كَانَ فِي بَيْتِهَا رُمْحٌ مَوْضُوعٌ، فَسُئِلَتْ فَقَالَتْ: نَقْتُلُ بِهِ الْوَزَغَ، فَإِنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَخْبَرَنَا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ لَمْ يَكُنْ فِي الْأَرْضِ دَابَّةٌ إِلَّا أَطْفَأَتْ عَنْهُ النَّارَ إِلَّا الْوَزَغَ فَإِنَّهَا كَانَتْ تَنْفُخُ عَلَيْهِ، فَأَمَرَ النَّبِيُّ ﷺ بِقَتْلِهَا انْتَهَى. وَالَّذِي فِي الصَّحِيحِ أَصَحُّ، وَلَعَلَّ عَائِشَةَ سَمِعَتْ ذَلِكَ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ. وَأَطْلَقَتْ لَفْظَ أَخْبَرَنَا مَجَازًا أَيْ أَخْبَرَ الصَّحَابَةُ، كَمَا قَالَ ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ خَطَبَنَا عِمْرَانُ وَأَرَادَ أَنَّهُ خَطَبَ أَهْلَ الْبَصْرَةِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَوْلُهُ: (وَزَعَمَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ) قَائِلُ ذَلِكَ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عُرْوَةَ فَيَكُونُ مُتَّصِلًا فَإِنَّهُ سَمِعَ مِنْ سَعْدٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَائِشَةَ فَيَكُونُ مِنْ رِوَايَةِ الْقَرِينِ عَنْ قَرِينِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ فَيَكُونُ مُنْقَطِعًا، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ الْأَخِيرُ أَرْجَحُ؛ فَإِنَّ الدَّارَقُطْنِيَّ أَخْرَجَهُ فِي الْغَرَائِبِ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، وَمَالِكٍ مَعًا عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لِلْوَزَغِ فُوَيْسِقٌ وَعَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وَالنَّسَائِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَابْنُ حِبَّانَ حَدِيثَ عَائِشَةَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، ولَيْسَ عِنْدَهُمْ حَدِيثُ سَعْدٍ، وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ حِبَّانَ مِنْ طَرِيقِ مَعْمَرٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ وَسَمَّاهُ فُوَيْسِقًا وَكَأَنَّ الزُّهْرِيَّ وَصَلَهُ لِمَعْمَرٍ وَأَرْسَلَهُ لِيُونُسَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ مِنَ الشُّرَّاحِ وَلَا مِنْ أَصْحَابِ الْأَطْرَافِ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
التَّاسِعُ: حَدِيثُ أُمِّ شَرِيكٍ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أَمَرَ بِقَتْلِ الْأَوْزَاغِ هَكَذَا أَوْرَدَهُ مُخْتَصَرًا، وَسَيَأْتِي بِأَتَمَّ مِنْ هَذَا فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ مِنْ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الَّذِي قَبْلَهُ حَدِيثُ عَائِشَةَ بِأَتَمَّ مِنْهُ، وَأُمُّ شَرِيكٍ اسْمُهَا غُزَيَّةُ بِالْمُعْجَمَتَيْنِ مُصَغَّرٌ، وَقِيلَ: غُزَيْلَةٌ، يُقَالُ هِيَ عَامِرِيَّةٌ قُرَشِيَّةٌ، وَيُقَالُ أَنْصَارِيَّةٌ وَيُقَالُ دَوْسِيَّةٌ.
الْعَاشِرُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ فِي قَتْلِ ذِي الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرِ، أَوْرَدَهُ بِإِسْنَادَيْنِ إِلَيْهَا فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَأَوْرَدَهُ بَعْدَهُ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَبِي لُبَابَةَ مِنْ وَجْهَيْنِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ.
