للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

مَنَازِلَهُمْ حَفِظَ ذَلِكَ مَنْ حَفِظَهُ وَنَسِيَهُ مَنْ نَسِيَهُ".

٣١٩٣ - حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قال النبي : "أُرَاهُ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى يَشْتِمُنِي ابْنُ آدَمَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَشْتِمَنِي وَيُكَذِّبُنِي وَمَا يَنْبَغِي لَهُ أَمَّا شَتْمُهُ فَقَوْلُهُ إِنَّ لِي وَلَدًا وَأَمَّا تَكْذِيبُهُ فَقَوْلُهُ لَيْسَ يُعِيدُنِي كَمَا بَدَأَنِي".

[الحديث ٣١٩٣ - طرفاه في: ٩٤٧٤، ٤٩٧٥]

٣١٩٤ - حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الأَعْرَجِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قال رسول الله : "لَمَّا قَضَى اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي غَلَبَتْ غَضَبِي".

[الحديث ٣١٩٤ - أطرافه في: ٧٤٠٤، ٧٤١٢، ٧٤٥٣، ٧٥٥٣، ٧٥٥٤]

قَوْلُهُ: (بَابُ مَا جَاءَ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ وَقَالَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ) بِالْمُعْجَمَةِ وَالْمُثَلَّثَةِ مُصَغَّرٌ، وَهُوَ كُوفِيٌّ مِنْ كِبَارِ التَّابِعِينَ، وَالْحَسَنُ هُوَ الْبَصْرِيُّ.

قَوْلُهُ: (كُلٌّ عَلَيْهِ هَيِّنٌ) أَيِ الْبَدْءُ وَالْإِعَادَةُ، أَيْ أَنَّهُمَا حَمَلَا أَهْوَنَ عَلَى غَيْرِ التَّفْضِيلِ وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الصِّفَةُ كَقَوْلِهِ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَكَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وَإِنِّي لَأَوْجَلُ

أَيْ وَإِنِّي لَوَجِلٌ، وَأَثَرُ الرَّبِيعِ وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ مُنْذِرٍ الثَّوْرِيِّ عَنْهُ نَحْوَهُ، وَأَمَّا أَثَرُ الْحَسَنِ فَرَوَى الطَّبَرِيُّ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ وَأَظُنُّهُ عَنِ الْحَسَنِ وَلَكِنَّ لَفْظَهُ: وَإِعَادَتُهُ أَهْوَنُ عَلَيْهِ مِنْ بَدْئِهِ، وَكُلٌّ عَلَى اللَّهِ هَيِّنٌ، وَظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ إِبْقَاءُ صِيغَةِ أَفْعَلَ عَلَى بَابِهَا، وَكَذَا قَالَ مُجَاهِدٌ فِيمَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَغَيْرُهُ وَقَدْ ذَكَرَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ أَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ كَانَ يَقْرَؤُهَا: وَهُوَ عَلَيْهِ هين، وَحَكَى بَعْضُهُمْ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْمَخْلُوقِ لِأَنَّهُ ابْتُدِئَ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً، وَالْإِعَادَةُ أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ، فَهُوَ أَهْوَنُ عَلَى الْمَخْلُوقِ، انْتَهَى. وَلَا يَثْبُتُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، بَلْ هُوَ مِنْ تَفْسِيرِ الْكَلْبِيِّ كَمَا حَكَاهُ الْفَرَّاءُ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَهُ بِالْحَيَوَانِ وَلِأَنَّ الضَّمِيرَ الَّذِي بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: ﴿وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى﴾ يَصِيرُ مَعْطُوفًا عَلَى غَيْرِ الْمَذْكُورِ قَبْلَهُ قَرِيبًا. وَقَدْ رَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ أَيْسَرُ.

وَقَالَ الزَّجَّاجُ: خُوطِبَ الْعِبَادُ بِمَا يَعْقِلُونَ لِأَنَّ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْبَعْثَ أَهْوَنُ مِنَ الِابْتِدَاءِ فَجَعَلَهُ مَثَلًا وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى، وَذَكَرَ الرَّبِيعُ، عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْآيَةِ قَالَ: هُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ أَيْ فِي الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ، لَا أَنَّ شَيْئًا يَعْظُمُ عَلَى اللَّهِ، لِأَنَّهُ يَقُولُ لِمَا لَمْ يَكُنْ كُنْ فَيَخْرُجُ مُتَّصِلًا، وَأَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ نَحْوَهُ عَنِ الضَّحَّاكِ، وَإِلَيْهِ نَحَا الْفَرَّاءُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَوْلُهُ: (وَهَيِّنٌ وَهَيْنٌ مِثْلُ لَيِّنٍ وَلَيْنٌ وَمَيِّتٌ وَمَيْتٌ وَضَيِّقٌ وَضَيْقٌ) الْأَوَّلُ بِالتَّشْدِيدِ وَالثَّانِي بِالتَّخْفِيفِ فِي الْجَمِيعِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي تَفْسِيرِ الْفُرْقَانِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا﴾ هِيَ مُخَفَّفَةٌ بِمَنْزِلَةِ هَيْنٍ وَلَيْنٍ وَضَيْقٍ بِالتَّخْفِيفِ فِيهَا وَالتَّشْدِيدِ، وَسَيَأْتِي ذَلِكَ أَيْضًا فِي آخِرِ تَفْسِيرِ سُورَةِ النَّحْلِ، وَعَنِ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ: أَنَّ الْعَرَبَ تَمْدَحُ بِالْهَيْنِ اللَّيْنِ مُخَفَّفًا وَتَذُمُّ بِهِمَا مُثَقَّلًا، فَالْهَيْنُ بِالتَّخْفِيفِ مِنَ الْهَوْنِ وَهُوَ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ وَمِنْهُ يَمْشُونَ هَوْنًا وَعَيْنُهُ وَاوٌ، بِخِلَافِ الْهَيِّنِ بِالتَّشْدِيدِ.

قَوْلُهُ: أَفَعَيِينَا أَفَأَعْيَا عَلَيْنَا حِينَ أَنْشَأَكُمْ وَأَنْشَأَ خَلْقَكُمْ. كَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّ