مَلَكُ التَّصْوِيرِ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ. وَأَمَّا مَالِكٌ خَازِنُ النَّارِ فَيَأْتِي ذِكْرُهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ الزُّخْرُفِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا مَلَكُ الْجِبَالِ فَلَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ أَيْضًا، وَمِنْ مَشَاهِيرِ الْمَلَائِكَةِ إِسْرَافِيلُ وَلَمْ يَقَعْ لَهُ ذِكْرٌ فِي أَحَادِيثِ الْبَابِ، وَقَدْ رَوَى النَّقَّاشُ أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَجَدَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَجُوزِيَ بِوِلَايَةِ اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ الَّذِي نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ ﷺ فَخَيَّرَهُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا عَبْدًا أَوْ نَبِيًّا مَلِكًا، فَأَشَارَ إِلَيْهِ جِبْرِيلُ أَنْ تَوَاضَعْ، فَاخْتَارَ أَنْ يَكُونَ نَبِيًّا عَبْدًا، وَرَوَى أَحْمَدُ، وَالتِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: كَيْفَ أَنْعَمُ وَصَاحِبُ الْقَرْنِ قَدِ الْتَقَمَ الْقَرْنَ وَحنَى جَبْهَتَهُ وَانْتَظَرَ أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ الْحَدِيثَ، وَقَدِ اشْتَمَلَ كِتَابُ الْعَظَمَةِ لِأَبِي الشَّيْخِ مِنْ ذِكْرِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى أَحَادِيثَ وَآثَارٍ كَثِيرَةٍ فَلْيَطْلُبْهَا مِنْهُ مَنْ أَرَادَ الْوُقُوفَ عَلَى ذَلِكَ، وَفِيهِ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ ذَكَرَ الْمَلَائِكَةَ، فَقَالَ: مِنْهُمُ الْأُمَنَاءُ عَلَى وَحْيِهِ، وَالْحَفَظَةُ لِعِبَادِهِ، وَالسَّدَنَةُ لِجِنَانِهِ، وَالثَّابِتَةُ فِي الْأَرْضِ السُّفْلَى أَقْدَامُهُمْ، الْمَارِقَةُ مِنَ السَّمَاءِ الْعُلْيَا أَعْنَاقُهُمْ، الْخَارِجَةُ عَنِ الْأَقْطَارِ أَكْنَافُهُمْ، الْمَاسَّةُ لِقَوَائِمِ الْعَرْشِ أَكْتَافُهُمْ.
الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ حَدِيثُ الْإِسْرَاءِ أَوْرَدَهُ بِطُولِهِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، عَنْ مَالِكِ بْنِ صَعْصَعَةَ، وَسَأَذْكُرُ شَرْحَهُ فِي السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ قُبَيْلَ أَبْوَابِ الْهِجْرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا مَا يَتَعَلَّقُ بِالْمَلَائِكَةِ، وَقَدْ سَاقَهُ هُنَا عَلَى لَفْظِ خَلِيفَةَ، وَهُنَاكَ عَلَى لَفْظِ هُدْبَةَ بْنِ خَالِدٍ، وَسَأُبَيِّنُ مَا بَيْنَهُمَا مِنَ التَّفَاوُتِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَوْلُهُ: بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَلْآنٍ كَذَا لِلْأَكْثَرِ، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ: مَلْأَى وَالتَّذْكِيرُ بِاعْتِبَارِ الْإِنَاءِ، وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ الطَّسْتِ لِأَنَّهَا مُؤَنَّثَةٌ، وَوَجَدْتُ بِخَطِّ الدِّمْيَاطِيِّ: مُلِئَ بِضَمِّ الْمِيمِ عَلَى لَفْظِ الْفِعْلِ الْمَاضِي، فَعَلَى هَذَا لَا تَغَايُرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مَلْآنٍ، وَقَوْلُهُ مَرَاقِّ الْبَطْنِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ الْقَافِ هُوَ مَا سَفَلَ مِنَ الْبَطْنِ وَرَقَّ مِنْ جِلْدِهِ، وَأَصْلُهُ مَرَاقِقُ، وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا مَوْضِعُ رِقَّةِ الْجِلْدِ.