قَوْلُهُ فِي أَوَّلِ طَرِيقِ حَدِيثِ عَائِشَةَ: (تَابَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ) يُرِيدُ أَنَّ حَمَّادًا تَابَعَ أَبَا أُسَامَةَ فِي رِوَايَتِهِ إِيَّاهُ عَنْ هِشَامٍ، وَاسْمُ أَبِي أُسَامَةَ أَيْضًا حَمَّادٌ، وَرِوَايَةُ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ وَصَلَهَا أَحْمَدُ، عَنْ عَفَّانَ عَنْهُ.
قَوْلُهُ: (عَنْ أَبِي يُونُسَ الْقُشَيْرِيِّ) هُوَ حَاتِمُ بْنُ أَبِي صَغِيرَةَ، وَهُوَ بَصْرِيٌّ وَمَنْ دُونَهُ، وَأَمَّا مَنْ فَوْقَهُ فَمَدَنِيٌّ.
قَوْلُهُ: (أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَقْتُلُ الْحَيَّاتِ ثُمَّ نَهَى) هُوَ بِفَتْحِ النُّونِ، وَفَاعِلُ نَهَى هُوَ ابْنُ عُمَرَ، وَقَدْ بَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ سَبَبَ نَهْيِهِ عَنْ ذَلِكَ. وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ أَوَّلًا يَأْخُذُ بِعُمُومِ أَمْرِهِ ﷺ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ. وَقَدْ أَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، فَمَنْ تَرَكَهُنَّ مَخَافَةَ ثَأْرِهِنَّ فَلَيْسَ مِنِّي.
قَوْلُهُ: (أنَّ النَّبِيَّ ﷺ هَدَمَ حَائِطًا لَهُ فَوَجَدَ فِيهِ سِلْخَ حَيَّةٍ) هُوَ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ وَهُوَ جِلْدُهَا، كَذَا وَقَعَ هُنَا مَرْفُوعًا، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ مَوْقُوفًا فَأَخْرَجَ مِنْ طَرِيقِ اللَّيْثِ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ كَلَّمَ ابْنَ عُمَرَ لِيَفْتَحَ لَهُ بَابًا فِي دَارِهِ يَسْتَقْرِبُ بِهَا إِلَى الْمَسْجِدِ، فَوَجَدَ الْغِلْمَانُ جِلْدَ جَانٍّ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: الْتَمِسُوهُ فَاقْتُلُوهُ، فَقَالَ أَبُو لُبَابَةَ: لَا تَقْتُلُوهُ وَمِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَعُمَرَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ نَافِعٍ نَحْوَهُ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْقِصَّةُ وَقَعَتْ مَرَّتَيْنِ. وَيَدُلُّ لِذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ وَكُنْتُ أَقْتُلُهَا لِذَلِكَ وَهُوَ الْقَائِلُ فَلَقِيتُ أَبَا لُبَابَةَ.
قَوْلُهُ: (لَا تَقْتُلُوا الْجِنَّانَ إِلَّا كُلَّ ذِي طُفْيَتَيْنِ) إِنْ كَانَ الِاسْتِثْنَاءُ مُتَّصِلًا فَفِيهِ تَعَقُّبٌ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالْأَبْتَرَ لَيْسَ مِنَ الْجِنَّانِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مُنْقَطِعًا، أَيْ لَكِنَّ كُلَّ ذِي طُفْيَتَيْنِ فَاقْتُلُوهُ. وَالْجِنَّانُ - بِكَسْرِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ - جَمْعُ جَانٍّ، وَهِيَ الْحَيَّةُ الصَّغِيرَةُ، وَقِيلَ: الرَّقِيقَةُ الْخَفِيفَةُ، وَقِيلَ: الدَّقِيقَةُ الْبَيْضَاءُ.
الْحَادِي عَشَرَ: حَدِيثُ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ فِي الْخَمْسِ الَّتِي ل اجُنَاحَ عَلَى الْمُحْرِمِ فِي قَتْلِهِنَّ، وَقَعَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ الْحُدَيَّا وَفِي حَدِيثِ ابْنِ