للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣٢٦٧ - حَدَّثَنَا عَلِيٌّ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لِأُسَامَةَ: "لَوْ أَتَيْتَ فُلَانًا فَكَلَّمْتَهُ قَالَ إِنَّكُمْ لَتُرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلاَّ أُسْمِعُكُمْ إِنِّي أُكَلِّمُهُ فِي السِّرِّ دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا لَا أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ وَلَا أَقُولُ لِرَجُلٍ أَنْ كَانَ عَلَيَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالُوا وَمَا سَمِعْتَهُ يَقُولُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِي النَّارِ فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ فَيَقُولُونَ أَيْ فُلَانُ مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنْ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَاكُمْ عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ". رَوَاهُ غُنْدَرٌ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ الأَعْمَشِ.

[الحديث ٣٢٦٧ - طرفه في: ٧٠٩٨]

قَوْلُهُ: (بَابُ صِفَةِ النَّارِ وَأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ) الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي بَابِ صِفَةِ الْجَنَّةِ سَوَاءٌ.

قَوْلُهُ: (غَسَّاقًا، يُقَالُ غَسَقَتْ عَيْنُهُ وَيَغْسِقُ الْجُرْحُ) وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ أَبِي عُبَيْدَةَ، فَإِنَّهُ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿إِلا حَمِيمًا وَغَسَّاقًا﴾ الْحَمِيمُ الْمَاءُ الْحَارُّ، وَالْغَسَّاقُ مَا هُمِيَ وَسَالَ، يُقَالُ: غَسَقْتُ مِنَ الْعَيْنِ وَمِنَ الْجُرْحِ، وَيُقَالُ: عَيْنُهُ تَغْسِقُ أَيْ تَسِيلُ، وَالْمُرَادُ فِي الْآيَةِ مَا سَالَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ مِنَ الصَّدِيدِ، رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ قَوْلِ قَتَادَةَ وَمِنْ قَوْلِ إِبْرَاهِيمَ، وَعَطِيَّةَ بْنِ سَعْدٍ وَغَيْرِهِمْ، وَقِيلَ: مِنْ دُمُوعِهِمْ أَخْرَجَهُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ عِكْرِمَةَ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ: الْغَسَّاقُ الْبَارِدُ الَّذِي يُحْرِقُ بِبَرْدِهِ رَوَاهُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَأَبِي الْعَالِيَةِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْهَرَوِيُّ: مَنْ قَرَأَهُ بِالتَّشْدِيدِ أَرَادَ السَّائِلَ، وَمَنْ قَرَأَهُ بِالتَّخْفِيفِ أَرَادَ الْبَارِدَ. وَقِيلَ: الْغَسَّاقُ الْمُنْتِنُ رَوَاهُ الطَّبَرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ وَقَالَ: إِنَّهَا بِالطِّخَارِيَّةِ، وَلَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَالْحَاكِمُ مَرْفُوعًا: لَوْ أَنَّ دَلْوًا مِنْ غَسَّاقٍ يُهْرَاقُ إِلَى الدُّنْيَا لَأَنْتَنَ أَهْلَ الدُّنْيَا، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مَوْقُوفًا: الْغَسَّاقُ الْقَيْحُ الْغَلِيظُ، لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْهُ تُهْرَاقُ بِالْمَغْرِبِ لَأَنْتَنَ أَهْلَ الْمَشْرِقِ.

قَوْلُهُ: (وَكَأَنَّ الْغَسَّاقَ وَالْغَسِيقَ وَاحِدٌ) كَذَا لِأَبِي ذَرٍّ، وَالْغَسِيقُ بِوَزْنِ فَعِيلٍ، وَلِغَيْرِهِ وَالْغَسَقُ بِفَتْحَتَيْنِ، قَالَ الطَّبَرِيُّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ﴾ الْغَاسِقُ: اللَّيْلُ إِذَا لَبِسَ الْأَشْيَاءَ وَغَطَّاهَا، وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِذَلِكَ هُجُومُهُ عَلَى الْأَشْيَاءِ هُجُومَ السَّيْلِ، وَكَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْآيَةِ السَّائِلُ مِنَ الصَّدِيدِ الْجَامِعِ بَيْنَ شِدَّةِ الْبَرْدِ وَشِدَّةِ النَّتْنِ، وَبِهَذَا تَجْتَمِعُ الْأَقْوَالُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ

قَوْلُهُ: (غِسْلِينٍ كُلُّ شَيْءٍ غَسَلْتَهُ فَخَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ فَهُوَ غِسْلِينٌ، فِعْلِينٌ مِنَ الْغُسْلِ مِنَ الْجُرْحِ وَالدَّبَرِ) كَلَامُ أَبِي عُبَيْدَةَ فِي الْمَجَازِ، وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَال: الْغِسْلِينُ صَدِيدُ أَهْلِ النَّارِ، وَالدَّبَرُ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ هُوَ مَا يُصِيبُ الْإِبِلَ مِنَ الْجِرَاحَاتِ.

(تَنْبِيهٌ):

قَوْلُهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿وَلا طَعَامٌ إِلا مِنْ غِسْلِينٍ﴾ يُعَارِضُهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: ﴿لَيْسَ لَهُمْ طَعَامٌ إِلا مِنْ ضَرِيعٍ﴾ وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الضَّرِيعَ مِنَ الْغِسْلِينِ، وَهَذَا يَرُدُّهُ مَا سَيَأْتِي فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ الضَّرِيعَ نَبَاتٌ، وَقِيلَ: الِاخْتِلَافُ بِحَسَبِ مَنْ يُطْعَمُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، فَمَنِ اتَّصَفَ بِالصِّفَةِ الْأُولَى فَطَعَامُهُ مِنْ غِسْلِينٍ، وَمَنِ اتَّصَفَ بِالثَّانِيَةِ فَطَعَامُهُ مِنْ ضَرِيعٍ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ عِكْرِمَةُ: حَصَبُ جَهَنَّمَ حَطَبٌ بِالْحَبَشِيَّةِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: حَاصِبًا الرِّيحُ الْعَاصِفُ، وَالْحَاصِبُ مَا يَرْمِي