للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْخَمْسَةُ أَصْحَابُ الْأُصُولِ عَلَى إِخْرَاجِهِ عَنْ شَيْخٍ وَاحِدٍ وَهُوَ قُتَيْبَةُ بِهَذَا الْإِسْنَادِ.

قَوْلُهُ: (إِذَا سَمِعْتُمْ صِيَاحَ الدِّيَكَةِ) بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ التَّحْتَانِيَّةِ جَمْعُ دِيكٍ وَهُوَ ذَكَرُ الدَّجَاجِ، وَالدِّيكُ خَصِيصَةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ مِنْ مَعْرِفَةِ الْوَقْتِ اللَّيْلِيِّ، فَإِنَّهُ يُقَسِّطُ أَصْوَاتَهُ فِيهَا تَقْسِيطًا لَا يَكَادُ يَتَفَاوَتُ، وَيُوَالِي صِيَاحَهُ قَبْلَ الْفَجْرِ وَبَعْدَهُ لَا يَكَادُ يُخْطِئُ، سَوَاءٌ أَطَالَ اللَّيْلُ أَمْ قَصُرَ، وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِاعْتِمَادِ الدِّيكِ الْمُجَرَّبِ فِي الْوَقْتِ، وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الَّذِي سَأَذْكُرُهُ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا رَأَتْ مَلَكًا) بِفَتْحِ اللَّامِ، قَالَ عِيَاضٌ: كَانَ السَّبَبُ فِيهِ رَجَاءَ تَأْمِينِ الْمَلَائِكَةِ عَلَى دُعَائِهِ وَاسْتِغْفَارِهِمْ لَهُ وَشَهَادَتِهِمْ لَهُ بِالْإِخْلَاصِ.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ اسْتِحْبَابُ الدُّعَاءِ عِنْدَ حُضُورِ الصَّالِحِينَ تَبَرُّكًا بِهِمْ، وَصَحَّحَ ابْنُ حِبَّانَ - وَأَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَأَحْمَدُ - مِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رَفَعَهُ: لَا تَسُبُّوا الدِّيكَ؛ فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ. وَعِنْدَ الْبَزَّارِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ سَبَبُ قَوْلِهِ ذَلِكَ، وَأَنَّ دِيكًا صَرَخَ فَلَعَنَهُ رَجُلٌ، فَقَالَ ذَلِكَ.

قَالَ الْحَلِيمِيُّ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ كُلَّ مَنِ اسْتُفِيدَ مِنْهُ الْخَيْرُ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسَبَّ وَلَا أَنْ يُسْتَهَانَ بِهِ، بَلْ يُكْرَمُ وَيُحْسَنُ إِلَيْهِ. قَالَ: وَلَيْسَ مَعْنَى قَوْلِهِ: فَإِنَّهُ يَدْعُو إِلَى الصَّلَاةِ أَنْ يَقُولَ بِصَوْتِهِ حَقِيقَةً: صَلُّوا أَوْ حَانَتِ الصَّلَاةُ، بَلْ مَعْنَاهُ أَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِأَنَّهُ يَصْرُخُ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَعِنْدَ الزَّوَالِ؛ فِطْرَةً فَطَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا.

قَوْلُهُ: (وَإِذَا سَمِعْتُمْ نُهَاقَ الْحَمِيرِ) زَادَ النَّسَائِيُّ، وَالْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَنُبَاحَ الْكِلَابِ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّهَا رَأَتْ شَيْطَانًا) رَوَى الطَّبَرَانِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رَافِعٍ رَفَعَهُ لَا يَنْهَقُ الْحِمَارُ حَتَّى يَرَى شَيْطَانًا أَوْ يَتَمَثَّلَ لَهُ شَيْطَانٌ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ وَصَلُّوا عَلَيَّ. قَالَ عِيَاضٌ: وَفَائِدَةُ الْأَمْرِ بِالتَّعَوُّذِ لِمَا يُخْشَى مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ وَشَرِّ وَسْوَسَتِهِ، فَيُلْجَأُ إِلَى اللَّهِ فِي دَفْعِ ذَلِكَ. قَالَ الدَّاوُدِيُّ: يُتَعَلَّمُ مِنَ الدِّيكِ خَمْسُ خِصَالٍ: حُسْنُ الصَّوْتِ، وَالْقِيَامُ فِي السَّحَرِ، وَالْغَيْرَةُ، وَالسَّخَاءُ، وَكَثْرَةُ الْجِمَاعِ.

