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ امْتَثَلَ أَمْرَهُ ﷺ بِأَنْ لَا يَدْخُلَ لَيْلًا فَبَاتَ دُونَ الْمَدِينَةِ وَاسْتَمَرَّ النَّبِيُّ ﷺ إِلَى أَنْ دَخَلَهَا سَحَرًا وَلَمْ يَدْخُلْهَا جَابِرٌ حَتَّى طَلَعَ النَّهَارُ، وَالْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (أَتَيْتُهُ بِالْجَمَلِ) فِي رِوَايَةِ مُغِيرَةَ: فَلَمَّا قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ الْمَدِينَةَ غَدَوْتُ إِلَيْهِ بِالْبَعِيرِ وَلِأَبِي الْمُتَوَكِّلِ، عَنْ جَابِرٍ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْجِهَادِ: فَدَخَلْتُ - يَعْنِي الْمَسْجِدَ - إِلَيْهِ، وَعَقَلْتُ الْجَمَلَ، فَقُلْتُ: هَذَا جَمَلُكَ، فَخَرَجَ فَجَعَلَ يُطِيفُ بِالْجَمَلِ وَيَقُولُ: جَمَلُنَا، فَبَعَثَ إِلَيَّ أَوَاقٍ مِنْ ذَهَبٍ ثُمَّ قَالَ: اسْتَوْفَيْتَ الثَّمَنَ؟ قُلْتُ: نَعَمْ.
قَوْلُهُ: (وَنَقَدَنِي ثَمَنُهُ ثُمَّ انْصَرَفْتُ) فِي رِوَايَةِ مُغِيرَةَ الْمَاضِيَةِ فِي الِاسْتِقْرَاضِ: فَأَعْطَانِي ثَمَنَ الْجَمَلِ وَالْجَمَلَ وَسَهْمِي مَعَ الْقَوْمِ، وَفِي رِوَايَتِهِ الْآتِيَةِ فِي الْجِهَادِ: فَأَعْطَانِي ثَمَنَهُ وَرَدَّهُ عَلَيَّ، وَهِيَ كُلُّهَا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ؛ لِأَنَّ الْعَطِيَّةَ إِنَّمَا وَقَعَتْ لَهُ بِوَاسِطَةِ بِلَالٍ كَمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ: فَلَمَّا قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ قَالَ لِبِلَالٍ: أَعْطِهِ أُوقِيَّةً مِنْ ذَهَبٍ وَزِدْهُ، قَالَ: فَأَعْطَانِي أُوقِيَّةً وَزَادَنِي قِيرَاطًا، فَقُلْتُ: لَا تُفَارِقُنِي زِيَادَةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ.
الْحَدِيثَ، وَفِيهِ ذِكْرُ أَخْذِ أَهْلِ الشَّامِ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute