للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شَيْخِ الْبُخَارِيِّ فِيهِ، وَكَذَلِكَ عِنْدَ ابْنِ مَاجَهْ، وَأَبِي عَوَانَةَ فِي آخِرِ حَدِيثِ الْبَابِ قَالَ طَلْحَةُ: فَقَالَ هُزَيْلُ بْنُ شُرَحْبِيلَ: أَبُو بَكْرٍ كَانَ يَتَأَمَّرُ ع لَى وَصِيِّ رَسُولِ اللَّهِ، وَدَّ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ كَانَ وَجَدَ عَهْدًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ Object فَخَزَمَ أَنْفَهُ بِخِزَامٍ وَهُزَيْلٌ هَذَا بِالزَّايِ مُصَغَّرٌ أَحَدُ كِبَارِ التَّابِعِينَ وَمِنْ ثِقَاتِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي الْحَدِيثِ قَرِينَةٌ تُشْعِرُ بِتَخْصِيصِ السُّؤَالِ بِالْوَصِيَّةِ بِالْخِلَافَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، لَا مُطْلَقِ الْوَصِيَّةِ. قُلْتُ: أَخْرَجَ ابْنُ حِبَّانَ الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ بِلَفْظٍ يُزِيلُ الْإِشْكَالَ فَقَالَ: سُئِلَ ابْنُ أَبِي أَوْفَى: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللَّهِ Object؟ قَالَ: مَا تَرَكَ شَيْئًا يُوصِي فِيهِ.

قِيلَ: فَكَيْفَ أُمِرَ النَّاسُ بِالْوَصِيَّةِ وَلَمْ يُوصِ؟ قَالَ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: اسْتِبْعَادُ طَلْحَةَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ أَطْلَقَ، فَلَوْ أَرَادَ شَيْئًا بِعَيْنِهِ لَخَصَّهُ بِهِ، فَاعْتَرَضَهُ بِأَنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْوَصِيَّةَ وَأُمِرُوا بِهَا فَكَيْفَ لَمْ يَفْعَلْهَا النَّبِيُّ Object؟ فَأَجَابَهُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ أَطْلَقَ فِي مَوْضِعِ التَّقْيِيدِ، قَالَ: وَهَذَا يُشْعِرُ بِأَنَّ ابْنَ أَبِي أَوْفَى، وَطَلْحَةَ بْنَ مُصَرِّفٍ كَانَا يَعْتَقِدَانِ أَنَّ الْوَصِيَّةَ وَاجِبَةٌ، كَذَا قَالَ، وَقَوْلُ ابْنِ أَبِي أَوْفَى: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ أَيْ بِالتَّمَسُّكِ بِهِ وَالْعَمَلِ بِمُقْتَضَاهُ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ لِقَوْلِهِ Object: تَرَكْتُ فِيكُمْ مَا إِنْ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَمْ تَضِلُّوا: كِتَابَ اللَّهِ.

