للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالْعَظْمِ وَاللَّحْمِ وَالْجِلْدِ. وَوَقَعَ عِنْدَ التِّرْمِذِيِّ: لَيُرَى بَيَاضُ سَاقِهَا مِنْ وَرَاءِ سَبْعِينَ حُلَّةً حَتَّى يُرَى مُخُّهَا، وَنَحْوُهُ لِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ، وَزَادَ: يَنْظُرُ وَجْهَهُ فِي خَدِّهَا أَصْفَى مِنَ الْمِرْآةِ.

قَوْلُهُ: (قَلْبُ وَاحِدٍ) فِي رِوَايَةِ الْأَكْثَرِ بِالْإِضَافَةِ، وَلِلْمُسْتَمْلِي بِالتَّنْوِينِ قَلْبٌ وَاحِدٌ وَهُوَ مِنَ التَّشْبِيهِ الَّذِي حُذِفَتْ أَدَاتُهُ أَيْ كَقَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، وَقَدْ فَسَّرَهُ بِقَوْلِهِ: لَا تَحَاسُدَ بَيْنَهُمْ وَلَا اخْتِلَافَ أَيْ: أَنَّ قُلُوبَهُمْ طَهُرَتْ عَنْ مَذْمُومِ الْأَخْلَاقِ.

قَوْلُهُ: (يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا) أَيْ قَدْرَهُمَا، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: هَذَا التَّسْبِيحُ لَيْسَ عَنْ تَكْلِيفٍ وَإِلْزَامٍ، وَقَدْ فَسَّرَهُ جَابِرٌ فِي حَدِيثِهِ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِقَوْلِهِ: يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّكْبِيرَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ، وَوَجْهُ التَّشْبِيهِ أَنَّ تَنَفُّسَ الْإِنْسَانِ لَا كُلْفَةَ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَابُدَّ لَهُ مِنْهُ، فَجَعَلَ تَنَفُّسَهُمْ تَسْبِيحًا، وَسَبَبُهُ أَنَّ قُلُوبَهُمْ تَنَوَّرَتْ بِمَعْرِفَةِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَامْتَلَأَتْ بِحُبِّهِ، وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِهِ. وَقَدْ وَقَعَ فِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ: أَنَّ تَحْتَ الْعَرْشِ سِتَارَةً مُعَلَّقَةٌ فِيهِ ثُمَّ تُطْوَى، فَإِذَا نُشِرَتْ كَانَتْ عَلَامَةَ الْبُكُورِ، وَإِذَا طُوِيَتْ كَانَتْ عَلَامَةَ الْعَشِيِّ.

قَوْلُهُ فِي آخِرِ الرِّوَايَةِ الثانية: (قَالَ مُجَاهِدٌ: الْإِبْكَارُ أَوَّلُ الْفَجْرِ، وَالْعَشِيُّ مَيْلُ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ - أُرَاهُ - تَغْرُبَ) كَذَا فِي الْأَصْلِ، وَكَأَنَّ الْمُصَنِّفَ شَكَّ فِي لَفْظِ تَغْرُبَ فَأَدْخَلَ قَبْلَهَا أُرَاهُ، وَهُوَ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ أَيْ أَظُنُّهُ، فَهِيَ جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَ أَنْ وَالْفِعْلِ، وَقَدْ وَصَلَهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَالطَّبَرِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ بِلَفْظِ: إِلَى أَنْ تَغِيبَ، وَهُوَ بِالْمَعْنَى الَّذِي ظَنَّهُ الْمُصَنِّفُ، قَالَ الطَّبَرِيُّ: الْإِبْكَارُ مَصْدَرٌ، تَقُولُ أَبْكَرَ فُلَانٌ فِي حَاجَتِهِ يُبَكِّرُ إِبْكَارًا إِذَا خَرَجَ مِنْ بَيْنِ طُلُوعِ الْفَجْرِ إِلَى وَقْتِ الضُّحَى، وَأَمَّا الْعَشِيُّ فَمِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ قَالَ الشَّاعِرُ:

فَلَا الظِّلُّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى يَسْتَطِيعُهُ … وَلَا الْفَيْءُ مِنْ بَرْدِ الْعَشِيِّ يَذُوقُ

قَالَ: وَالْفَيْءُ يَكُونُ مِنْ عِنْدِ زَوَالِ الشَّمْسِ وَيَتَنَاهَى بِمَغِيبِهَا.

