للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (تَئِيدَكُمْ) كَذَا فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ وَكَسْرِ التَّحْتَانِيَّةِ مَهْمُوزٌ، وَفَتْحِ الدَّالِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ أَصْلُهَا: تَيْدَكُمْ، وَالتُّؤَدَةُ: الرِّفْقُ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْأَصِيلِيِّ بِكَسْرِ أَوَّلِهِ وَضَمِّ الدَّالِ، وَهُوَ اسْمُ فِعْلٍ كَرُوَيْدًا، أَيِ: اصْبِرُوا وَأَمْهِلُوا وَعَلَى رِسْلِكُمْ. وَقِيلَ: إِنَّهُ مَصْدَرُ تَادَ يَتِيدُ، كَمَا يُقَالُ: سِيرُوا سَيْرَكُمْ، وَرُدَّ بِأَنَّهُ لَمْ يُسْمَعْ فِي اللُّغَةِ. وَيُؤَيِّدُ الْأَوَّلَ مَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ، وَشُعَيْبٍ: أَتِيدُوا أَيْ: تَمَهَّلُوا، وَكَذَا عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَأَبِي دَاوُدَ، وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ مِنْ طَرِيقِ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ مَالِكٍ: فَقَالَ عُمَرُ: ايْتَدْ بِلَفْظِ الْأَمْرِ لِلْمُفْرَدِ.

قَوْلُهُ: (أَنْشُدُكُمَا، أَتَعْلَمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ قَالَ ذَلِكَ؟) كَذَا فِيهِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ: قَالَا: نَعَمْ وَمَعْنَى أَنْشُدُكُمَا: أَسْأَلُكُمَا رَافِعًا نَشْدِي، أَيْ: صَوْتِي.

قَوْلُهُ: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ خَصَّ رَسُولَهُ فِي هَذَا الْفَيْءِ بِشَيْءٍ) فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ بِخَاصَّةٍ لَمْ يَخْصُصْ بِهَا غَيْرَهُ وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي التَّفْسِيرِ: كَانَتْ أَمْوَالُ بَنِي النَّضِيرِ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ، فَكَانَتْ لَهُ خَاصَّةً، وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ مِنْهَا نَفَقَةَ سَنَةٍ، ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ فِي السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ عُدَّةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ الْآتِيَةِ فِي النَّفَقَاتِ: كَانَ النَّبِيُّ يَبِيعُ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ، وَيَحْبِسُ لِأَهْلِهِ قوْتَ سَنَتِهِمْ أَيْ: ثَمَرَ النَّخْلِ، وَفِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: كَانَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ ثَلَاثُ صَفَايَا: بَنُو النَّضِيرِ، وَخَيْبَرُ، وَفَدَكُ. فَأَمَّا بَنُو النَّضِيرِ فَكَانَتْ حَبْسًا لِنَوَائِبِهِ، وَأَمَّا فَدَكُ فَكَانَتْ حَبْسًا لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، وَأَمَّا خَيْبَرُ فَجَزَّأَهَا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ قَسَّمَ جُزْءًا لِنَفَقَةِ أَهْلِهِ، وَمَا فَضَلَ مِنْهُ جَعَلَهُ فِي فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا لِاحْتِمَالِ أَنْ يُقَسِّمَ فِي فُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ، وَفِي مُشْتَرَى السِّلَاحِ وَالْكُرَاعِ، وذلك مُفَسِّرٌ لِرِوَايَةِ مَعْمَرٍ عِنْدَ مُسْلِمٍ، وَيَجْعَلُ مَا بَقِيَ مِنْهُ مَجْعَلَ مَالِ اللَّهِ.

وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ الْمَذْكُورَةِ: وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى أَهْلِهِ وَيَتَصَدَّقُ بِفَضْلِهِ، وَهَذَا لَا يُعَارِضُ حَدِيثَ عَائِشَةَ: أَنَّهُ تُوُفِّيَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عَلَى شَعِيرٍ؛ لِأَنَّهُ يُجْمَعُ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ كَانَ يَدَّخِرُ لِأَهْلِهِ قُوتَ سَنَتِهِمْ، ثُمَّ فِي طُولِ السَّنَةِ يَحْتَاجُ لِمَنْ يَطْرُقُهُ إِلَى إِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْهُ فَيُخْرِجُهُ، فَيَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُعَوِّضَ مَنْ يَأْخُذُ مِنْهَا عِوَضَهُ، فَلِذَلِكَ اسْتَدَانَ.

