للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شُرْبِهِمْ يُخْتَمُ بِرَائِحَةِ الْمِسْكِ. قُلْتُ: هَذَا أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ فِي قَوْلِهِ خِتَامُهُ مِسْكٌ قَالَ: هُوَ شَرَابٌ أَبْيَضُ مِثْلُ الْفِضَّةِ يَخْتِمُونَ بِهِ آخِرَ شَرَابِهِمْ، وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ: خِتَامُهُ آخِرُ طَعْمِهِ.

قَوْلُهُ: ﴿نَضَّاخَتَانِ﴾ فَيَّاضَتَانِ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.

قَوْلُهُ: (يُقَالُ ﴿مَوْضُونَةٍ﴾ مَنْسُوجَةٌ، مِنْهُ وَضِينُ النَّاقَةِ) هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ، قَالَ فِي قَوْلِهِ: مَوْضُونَةٍ أَيْ مَنْسُوجَةٍ، وَإِنَّمَا سَمَّتِ الْعَرَبُ وَضِينَ النَّاقَةِ وَضِينًا لِأَنَّهُ مَنْسُوجٌ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ فِي قَوْلِهِ: على ﴿سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ﴾ يُقَالُ: مُتَدَاخِلَةٌ كَمَا يُوصَلُ حَلَقُ الدِّرْعِ بَعْضُهَا فِي بَعْضٍ مُضَاعَفَةً. قَالَ: وَالْوَضِينُ الْبِطَانُ إِذَا نُسِجَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ مُضَاعَفًا، وَهُوَ وَضِينٌ فِي مَوْضِعِ مَوْضُونٍ. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ الضَّحَّاكِ فِي قَوْلِهِ: مَوْضُونَةٍ قَالَ: التَّوْضِينُ التَّشْبِيكُ وَالنَّسْجُ، يَقُولُ وَسَطُهَا مُشَبَّكٌ مَنْسُوجٌ. وَمِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: مَوْضُونَةٍ قَالَ: مُشَبَّكَةٌ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ.

قَوْلُهُ: (وَالْكُوبُ مَا لَا أُذُنَ لَهُ وَلَا عُرْوَةَ، وَالْأَبَارِيقُ ذَوَاتُ الْآذَانِ وَالْعُرَى) هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ سَوَاءٌ، وَروي عن عَبْد بْن حُمَيْدٍ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ: الْكُوبُ الَّذِي دُونَ الْإِبْرِيقِ لَيْسَ لَهُ عُرْوَةٌ.

قَوْلُهُ: ﴿عُرُبًا﴾ مُثَقَّلَةٌ) أَيْ مَضْمُومَةُ الرَّاءِ (وَاحِدُهَا عَرُوبٌ مِثْلُ صَبُورٍ وَصُبُرٍ) أَيْ عَلَى وَزْنِهِ، وَهَذَا قَوْلُ الْفَرَّاءِ، وَحَكَى عَنِ الْأَعْمَشِ قَالَ: كُنْتُ أَسْمَعُهُمْ يَقُولُونَ: عُرْبًا بِالتَّخْفِيفِ وَهُوَ كَالرُّسُلِ وَالرُّسْلِ بِالتَّخْفِيفِ فِي لُغَةِ تَمِيمٍ وَبَكْرٍ، قَالَ الْفَرَّاءُ وَالْوَجْهُ التَّثْقِيلُ؛ لِأَنَّ كُلَّ فَعُولٍ أَوْ فَعِيلٍ أَوْ فِعَالٍ جُمِعَ عَلَى هَذَا الْمِثَالِ فَهُوَ مُثَقَّلٌ مُذَكَّرًا أَوْ مُؤَنَّثًا، قُلْتُ: مُرَادُهُمْ بِالتَّثْقِيلِ الضَّمُّ وَبِالتَّخْفِيفِ الْإِسْكَانُ.