السَّادِسُ: حَدِيثُ جَابِرٍ، أَوْرَدَهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، وَسَيَأْتِي شَرْحُهُ فِي أَثْنَاءِ هَذَا الْبَابِ، وَالْقَائِلُ قَالَ: وَأَخْبَرَنِي عَمْرٌو هُوَ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَإِسْحَاقُ الْمَذْكُورُ فِي أَوَّلِهِ هُوَ ابْنُ رَاهَوَيْهِ كَمَا عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ابْنَ مَنْصُورٍ، وَقَدْ أَهْمَلَ الْمِزِّيُّ فِي الْأَطْرَافِ - تَبَعًا لِخَلَفٍ - عَزْوَهُ إِلَى هَذَا الْمَوْضِعِ.

السَّابِعُ: حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَوْلُهُ: (عَنْ خَالِدٍ) هُوَ الْحَذَّاءُ، وَمُحَمَّدٍ هُوَ ابْنُ سِيرِينَ، وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ بَصْرِيُّونَ إِلَى أَبِي هُرَيْرَةَ.

قَوْلُهُ: (وَإِنِّي لَا أُرَاهَا إِلَّا الْفَأْرَ) بِإِسْكَانِ الْهَمْزَةِ، وَعِنْدَ مُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنِ ابْنِ سِيرِينَ بِلَفْظِ الْفَأْرَةِ مُسِخَ، وَآيَةُ ذَلِكَ أَنَّهُ يُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا لَبَنُ الْغَنَمِ فَتَشْرَبَهُ، وَيُوضَعُ بَيْنَ يَدَيْهَا لَبَنُ الْإِبِلِ فَلَا فَلَا تَشْرَبُهُ.

قَوْلُهُ: (فَحَدَّثْتُ كَعْبًا) قَائِلُ ذَلِكَ هُوَ أَبُو هُرَيْرَةَ، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ فَقَالَ لَهُ كَعْبٌ: أَنْتَ سَمِعْتَ هَذَا؟.

قَوْلُهُ: (فَقُلْتُ: أَفَأَقْرَأُ التَّوْرَاةَ) هُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، وَفِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَفَأُنْزِلَتْ عَلَيَّ التَّوْرَاةُ، وَفِيهِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، وَأَنَّ الصَّحَابِيَّ الَّذِي يَكُونُ كَذَلِكَ إِذَا أَجبَرَ بِمَا لَا مَجَالَ لِلرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ فِيهِ يَكُونُ لِلْحَدِيثِ حُكْمُ الرَّفْعِ، وَفِي سُكُوتِ كَعْبٍ عَنِ الرَّدِّ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ دَلَالَةٌ عَلَى تَوَرُّعِهِ، وَكَأَنَّهُمَا جَمِيعًا لَمْ يَبْلُغْهُمَا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: وَذُكِرَ عِنْدَ النَّبِيِّ الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِلْمَسْخِ نَسْلًا وَلَا عَقِبًا، وَقَدْ كَانَتِ الْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُهُ : لَا أُرَاهَا إِلَّا الْفَأْرَ وَكَأَنَّهُ كَانَ يَظُنُّ ذَلِكَ، ثُمَّ أُعْلِمَ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ هِيَ.

قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إِنْ صَحَّ هَذَا الْحَدِيثُ، وَإِلَّا فَالْقِرَدَةُ وَالْخَنَازِيرُ هِيَ الْمَمْسُوخُ بِأَعْيَانِهَا تَوَالَدَتْ. قُلْتُ: الْحَدِيثُ صَحِيحٌ، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ لِذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ.

الثَّامِنُ: حَدِيثُ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لِلْوَزَغِ فُوَيْسِقٌ وَلَمْ أَسْمَعْهُ أَمَرَ بِقَتْلِهِ هُوَ قَوْلُ عَائِشَةَ ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: هَذَا لَا حُجَّةَ فِيهِ، لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ سَمَاعِهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ، وَقَدْ حَفِظَ غَيْرُهَا كَمَا تَرَى. قُلْتُ: قَدْ جَاءَ عَنْ عَائِشَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَابْنِ مَاجَهْ أَنَّهُ