وَأَمَّا مَا صَحَّ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ أَنَّهُ Object أَوْصَى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ: لَا يَبْقَيَنَّ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ دِينَانِ وَفِي لَفْظٍ: أَخْرِجُوا الْيَهُودَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ، وَقَوْلُهُ: أَجِيزُوا الْوَفْدَ بِنَحْوِ مَا كُنْتُ أُجِيزُهُمْ بِهِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الرَّاوِي الثَّالِثَةَ، وَكَذَا مَا ثَبَتَ فِي النَّسَائِيِّ أَنَّهُ Object كَانَ آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ: الصَّلَاةَ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يُمْكِنُ حَصْرُهَا بِالتَّتَبُّعِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ ابْنَ أَبِي أَوْفَى لَمْ يُرِدْ نَفْيَهُ، وَلَعَلَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَصِيَّةِ بِكِتَابِ اللَّهِ لِكَوْنِهِ أَعْظَمَ وَأَهَمَّ، وَلِأَنَّ فِيهِ تِبْيَانَ كُلِّ شَيْءٍ إِمَّا بِطَرِيقِ النَّصِّ وَإِمَّا بِطَرِيقِ الِاسْتِنْبَاطِ، فَإِذَا اتَّبَعَ النَّاسُ مَا فِي الْكِتَابِ عَمِلُوا بِكُلِّ مَا أَمَرَهُمُ النَّبِيُّ Object بِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ﴾ الْآيَةَ، أَوْ يَكُونُ لَمْ يَحْضُرْ شَيْئًا مِنَ الْوَصَايَا الْمَذْكُورَةِ أَوْ لَمْ يَسْتَحْضِرْهَا حَالَ قَوْلِهِ، وَالْأَوْلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ بِالنَّفْيِ الْوَصِيَّةَ بِالْخِلَافَةِ أَوْ بِالْمَالِ، وَسَاغَ إِطْلَاقُ النَّفْيِ أَمَّا فِي الْأَوَّلِ فَبِقَرِينَةِ الْحَالِ وَأَمَّا فِي الثَّانِي فَلِأَنَّهُ الْمُتَبَادَرُ عُرْفًا، وَقَدْ صَحَّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ Object لَمْ يُوصِ أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ طَرِيقِ أَرْقَمَ بْنِ شُرَحْبِيلَ عَنْهُ، مَعَ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ هُوَ الَّذِي رَوَى حَدِيثَ أَنَّهُ Object أَوْصَى بِثَلَاثٍ، وَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: قَوْلُهُ: أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ الْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ أَمَرَ بِذَلِكَ وَأَطْلَقَ الْوَصِيَّةَ عَلَى سَبِيلِ الْمُشَاكَلَةِ، فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ. قُلْتُ: وَلَا يَخْفَى بُعْدُ مَا قَالَ وَتَكَلَّفُهُ، ثُمَّ قَالَ: أَوِ الْمَنْفِيُّ الْوَصِيَّةُ بِالْمَالِ أَوِ الْإِمَامَةُ، وَالْمُثْبَتُ الْوَصِيَّةُ بِكِتَابِ اللَّهِ، أَيْ بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ أَنْ يُعْمَلَ بِهِ انْتَهَى. وَهَذَا الْأَخِيرُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ، الْحَدِيثُ الرَّابِعُ.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ زُرَارَةَ) هُوَ النَّيْسَابُورِيُّ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَزُرَارَةُ بِضَمِّ الزَّايِ، وَأَمَّا عُمَرُ بْنُ زُرَارَةَ بِضَمِّ الْعَيْنِ فَهُوَ بَغْدَادِيٌّ وَلَمْ يُخَرِّجْ عَنْهُ الْبُخَارِيُّ شَيْئًا. وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ أَبِي عَلِيِّ بْنِ السَّكَنِ بَدَلَ عَمْرِو بْنِ زُرَارَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ زُرَارَةَ يَعْنِي الرَّقِّيَّ، قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْجَيَّانِيُّ: لَمْ أَرَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ، قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ فِي شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، إِسْمَاعِيلَ بْنَ زُرَارَةَ الثَّغْرِيَّ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْكَلَابَاذِيُّ وَلَا الْحَاكِمُ.

قَوْلُهُ: (أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ) هُوَ الْمَعْرُوفُ بِابْنِ عُلَيَّةَ، وَإِبْرَاهِيمُ هُوَ النَّخَعِيُّ، وَالْأَسْوَدُ هُوَ ابْنُ يَزِيدَ خَالُهُ.

قَوْلُهُ: (ذَكَرُوا عِنْدَ عَائِشَةَ أَنَّ عَلِيًّا Object كَانَ وَصِيًّا) قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: كَانَتْ الشِّيعَةُ قَدْ وَضَعُوا أَحَادِيثَ فِي أَنَّ النَّبِيَّ Object أَوْصَى بِالْخِلَافَةِ لِعَلِيٍّ، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ ذَلِكَ، وَكَذَا مَنْ بَعْدَهُمْ، فَمِنْ ذَلِكَ مَا اسْتَدَلَّتْ بِهِ عَائِشَةُ كَمَا سَيَأْتِي، وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَدَّعِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، وَلَا بَعْدَ أَنْ وَلِيَ الْخِلَافَةَ، وَلَا ذَكَرَهُ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ يَوْمَ