للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْحَيَّةُ الصَّغِيرَةُ، ثُمَّ صَارَتْ ثُعْبَانًا، فَحِينَئِذٍ أَلْقَى الْعَصَا، وَقِيلَ: اخْتَلَفَ وَصْفُهَا بِاخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا: فَكَانَتْ كَالْحَيَّةِ فِي سَعْيِهَا وَكَالْجَانِّ فِي حَرَكَتِهَا وَكَالثُّعْبَانِ فِي ابْتِلَاعِهَا.

وَالْأَفَاعِي جَمْعُ أَفْعَى وَهِيَ الْأُنْثَى مِنَ الْحَيَّاتِ، وَالذَّكَرُ مِنْهَا أُفْعُوَانٌ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْعَيْنِ، وَكُنْيَةُ الْأُفْعُوَانِ أَبُو حَيَّانَ، وَأَبُو يَحْيَى لِأَنَّهُ يَعِيشُ أَلْفَ سَنَةٍ، وَهُوَ الشُّجَاعُ الْأَسْوَدُ الَّذِي يُوَاثِبُ الْإِنْسَانَ، وَمِنْ صِفَةِ الْأَفْعَى إِذَا فُقِئَتْ عَيْنُهَا عَادَتْ وَلَا تُغْمِضُ حَدَقَتَهَا الْبَتَّةَ، وَالْأَسَاوِدُ جَمْعُ أَسْوَدَ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هِيَ حَيَّةٌ فِيهَا سَوَادٌ. وَهِيَ أَخْبَثُ الْحَيَّاتِ. وَيُقَالُ لَهُ: أَسْوَدُ سَالِخٌ؛ لِأَنَّهُ يَسْلُخُ جِلْدَهُ كُلَّ عَامٍ. وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيِّ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا: أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ أَسَدٍ وَأَسْوَدَ (١) وَقِيلَ: هِيَ حَيَّةٌ رَقِيقَةٌ رَقْشَاءُ دَقِيقَةُ الْعُنُقِ عَرِيضَةُ الرَّأْسِ، وَرُبَّمَا كَانَتْ ذَاتَ قَرْنَيْنِ. وَالْهَاءُ فِي الْحَيَّةِ لِلْوَحْدَةِ، كَدَجَاجَةٍ، وَقَدْ عَدَّ لَهَا ابْنُ خَالَوَيْهِ فِي كِتَابِ لَيْسَ سَبْعِينَ اسْمًا.

قَوْلُهُ: (آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا فِي مُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ) قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا﴾ أَيْ فِي قَبْضَتِهِ وَمُلْكِهِ وَسُلْطَانِهِ، وَخَصَّ النَّاصِيَةَ بِالذِّكْرِ عَلَى عَادَةِ الْعَرَبِ فِي ذَلِكَ تَقُولُ: نَاصِيَةُ فُلَانٍ فِي يَدِ فُلَانٍ: إِذَا كَانَ فِي طَاعَتِهِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانُوا يَجُزُّونَ نَاصِيَةَ الْأَسِيرِ إِذَا أَطْلَقُوهُ.

قَوْلُهُ: (وَيُقَالُ صَافَّاتٍ: بُسُطٌ أَجْنِحَتُهُنَّ) وَقَوْلُهُ: (يَقْبِضْنَ: يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ أَيْضًا، قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ﴾ أَيْ بَاسِطَاتِ أَجْنِحَتَهُنَّ، وَ (يَقْبِضْنَ) يَضْرِبْنَ بِأَجْنِحَتِهِنَّ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: صَافَّاتٍ قَالَ: بُسُطٌ أَجْنِحَتُهُنَّ.

ثُمَّ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي الْبَابِ أَحَادِيثَ: الْأَوَّلُ حَدِيثُ أَبِي لُبَابَةَ.