الْحَدِيثُ الثَّامِنُ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ فِي عَدَدِ مَنْ يَدْخُلِ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي الرِّقَاقِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ التَّاسِعُ حَدِيثُ أَنَسٍ: أُهْدِيَ لِلنَّبِيِّ جُبَّةُ سُنْدُسٍ الْحَدِيثَ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي كِتَابِ اللِّبَاسِ، وَمَضَى مُعْظَمُهُ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ، وَالْغَرَضُ مِنْهُ هُنَا ذِكْرُ مَنَادِيلِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ فِي الْجَنَّةِ.

الحديث العاشر حَدِيثُ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ فِي ذَلِكَ، وَذَكَرَهُ عَقِبَ حَدِيثِ أَنَسٍ لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ تَعَجَّبَ النَّاسُ مِنْهَا، وَبَيَّنَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ حَيْثُ وَقَعَ فِيهِ: فَجَعَلُوا يَعْجَبُونَ مِنْ حُسْنِهِ وَلِينِهِ وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ أَيْضًا فِي اللِّبَاسِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

الْحَدِيثُ الْحَادِي عَشَرَ حَدِيثُ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: مَوْضِعُ سَوْطٍ فِي الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، وَقَدْ تَقَدَّمَ شَرْحُهُ فِي أَوَّلِ الْجِهَادِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ.

الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ حَدِيثُ أَنَسٍ: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً.

قَوْلُهُ: (حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ) هُوَ بِفَتْحِ الرَّاءِ وَهُوَ بَصْرِيٌّ مَشْهُورٌ، وَكَذَا بَقِيَّةُ رِجَالِ الْإِسْنَادِ، وَسَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، وَلَيْسَ لِرَوْحِ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ فِي الْبُخَارِيِّ سِوَى هَذَا الْحَدِيثِ الْوَاحِدِ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ وَزَادَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ: وَإِنْ شِئْتُمْ فَاقْرَءُوا: ﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ﴾

الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي ذَلِكَ، وَفِيهِ الزِّيَادَةُ الْمُشَارُ إِلَيْهَا، وَفِيهِ: وَلَقَابَ قَوْسٍ، وَهَذَا الْأَخِيرُ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ مَعَ الْكَلَامِ عَلَيْهِ، وَالشَّجَرَةُ الْمَذْكُورَةُ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: يُقَالُ إِنَّهَا طُوبَى.

(قُلْتُ) وَشَاهِدُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ عُتْبَةَ بْنِ عَبْدٍ السُّلَمِيِّ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالطَّبَرَانِيِّ، وَابْنِ حِبَّانَ، فَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَنْ قَالَ: إِنَّمَا نُكِّرَتْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى اخْتِلَافِ جِنْسِهَا بِحَسَبِ شَهَوَاتِ أَهْلِ الْجَنَّةِ.

قَوْلُهُ: (يَسِيرُ الرَّاكِبُ) أَيْ: أَيُّ رَاكِبٍ فُرِضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَمَلَهُ عَلَى الْوَسَطِ الْمُعْتَدِلِ، وَقَوْلُهُ: فِي ظِلِّهَا أَيْ فِي نَعِيمِهَا وَرَاحَتِهَا وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ عَيْشٌ ظَلِيلٌ، وَقِيلَ: مَعْنَى ظِلِّهَا نَاحِيَتِهَا، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى امْتِدَادِهَا،