قَوْلُهُ: (مَا احْتَازَهَا) كَذَا لِلْأَكْثَرِ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَزَايٍ مُعْجَمَةٍ، وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ وَرَاءٍ مُهْمَلَةٍ، هَذَا ظَاهِرٌ فِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مُخْتَصًّا بِالنَّبِيِّ ، إِلَّا أَنَّهُ وَاسَى بِهِ أَقْرِبَاءَهُ وَغَيْرَهُمْ بِحَسَبِ حَاجَتِهِمْ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ عِكْرِمَةَ ابْنِ خَالِدٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَوْسٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ مَا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ قَالَ لِعَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ: أَنْشُدُكُمَا اللَّهَ، هَلْ تَعْلَمَانِ ذَلِكَ؟) زَادَ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ: قَالَا نَعَمْ.

قَوْلُهُ: (ثُمَّ تَوَفَّى اللَّهُ نَبِيَّهُ ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَنَا وَلِيُّ رَسُولِ اللَّهِ ، فَقَبَضَهَا أَبُو بَكْرٍ، فَعَمِلَ فِيهَا بِمَا عَمِلَ رَسُولُ اللَّهِ ، زَادَ فِي رِوَايَةِ عُقَيْلٍ: وَأَنْتُمَا حِينَئِذٍ - وَأَقْبَلَ عَلَى عَلِيٍّ، وَعَبَّاسٍ - تَزْعُمَانِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَذَا وَكَذَا وَفِي رِوَايَةِ شُعَيْبٍ: كَمَا تَقُولَانِ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ مِنَ الزِّيَادَةِ: فَجِئْتُمَا، تَطْلُبُ مِيرَاثَكَ مِنَ ابْنِ أَخِيكَ، وَيَطْلُبُ هَذَا مِيرَاثَ امْرَأَتِهِ مِنْ أَبِيهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : لَا نُورَثُ مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ، فَرَأَيْتُمَا كَاذِبًا آثِمًا غَادِرًا خَائِنًا وَكَأَنَّ الزُّهْرِيَّ كَانَ يُحَدِّثُ بِهِ تَارَةً فَيُصَرِّحُ، وَتَارَةً فَيُكَنِّي، وَكَذَلِكَ مَالِكٌ. وَقَدْ حُذِفَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْهُ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَغَيْرِهِ. وَهُوَ نَظِيرُ مَا سَبَقَ مِنْ قَوْلِ الْعَبَّاسِ، لِعَلِيٍّ.

وَهَذِهِ الزِّيَادَةُ مِنْ رِوَايَةِ عُمَرَ، عَنْ أَبِي بَكْرٍ حُذِفَتْ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ الْفَرَوِيِّ شَيْخِ الْبُخَارِيِّ، وَقَدْ ثَبَتَ أَيْضًا فِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ عُمَرَ عَنْهُ عِنْدَ أَصْحَابِ السُّنَنِ وَالْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَعَمْرِو بْنِ مَرْزُوقٍ، وَسَعِيدِ بْنِ دَاوُدَ كِلَاهُمَا عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، عَنْ مَالِكٍ عَلَى مَا قَالَ جُوَيْرِيَةُ، عَنْ مَالِكٍ، وَاجْتِمَاعُ هَؤُلَاءِ عَنْ مَالِكٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ حَفِظُوهُ، وَهَذَا الْقَدْرُ الْمَحْذُوفُ مِنْ رِوَايَةِ إِسْحَاقَ ثَبَتَ مِنْ رِوَايَتِهِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنَ الْحَدِيثِ، لَكِنْ جَعَلَ الْقِصَّةَ فِيهِ لِعُمَرَ حَيْثُ قَالَ: جِئْتَنِي يَا عَبَّاسُ، تَسْأَلُنِي