قَوْلُهُ: (وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ) تَثْنِيَةُ طُفْيَةٍ - بِضَمِّ الطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْفَاءِ - وَهِيَ خُوصَةُ الْمُقَلِ، وَالطَّفْيُ خُوصُ الْمُقَلِ، شَبَّهَ بِهِ الْخَطَّ الَّذِي عَلَى ظَهْرِ الْحَيَّةِ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: يُقَالُ إنَّ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ جِنْسٌ مِنَ الْحَيَّاتِ يَكُونُ عَلَى ظَهْرِهِ خَطَّانِ أَبْيَضَانِ.

قَوْلُهُ: (وَالْأَبْتَرَ) هُوَ مَقْطُوعُ الذَّنَبِ، زَادَ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ أَنَّهُ أَزْرَقُ اللَّوْنِ لَا تَنْظُرُ إِلَيْهِ حَامِلٌ إِلَّا أَلْقَتْ، وَقِيلَ: الْأَبْتَرُ الْحَيَّةُ الْقَصِيرَةُ الذَّنَبِ، قَالَ الدَّاوُدِيُّ: هي الْأَفْعَى الَّتِي تَكُونُ قَدْرَ شِبْرٍ أَوْ أَكْبَرَ قَلِيلًا، وَقَوْلُهُ: وَالْأَبْتَرَ يَقْتَضِي التَّغَايُرَ بَيْنَ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرِ ; وَوَقَعَ فِي الطَّرِيقِ الْآتِيَةِ لَا تَقْتُلُوا الْحَيَّاتِ إِلَّا كُلَّ أَبْتَرَ ذِي طُفْيَتَيْنِ وَظَاهِرُهُ اتِّحَادُهُمَا، لَكِنْ لَا يَنْفِي الْمُغَايَرَةَ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ) أَيْ يَمْحُوَانِ نُورَهُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: وَيُذْهِبُ الْبَصَرَ وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: فَإِنَّهُ يَلْتَمِسُ الْبَصَرَ.

قَوْلُهُ: (وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ) هُوَ بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ: الْجَنِينُ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ الْآتِيَةِ بَعْدَ أَحَادِيثَ: فَإِنَّهُ يُسْقِطُ الْوَلَدَ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْآتِي بَعْدَ أَحَادِيثَ: وَيُصِيبُ الْحَبَلَ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى عَنْهَا وَيُذْهِبُ الْحَبَلَ وَكُلُّهَا بِمَعْنًى.

قَوْلُهُ: (قَالَ عَبْدُ اللَّهِ) هُوَ ابْنُ عُمَرَ، وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ الَّتِي يَأْتِي التَّنْبِيهُ عَلَيْهَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَكُنْتُ لَا أَتْرُكُ حَيَّةً إِلَّا قَتَلْتُهَا، حَتَّى طَارَدْتُ حَيَّةً مِنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ الْحَدِيثَ، وَقَوْلُهُ: أُطَارِدُ أَيْ أَتْبَعُ وَأَطْلُبُ.

قَوْلُهُ: (فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ) بِضَمِّ اللَّامِ وَبِمُوَحَّدَتَيْنِ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ اسْمُهُ بَشِيرٌ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ وَكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ، وَقِيلَ: مُصَغَّرٌ، وَقِيلَ: بِتَحْتَانِيَّةٍ وَمُهْمَلَةٍ مُصَغَّرٌ، وَقِيلَ: رِفَاعَةُ، وَقِيلَ: بَلِ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ، وَرِفَاعَةُ، وَبَشِيرٌ أَخَوَاهُ، وَاسْمُ جَدِّهِ زَنْبَرٌ بِزَايٍ وَنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَزْنُ جَعْفَرٍ، وَهُوَ أَوْسِيٌّ مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ بْنُ زَيْدٍ، وَشَذَّ مَنْ قَالَ اسْمُهُ مَرْوَانُ، وَلَيْسَ لَهُ فِي الصَّحِيحِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثُ، وَكَانَ أَحَدَ النُّقَبَاءِ وَشَهِدَ أُحُدًا، وَيُقَالُ شَهِدَ بَدْرًا، وَاسْتَعْمَلَهُ النَّبِيُّ عَلَى الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ مَعَهُ رَايَةُ قَوْمِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ، وَمَاتَ فِي أَوَّلِ (٢)


(١) في نسخة أخرى "من أسود وأسوده".
(٢) في نسخة "في آخر".