مُصَغَّرٌ، وَكَذَا ضَبَطَهُ ابْنُ مَاكُولَا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ تَمِيمٍ نَفْسِهِ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ، وَالطَّبَرِيِّ بُدَيْلٌ بِدَالٍ بَدَلَ الزَّايِ، وَرَأَيْتُهُ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ تَفْسِيرِ الطَّبَرِيِّ بُرَيْلٌ بِرَاءٍ بِغَيْرِ نُقْطَةٍ، وَلِابْنِ مَنْدَهْ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ، عَنِ الْكَلْبِيِّ بُدَيْلُ بْنُ أَبِي مَارِيَةَ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ مُرْسَلًا لَكِنَّهُ لَمْ يُسَمِّهِ، وَوَهَمَ مَنْ قَالَ فِيهِ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ فَإِنَّهُ خُزَاعِيٌّ وَهَذَا سَهْمِيٌّ، وَكَذَا وَهَمَ مَنْ ضَبَطَهُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ كَانَ مُسْلِمًا، وَكَذَا أَخْرَجَهُ بِسَنَدِهِ فِي تَفْسِيرِهِ.
قَوْلُهُ: (مَعَ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ) أَيِ الصَّحَابِيِّ الْمَشْهُورِ، وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُسْلِمَ تَمِيمٌ كَمَا سَيَأْتِي، وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مِنْ مُرْسَلِ الصَّحَابِيِّ لِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ لَمْ يَحْضُرْ هَذِهِ الْقِصَّةَ، وَقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ أَنَّهُ رَوَاهَا عَنْ تَمِيمٍ نَفْسِهِ، بَيَّنَ ذَلِكَ الْكَلْبِيُّ فِي رِوَايَتِهِ الْمَذْكُورَةِ فَقَالَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ قَالَ: بَرِئَ النَّاسُ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ غَيْرِي وَغَيْرَ عَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ. وَكَانَا نَصْرَانِيَّيْنِ يَخْتَلِفَانِ إِلَى الشَّامِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، فَأَتَيَا الشَّامَ فِي تِجَارَتِهِمَا، وَقَدِمَ عَلَيْهِمَا مَوْلًى لِبَنِي سَهْمٍ.
وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ وَقَعَتْ قَبْلَ الْإِسْلَامِ ثُمَّ تَأَخَّرَتِ الْمُحَاكَمَةُ حَتَّى أَسْلَمُوا كُلُّهُمْ، فَإِنَّ فِي الْقِصَّةِ مَا يُشْعِرُ بِأَنَّ الْجَمِيعَ تَحَاكَمُوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَلَعَلَّهَا كَانَتْ بِمَكَّةَ سَنَةَ الْفَتْحِ.
قَوْلُهُ: (وَعَدِيِّ بْنِ بَدَّاءٍ) بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَشْدِيدِ الْمُهْمَلَةِ مَعَ الْمَدِّ، لَمْ تَخْتَلِفِ الرِّوَايَاتُ فِي ذَلِكَ إِلَّا مَا رَأَيْتُهُ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ لِلْكَرَابِيسِيِّ؛ فَإِنَّهُ سَمَّاهُ الْبَدَّاءَ بْنَ عَاصِمٍ، وَأَخْرَجَهُ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْوَاقِدِيِّ أَنَّ عَدِيَّ بْنَ بَدَّاءٍ كَانَ أَخَا تَمِيمٍ الدَّارِيِّ، فَإِنْ ثَبَتَ فَلَعَلَّهُ أَخُوهُ لِأُمِّهِ أَوْ مِنَ الرَّضَاعَةِ، لَكِنْ فِي تَفْسِيرِ مُقَاتِلِ بْنِ حِبَّانَ أَنَّ رَجُلَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ مِنْ أَهْلِ دَارِينِ أَحَدُهُمَا تَمِيمٌ وَالْآخَرُ يَمَانِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَمَاتَ السَّهْمِيُّ بِأَرْضٍ لَيْسَ بِهَا مُسْلِمٌ) فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ، فَمَرِضَ السَّهْمِيُّ فَأَوْصَى إِلَيْهِمَا، وَأَمَرَهُمَا أَنْ يُبَلِّغَا مَا تَرَكَ أَهْلَهُ، قَالَ تَمِيمٌ: فَلَمَّا مَاتَ أَخَذْنَا مِنْ تَرِكَتِهِ جَامًا وَهُوَ أَعْظَمُ تِجَارَتِهِ فَبِعْنَاهُ بِأَلِفِ دِرْهَمٍ فَاقْتَسَمْتُهَا أَنَا وَعَدِيٌّ.
قَوْلُهُ: (فَلَمَّا قَدِمَا بِتَرِكَتِهِ فَقَدُوا جَامًا) فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّ السَّهْمِيَّ الْمَذْكُورَ مَرِضَ، فَكَتَبَ وَصِيَّتَهُ بِيَدِهِ ثُمَّ دَسَّهَا فِي مَتَاعِهِ ثُمَّ أَوْصَى إِلَيْهِمَا، فَلَمَّا مَاتَ فَتَحَا مَتَاعَهُ ثُمَّ قَدِمَا عَلَى أَهْلِهِ فَدَفَعَا إِلَيْهِمْ مَا أَرَادَا، فَفَتَحَ أَهْلُهُ مَتَاعَهُ فَوَجَدُوا الْوَصِيَّةَ وَفَقَدُوا أَشْيَاءَ فَسَأَلُوهُمَا عَنْهَا فَجَحَدَا، فَرَفَعُوهُمَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ إِلَى قَوْلِهِ: ﴿لَمِنَ الآثِمِينَ﴾ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَسْتَحْلِفُوهُمَا.
قَوْلُهُ: (جَامًا) بِالْجِيمِ وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ أَيْ إِنَاءً.
قَوْلُهُ: (مُخَوَّصًا) بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَوَاوٍ ثَقِيلَةٍ بَعْدَهَا مُهْمَلَةٌ، أَيْ مَنْقُوشًا فِيهِ صِفَةُ الْخُوصِ، وَوَقَعَ فِي بَعْضِ نُسَخِ أَبِي دَاوُدَ مُخَوَّضًا بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ مُمَوَّهًا وَالْأَوَّلُ أَشْهَرُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ إِنَاءٌ مِنْ فِضَّةٍ مَنْقُوشٌ بِذَهَبٍ وَزَادَ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّ تَمِيمًا، وَعَدِيًّا لَمَّا سُئِلَا عَنْهُ قَالَا اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ، فَارْتَفَعُوا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَنَزَلَتْ: ﴿فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا﴾ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ تَمِيمٍ: فَلَمَّا أَسْلَمْتُ تَأَثَّمْتُ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَأَخْبَرْتُهُمُ الْخَبَرَ وَأَدَّيْتُ إِلَيْهِمْ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ وَأَخْبَرْتُهُمْ أَنَّ عِنْدَ صَاحِبِي مِثْلَهَا.
قَوْلُهُ: (فَقَامَ رَجُلَانِ مِنْ أَوْلِيَاءِ السَّهْمِيِّ) أَيِ الْمَيِّتِ، وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكَلْبِيِّ فَقَامَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَرَجُلٌ آخَرُ مِنْهُمْ، وَسَمَّى مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ فِي تَفْسِيرٍ الْآخَرَ الْمُطَّلِبَ بْنَ أَبِي وَدَاعَةَ وَهُوَ سَهْمِيٌّ أَيْضًا، لَكِنَّهُ سَمَّى الْأَوَّلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ، وَكَذَا جَزَمَ بِهِ يَحْيَى بْنُ سَلَّامٍ فِي تَفْسِيرِهِ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ أَظْهَرُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاسْتُدِلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ لِجَوَازِ رَدِّ الْيَمِينِ عَلَى الْمُدَّعِي فَيَحْلِفُ وَيَسْتَحِقُّ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِ. وَاسْتَدَلَّ بِهِ ابْنُ سُرَيْجٍ الشَّافِعِيُّ الْمَشْهُورُ لِلْحُكْمِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ، وَتَكَلَّفَ فِي انْتِزَاعِهِ فَقَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا﴾ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يُقِرَّا أَوْ يَشْهَدَ عَلَيْهِمَا شَاهِدَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَامْرَأَتَانِ، أَوْ شَاهِدٌ وَاحِدٌ، قَالَ: وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ بَعْدَ الْإِنْكَارِ