قَوْلُهُ: (يُسَمِّيهَا أَهْلُ مَكَّةَ الْعَرِبَةُ إِلَخْ) جَزَمَ الْفَرَّاءُ بِأَنَّهَا الْغَنِجَةُ. وَأَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ وَمِنْ طَرِيقِ بُرَيْدَةَ قَالَ: هِيَ الشَّكِلَةُ بِلُغَةِ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَغْنُوجَةُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، وَمِثْلُهُ فِي كِتَابِ مَكَّةَ لِلْفَاكِهِيِّ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ قَالَ: هِيَ الْحَسَنَةُ الْكَلَامِ، وَمِنْ طَرِيقِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا: الْعُرُبُ كَلَامُهُنَّ عَرَبِيٌّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ مُنْقَطِعٌ، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ تَمِيمِ بْنِ حِذَامٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿عُرُبًا﴾ قَالَ: الْعَرِبَةُ الْحَسَنَةُ التَّبَعُّلِ، كَانَتِ الْعَرَبُ تَقُولُ إِذَا كَانَتِ الْمَرْأَةُ حَسَنَةُ التَّبَعُّلِ: إِنَّهَا لَعَرِبَةٌ. وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ الْمَكِّيِّ قَالَ: الْعَرِبَةُ الَّتِي تَشْتَهِي زَوْجَهَا، أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَقُولُ لِلنَّاقَةِ إِنَّهَا لَعَرِبَةٌ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: رَوْحٌ جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ، وَالرَّيْحَانُ الرِّزْقُ) يُرِيدُ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ﴾ قَالَ الْفِرْيَابِيُّ: حَدَّثَنَا وَرْقَاءُ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَرَوْحٌ قَالَ جَنَّةٌ، وَرَيْحَانٌ قَالَ رِزْقٌ. وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الشُّعَبِ مِنْ طَرِيقِ آدَمَ، عَنْ وَرْقَاءَ بِسَنَدِهِ بِلَفْظِ: ﴿فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ﴾ قَالَ: الرَّوْحُ جَنَّةٌ وَرَخَاءٌ، وَالرَّيْحَانُ رِزْقٌ.

قَوْلُهُ: (وَالْمَنْضُودُ الْمَوْزُ، وَالْمَخْضُودُ الْمُوقَرُ حَمْلًا، وَيُقَالُ أَيْضًا الَّذِي لَا شَوْكَ لَهُ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ﴾ قَالَ: الْمَوْزُ الْمُتَرَاكِمُ. وَالسِّدْرُ الْمَخْضُودُ الْمُوقَرُ حَمْلًا. وَيُقَالُ أَيْضًا الَّذِي لَا شَوْكَ فِيهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَعْجَبُونَ بِوَجٍّ وَظِلَالِهِ مِنْ طَلْحٍ وَسِدْرٍ. قُلْتُ: وَجٌّ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ بِالطَّائِفِ، وَكَأَنَّ عِيَاضًا لَمْ يَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فَزَعَمَ فِي أَوَاخِرِ الْمَشَارِقِ أَنَّ الَّذِي وَقَعَ فِي الْبُخَارِيِّ تَخْلِيطٌ، قَالَ: وَالصَّوَابُ وَالطَّلْحُ الْمَوْزُ، وَالْمَنْضُودُ الْمُوقَرُ حَمْلًا الَّذِي نَضَدَ بَعْضُهُ عَلَى بَعْضٍ مِنْ كَثْرَةِ حَمْلِهِ. كَذَا قَالَ، وَقَدْ نَقَلَ الطَّبَرِيُّ الْقَوْلَيْنِ عَنْ جَمْعٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ بِأَسَانِيدِهِ إِلَيْهِمْ، فَنَقَلَ الْأَوَّلَ عَنْ مُجَاهِدٍ، وَالضَّحَّاكِ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَنَقَلَ الثَّانِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَتَادَةَ، وَعِكْرِمَةَ، وَقَسَامَةَ بْنِ زُهَيْرٍ وَغَيْرِهِمْ، وَكَأَنَّ عِيَاضًا اسْتَبْعَدَ تَفْسِيرَ الْخَضَدِ بِالثِّقَلِ لِأَنَّ الْخَضَدَ فِي اللُّغَةِ الْقَطْعُ، وَقَدْ نَقَلَ أَهْلُ اللُّغَةِ أَيْضًا أَنَّ الْخَضَدَ التَّثَنِّي، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ التَّأْوِيلُ الْأَوَّلُ، أَيْ أَنَّهُ مِنْ كَثْرَةِ حَمْلِهِ انْثَنَى، وَأَمَّا التَّأْوِيلُ الَّذِي ذَكَرَهُ