تَعْلِيقًا فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا فِي الْمُزَارَعَةِ وَفِي بَابِ هَلْ يَنْتَفِعُ الْوَاقِفُ بِوَقْفِهِ، وَفِي بَابِ إِذَا وَقَفَ شَيْئًا قَبْلَ أَنْ يَدْفَعَهُ إِلَى غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ) كَذَا اقْتَصَرَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، عَنْ مُسَدَّدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، وَبِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ، وَيَحْيَى الْقَطَّانِ: ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، وَقَدْ زَعَمَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّ ابْنَ عَوْنٍ تَفَرَّدَ بِهِ عَنْ نَافِعٍ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ؛ فَقَدْ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ رِوَايَةِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ، عَنْ نَافِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ قَبْلَ أَبْوَابٍ، وَأَخْرَجَهُ مُخْتَصَرًا وَأَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مُطَوَّلًا مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ، وَأَخْرَجَهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْأَكْبَرِ الْمُصَغَّرِ، وَأَحْمَدُ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْأَصْغَرِ الْمُكَبَّرِ، كُلُّهُمْ عَنْ نَافِعٍ، وَسَأَذْكُرُ مَا فِي رِوَايَتِهِمْ مِنَ الْفَوَائِدِ مُفَصَّلًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (عَنْ نَافِعٍ) فِي رِوَايَةِ الْأَنْصَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عَوْنٍ الْمَاضِيَةِ فِي آخِرِ الشُّرُوطِ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: أَنْبَأَنِي نَافِعٌ، وَالْإِنْبَاءُ بِمَعْنَى الْإِخْبَارِ عِنْدَ الْمُتَقَدِّمِينَ جَزْمًا، وَقَدْ وَقَعَ عِنْدَ الطَّحَاوِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ: أَخْبَرَنِي نَافِعٌ، وَالْأَنْصَارِيُّ الْمَذْكُورُ أَحَدُ شُيُوخِ الْبُخَارِيِّ، أَخْرَجَ عَنْهُ عِدَّةَ أَحَادِيثَ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي بَكْرٍ فِي أَنْصِبَةِ الزَّكَاةِ، وَأَخْرَجَ عَنْهُ فِي مَوَاضِعَ بِوَاسِطَةٍ، وَكَانَ الْأَنْصَارِيُّ الْمَذْكُورُ قَاضِيَ الْبَصْرَةِ، وَقَدْ تَمَذْهَبَ لِلْكُوفِيِّينَ فِي الْأَوْقَافِ، وَصَنَّفَ فِي الْكَلَامِ عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ جُزْءًا مُفْرَدًا.
قَوْلُهُ: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ ﵄ قَالَ: أَصَابَ عُمَرُ) كَذَا لِأَكْثَرِ الرُّوَاةِ عَنْ نَافِعٍ، ثُمَّ عَنِ ابْنِ عَوْنٍ جَعَلُوهُ فِي مُسْنَدِ ابْنِ عُمَرَ، لَكِنْ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَوْنٍ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كِلَاهُمَا عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ جَعَلَهُ مِنْ مُسْنَدِ عُمَرَ، وَالْمَشْهُورُ الْأَوَّلُ.
قَوْلُهُ: (بِخَيْبَرَ أَرْضًا) تَقَدَّمَ فِي رِوَايَةِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ أَنَّ اسْمَهَا ثَمْغٌ، وَكَذَا لِأَحْمَدَ مِنْ رِوَايَةِ أَيُّوبَ أَنَّ عُمَرَ أَصَابَ أَرْضًا مِنْ يَهُودِ بَنِي حَارِثَةَ يُقَالُ لَهَا: ثَمْغٌ، وَنَحْوُهُ فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ سَالِمٍ الْمَذْكُورَةِ، وَكَذَا لِلدَّارَقُطْنِيِّ مِنْ طَرِيقِ الدَّرَاوَرْدِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَلِلطَّحَاوِيِّ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، أَنَّ عُمَرَ رَأَى فِي الْمَنَامِ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِثَمْغٍ وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَصَبْتُ مَالًا لَمْ أُصِبْ مَالًا مِثْلَهُ قَطُّ، كَانَ لِي مِائَةُ رَأْسٍ فَاشْتَرَيْتُ بِهَا مِائَةَ سَهْمٍ مِنْ خَيْبَرَ مِنْ أَهْلِهَا فَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ ثَمْغٌ مِنْ جُمْلَةِ أَرَاضِي خَيْبَرَ، وَأَنَّ مِقْدَارَهَا كَانَ مِقْدَارَ مِائَةِ سَهْمٍ مِنَ السِّهَامِ الَّتِي قَسَمَهَا النَّبِيُّ ﷺ بَيْنَ مَنْ شَهِدَ خَيْبَرَ، وَهَذِهِ الْمِائَةُ السَّهْمُ غَيْرُ الْمِائَةِ السَّهْمِ الَّتِي كَانَتْ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ بِخَيْبَرَ الَّتِي حَصَّلَهَا مِنْ جُزْئِهِ مِنَ الْغَنِيمَةِ وَغَيْرِهِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي صِفَةِ كِتَابِ وَقْفِ عُمَرَ مِنْ عِنْدِ أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ، وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ قِصَّةَ عُمَرَ هَذِهِ كَانَتْ فِي سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ.
قَوْلُهُ: (أَنْفَسَ مِنْهُ) أَيْ أَجْوَدَ، وَالنَّفِيسُ الْجَيِّدُ الْمُغْتَبَطُ بِهِ، يُقَالُ: نَفُسَ - بِفَتْحِ النُّونِ وَضَمِّ الْفَاءِ - نَفَاسَةً، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: سُمِّيَ نَفِيسًا لِأَنَّهُ يَأْخُذُ بِالنَّفْسِ، وَفِي رِوَايَةِ صَخْرِ بْنِ جُوَيْرِيَةَ إِنِّي اسْتَفَدْتُ مَالًا وَهُوَ عِنْدِي نَفِيسٌ، فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِهِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي مُرْسَلِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ أَنَّهُ رَأَى فِي الْمَنَامِ الْأَمْرَ بِذَلِكَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةٍ لِلدَّارَقُطْنِيِّ إِسْنَادُهَا ضَعِيفٌ: أَنَّ عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ بِمَالِي، وَلَمْ يَثْبُتْ هَذَا، وَإِنَّمَا كَانَ صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ كَمَا سَأُوَضِّحُهُ مِنْ حِكَايَةِ لَفْظِ كِتَابِ الْوَقْفِ الْمَذْكُورِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
قَوْلُهُ: (فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي بِهِ)؟ فِي رِوَايَةِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّ عُمَرَ اسْتَشَارَ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فِي أَنْ يَتَصَدَّقَ.
قَوْلُهُ: (إِنْ شِئْتَ حَبَسْتَ أَصْلَهَا وَتَصَدَّقْتَ بِهَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute