للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

هَذَا الطَّبَرِيُّ مِنْ جِهَةِ مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ مِنْ عُمُومِ قَوْلِهِمْ ذَلِكَ فِي كُلِّ مَا رُزِقُوهُ، قَالَ: فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ أَوَّلُ رِزْقٍ رُزِقُوهُ، فَيَتَعَيَّنُ أَنْ لَا يَكُونَ قَبْلَهُ إِلَّا مَا كَانَ فِي الدُّنْيَا.

قَوْلُهُ: (يُشْبِهُ بَعْضُهُ بَعْضًا وَيَخْتَلِفُ فِي الطَّعْمِ) هُوَ كَقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَيْسَ فِي الدُّنْيَا مِمَّا فِي الْجَنَّةِ إِلَّا الْأَسْمَاءُ. وَقَالَ الْحَسَنُ: مَعْنَى قَوْلِهِ: مُتَشَابِهًا أَيْ خِيَارًا لَا رَدَاءَةَ فِيهِ.

(تَنْبِيهٌ):

وَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ: هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ أُتِينَا وَلِغَيْرِهِ أُوتِينَا وَهُوَ الصَّوَابُ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: هُوَ مِنْ أُوتِيتُهُ بِمَعْنَى أُعْطِيتُهُ، وَلَيْسَ مِنْ أَتَيْتُهُ بِالْقَصْرِ بِمَعْنَى جِئْتُهُ.

قَوْلُهُ: (قُطُوفُهَا: يَقْطِفُونَ كَيْفَ شَاءُوا. دَانِيَةً: قَرِيبَةً) أَمَّا قَوْلُهُ: يَقْطِفُونَ كَيْفَ شَاءُوا فَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ﴾ قَالَ: يَتَنَاوَلُ مِنْهَا حَيْثُ شَاءَ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: دَانِيَةً قَرِيبَةً فَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ أَيْضًا، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ: دَنَتْ فَلَا يَرُدُّ أَيْدِيَهُمْ عَنْهَا بُعْدٌ وَلَا شَوْكٌ.

قَوْلُهُ: (الْأَرَائِكُ: السُّرُرُ) رَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ طَرِيقِ حُصَيْنٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: الْأَرَائِكُ السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ. وَمِنْ طَرِيقِ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ نَحْوَهُ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ عَبَّاسٍ. وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ، وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ جَمِيعًا أَنَّ الْأَرِيكَةَ هِيَ الْحَجْلَةُ عَلَى السَّرِيرِ. وَعَنْ ثَعْلَبٍ: الْأَرِيكَةُ لَا تَكُونُ إِلَّا سَرِيرًا مُتَّخَذًا فِي قُبَّةٍ عَلَيْهِ شَوَارِهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ الْحَسْنُ النَّضْرَةُ فِي الْوَجْهِ وَالسُّرُورُ فِي الْقَلْبِ) رَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُبَارَكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنِ الْحَسَنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا﴾ فَذَكَرَهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿سَلْسَبِيلا﴾ حَدِيدَةُ الْجِرْيَةِ) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وَحَدِيدَةُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَبِدَالَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ أَيْضًا أَيْ قَوِيَّةُ الْجِرْيَةِ. وَذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّ الْقَابِسِيَّ رَوَاهَا حَرِيدَةُ بِرَاءٍ بَدَلَ الدَّالِ الْأُولَى وَفَسَّرَهَا بِلَيِّنَةٍ، قَالَ: وَالَّذِي قَالَهُ لَا يُعْرَفُ وَإِنَّمَا فَسَرُّوا السَّلْسَبِيلَ بِالسَّهْلَةِ اللَّيِّنَةِ الْجِرْيَةِ. قُلْتُ: يُشِيرُ بِذَلِكَ إِلَى تَفْسِيرِ قَتَادَةَ، رَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ عَنْهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلا﴾ قَالَ: سِلْسِلَةٌ لَهُمْ يَصْرِفُونَهَا حَيْثُ شَاءُوا، وَقَدْ رَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ أَيْضًا عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: تَجْرِي شِبْهَ السَّيْلِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ رِوَايَةَ الْأَصِيلِيِّ أَنَّهُ أَرَادَ قُوَّةَ الْجَرْيِ، وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى مَحَلٍّ وَاحِدٍ بَلْ أَرَادَ مُجَاهِدٌ صِفَةَ جَرْيِ الْعَيْنِ، وَأَرَادَ قَتَادَةُ صِفَةَ الْمَاءِ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: السَّلْسَبِيلُ اسْمُ الْعَيْنِ الْمَذْكُورَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ، وَلَكِنِ اسْتُبْعِدَ لِوُقُوعِ الصَّرْفِ فِيهِ، وَأَبْعَدَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَلَامٌ مَفْصُولٌ مِنْ فِعْلِ أَمْرٍ وَاسْمِ مَفْعُولٍ.

قَوْلُهُ: ﴿غَوْلٌ﴾ وَجَعُ الْبَطْنِ. ﴿يُنْزَفُونَ﴾ لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ) رَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿لا فِيهَا غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ﴾ فَذَكَرَهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: دِهَاقًا: مُمْتَلِئَةً) وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنْهُ قَالَ: الْكَأْسُ الدِّهَاقُ الْمُمْتَلِئَةُ الْمُتَتَابِعَةُ، وَسَيَأْتِي فِي أَيَّامِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.

قَوْلُهُ: ﴿وَكَوَاعِبَ﴾ نَوَاهِدَ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَوَاعِبَ أَتْرَابًا﴾ قَالَ: نَوَاهِدُ، انْتَهَى. وَهُوَ جَمْعُ نَاهِدٍ، وَالنَّاهِدُ الَّتِي بَدَا نَهْدُهَا.

قَوْلُهُ: (الرَّحِيقُ: الْخَمْرُ) وَصَلَهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿رَحِيقٍ مَخْتُومٍ﴾ قَالَ: الْخَمْرُ خُتِمَ بِالْمِسْكِ، وَقِيلَ: الرَّحِيقُ هُوَ الْخَالِصُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ.

قَوْلُهُ: (التَّسْنِيمُ يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ) وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: التَّسْنِيمُ يَعْلُو شَرَابَ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَهُوَ صِرْفٌ لِلْمُقَرَّبِينَ، وَيُمْزَجُ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ.

قَوْلُهُ: ﴿خِتَامُهُ﴾ طِينُهُ مِسْكٌ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿خِتَامُهُ مِسْكٌ﴾ قَالَ: طِينُهُ مِسْكٌ. قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي حَادِي الْأَرْوَاحِ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ هَذَا يَحْتَاجُ إِلَى تَفْسِيرٍ، وَالْمُرَادُ مَا يَبْقَى آخِرَ الْإِنَاءِ مِنَ الدُّرْدِيِّ مَثَلًا. قَالَ: وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ مَعْنَاهُ آخِرَ