للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِهِ الرِّيحُ، وَمِنْهُ حَصَبُ جَهَنَّمَ يُرْمَى بِهِ فِي جَهَنَّمَ هُمْ حَصَبُهَا) أَمَّا قَوْلُ عِكْرِمَةَ فَوَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبْجَرَ سَمِعْتُ عِكْرِمَةَ بِهَذَا، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ لَكِنْ لَمْ يَقُلْ بِالْحَبَشِيَّةِ، وَرَوَى الْفَرَّاءُ عَنْ عَلِيٍّ وَعَائِشَةَ أَنَّهُمَا قَرَآهَا حَطَبُ بِالطَّاءِ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَرَأَهَا بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ: وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُمُ الَّذِينَ تُسْجَرُ بِهِمُ النَّارُ لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ هِيجَتْ بِهِ النَّارُ فَهُوَ حَصَبٌ لَهَا، وَأَمَّا قَوْلُ غَيْرِهِ: فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾ أَيْ رِيحًا عَاصِفًا يَحْصِبُ، وَفِي قَوْلِهِ: ﴿حَصَبُ جَهَنَّمَ﴾: كُلُّ شَيْءٍ أَلْقَيْتَهُ فِي النَّارِ فَقَدْ حَصَبْتَهَا بِهِ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ فِي قَوْلِهِ: حَصَبُ جَهَنَّمَ قَالَ: تُحْصَبُ بِهِمْ جَهَنَّمُ وَهُوَ الرَّمْيُ، يَقُولُ: يُرْمَى بِهِمْ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ حَصَبَ فِي الْأَرْضِ ذَهَبَ، وَالْحَصَبُ مُشْتَقٌّ مِنْ حَصْبَاءِ الْحِجَارَةِ) رَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنْ أَبِي جُرَيْجٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا﴾ قَالَ: مَطَرُ الْحِجَارَةِ.

قَوْلُهُ: (صَدِيدٌ: قَيْحٌ وَدَمٌ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَيُسْقَى مِنْ مَاءٍ صَدِيدٍ﴾ قَالَ: الصَّدِيدُ الْقَيْحُ وَالدَّمُ.

قَوْلُهُ: (خَبَتْ: طَفِئَتْ) أَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿كُلَّمَا خَبَتْ﴾ قَالَ: طَفِئَتْ، وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَكَنَتْ، وَمِثْلُهُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَرَجَحَ لِأَنَّهُمْ يَقُولُونَ لِلنَّارِ إِذَا سَكَنَ لَهَبُهَا وَعَلَا الْجَمْرَ رَمَادٌ: خَبَتْ، فَإِنْ طُفِئَ مُعْظَمُ الْجَمْرِ قَالُوا: خَمَدَتْ، فَإِنْ طُفِئَ كُلُّهُ قَالُوا: هَمَدَتْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ نَارَ جَهَنَّمَ لَا تُطْفَأُ.

قَوْلُهُ: (تُورُونَ: تَسْتَخْرِجُونَ، أَوْرَيْتُ: أَوْقَدْتُ) يُرِيدُ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ﴾ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: تُورُونَ أَيْ: تَسْتَخْرِجُونَ مِنْ أَوْرَيْتُ، قَالَ: وَأَكْثَرُ مَا يُقَالُ: وَرَيْتُ.

قَوْلُهُ: (لِلْمُقْوِينَ: لِلْمُسَافِرِينَ، وَالْقِيُّ: الْقَفْرُ) رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لِلْمُقْوِينَ لِلْمُسَافِرِينَ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، وَالضَّحَّاكِ مِثْلَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ: لِلْمُقْوِينَ أَيِ الْمُسْتَمْتِعِينَ الْمُسَافِرِ وَالْحَاضِرِ، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ﴾ أَيْ مَنْفَعَةً لِلْمُسَافِرِينَ إِذَا نَزَلُوا بِالْأَرْضِ، وَالْأَرْضُ الْقِيُّ - يَعْنِي بِكَسْرِ الْقَافِ وَالتَّشْدِيدِ - الْقَفْرُ الَّذِي لَا شَيْءَ فِيهِ، وَرَجَّحَ هَذَا الطَّبَرِيُّ وَاسْتَشْهَدَ عَلَى ذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صِرَاطِ الْجَحِيمِ: سَوَاءِ الْجَحِيمِ وَوَسَطِ الْجَحِيمِ) رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاءِ الْجَحِيمِ﴾ قَالَ: فِي وَسَطِ الْجَحِيمِ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، وَالْحَسَنِ مِثْلَهُ.

قَوْلُهُ: (لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ: يُخْلَطُ طَعَامُهُمْ وَيُسَاطُ بِالْحَمِيمِ) رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ السُّدِّيِّ قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ﴾ الشَّوْبُ الْخَلْطُ وَهُوَ الْمَزْجُ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: تَقُولُ الْعَرَبُ كُلُّ شَيْءٍ خَلَطْتَهُ بِغَيْرِهِ فَهُوَ مَشُوبٌ.

قَوْلُهُ: (زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ: صَوْتٌ شَدِيدٌ وَصَوْتٌ ضَعِيفٌ) هُوَ تَفْسِيرُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ، وَمِنْ طَرِيقِ أَبِي الْعَالِيَةِ قَالَ: الزَّفِيرُ فِي الْحَلْقِ وَالشَّهِيقُ فِي الصَّدْرِ، وَمِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ قَالَ: هُوَ كَصَوْتِ الْحِمَارِ أَوَّلُهُ زَفِيرٌ وَآخِرُهُ شَهِيقٌ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ الشَّهِيقُ هُوَ الَّذِي يَبْقَى بَعْدَ الصَّوْتِ الشَّدِيدِ مِنَ الْحِمَارِ.

قَوْلُهُ: (وِرْدًا: عِطَاشًا) رَوَى ابْنُ أبي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا﴾ قَالَ: عِطَاشًا، وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ قَالَ: مُنْقَطِعَةً أَعْنَاقُهُمْ مِنَ الظَّمَإِ، وَقَوْلُهُ: وِرْدًا، هُوَ مَصْدَرُ وَرَدْتُ، وَالتَّقْدِيرُ ذَوِي وِرْدٍ، وَهَذَا يُنَافِي الْعَطَشَ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْوُرُودِ عَلَى الْمَاءِ الْوُصُولُ إِلَى تَنَاوُلِهِ، فَسَيَأْتِي فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: أَنَّهُمْ يَشْكُونَ الْعَطَشَ فَتَرْفَعُ لَهُمْ جَهَنَّمُ سَرَابَ مَاءٍ فَيُقَالُ: أَلَا تَرِدُونَ؟ فَيَرِدُونَهَا فَيَتَسَاقَطُونَ فِيهَا.

قَوْلُهُ: (غَيًّا: خُسْرَانًا) أَخْرَجَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾ قَالَ: خُسْرَانًا، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ أَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنْ أَبِيهِ