وَقَوْلُهُ بِدَابَّةٍ أَبْيَضَ ذَكَرَهُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِهِ مَرْكُوبًا، وَقَوْلُهُ فِي آخِرِهِ وَقَالَ هَمَّامٌ، عَنْ قَتَادَةَ إِلَخْ يُرِيدُ أَنَّ هَمَّامًا فَصَّلَ فِي سِيَاقِهِ قِصَّةَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ مِنْ قِصَّةِ الْإِسْرَاءِ، فَرَوَى أَصْلَ الْحَدِيثِ عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، وَقِصَّةَ الْبَيْتِ عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، وَأَمَّا سَعِيدٌ وَهُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَهِشَامٌ وَهُوَ الدَّسْتُوَائِيُّ فَأَدْرَجَا قِصَّةَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَالصَّوَابُ رِوَايَةُ هَمَّامٍ وَهِيَ مَوْصُولَةٌ هُنَا عَنْ هُدْبَةَ عَنْهُ، وَوَهِمَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهَا مُعَلَّقَةٌ، فَقَدْ رَوَى الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ فِي مُسْنَدِهِ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ عَنْ هُدْبَةَ، فَاقْتَصَّ الْحَدِيثَ إِلَى قَوْلِهِ فَرَفَعَ لِيَ الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ، قَالَ قَتَادَةُ: فَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ رَأَى الْبَيْتَ الْمَعْمُورَ يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَلَا يَعُودُونَ فِيهِ، وَأَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ سُفْيَانَ، وَأَبِي يَعْلَى، وَالْبَغَوِيِّ وَغَيْرِ وَاحِدٍ كُلُّهُمْ عَنْ هُدْبَةَ بِهِ مُفَصَّلًا، وَعُرِفَ بِذَلِكَ مُرَادُ الْبُخَارِيِّ بِقَوْلِهِ فِي الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: الْبَيْتُ الْمَعْمُورُ مَسْجِدٌ فِي السَّمَاءِ بِحِذَاءِ الْكَعْبَةِ لَوْ خَرَّ لَخَرَّ عَلَيْهَا، يَدْخُلُهُ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ كُلَّ يَوْمٍ إِذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا، وَهَذَا وَمَا قَبْلَهُ يُشْعِرُ بِأَنَّ قَتَادَةَ كَانَ تَارَةً يُدْرِجُ قِصَّةَ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَتَارَةً يَفْصِلُهَا، وَحِينَ يَفْصِلُهَا تَارَةً يَذْكُرُ سَنَدَهَا وَتَارَةً يُبْهِمُهُ، وَقَدْ رَوَى إِسْحَاقُ فِي مُسْنَدِهِ
وَالطَّبَرِيُّ وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ طَرِيقِ خَالِدِ بْنِ عَرْعَرَةَ، عَنْ عَلِيٍّ: أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ قَالَ: السَّمَاءُ، وَعَنِ الْبَيْتِ الْمَعْمُورِ قَالَ: بَيْتٌ فِي السَّمَاءِ بِحِيَالِ الْبَيْتِ حُرْمَتُهُ فِي السَّمَاءِ كَحُرْمَةِ هَذَا فِي الْأَرْضِ، يَدْخُلُهُ كُلَّ يَوْمٍ سَبْعُونَ أَلْفَ مَلَكٍ وَلَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلطَّبَرِيِّ أَنَّ السَّائِلَ عَنْ ذَلِكَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّا.، وَلِابْنِ مَرْدُوَيْهِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ وَزَادَ: وَهُوَ عَلَى مِثْلِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ لَوْ سَقَطَ لَسَقَطَ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ، وَنَحْوَهُ بِإِسْنَادٍ صَالِحٍ، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو نَحْوَهُ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute