للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ أَنَّهُ خَلِيفَةُ الْمَلَائِكَةِ أَوْ خَلِيفَةُ الْجِنِّ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا بِنَاءٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَنْ سَكَنَهَا قَبْلَ آدَمَ، وَذَكَرَ الطَّبَرِيُّ قَالَ: زَعَمَ أَبُو عُبَيْدَةَ أَنَّ إِذْ فِي قَوْلِهِ: وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ صِلَةٌ، وَرُدَّ عَلَيْهِ فَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ: إِنَّ جَمِيعَ الْمُفَسِّرِينَ رَدُّوهُ حَتَّى قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّهَا جَرْأَةٌ مِنْ أَبِي عُبَيْدَةَ.

قَوْلُهُ: ﴿لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ إِلَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَزَادَ: إِلَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ مَا زَائِدَةٌ.

قَوْلُهُ: (﴿فِي كَبَدٍ﴾ فِي شِدَّةِ خَلْقٍ) هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، رَوَيْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، وَزَادَ فِي آخِرِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَوْلِدَهُ وَنَبَاتَ أَسْنَانِهِ وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: الْكَبَدُ الشِّدَّةُ، قَالَ لَبِيدٌ:

يَا عَيْنُ هَلَّا بَكَيْتِ أَرْبَدَ إِذْ … قُمْنَا وَقَامَ الْخُصُومُ فِي كَبَدِ

قَوْلُهُ: (وَرِيَاشًا: الْمَالُ) هُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا، وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (وَقَالَ غَيْرُهُ: الرِّيَاشُ وَالرِّيشُ وَاحِدٌ، وَهُوَ مَا ظَهَرَ مِنَ اللِّبَاسِ) هُوَ قَوْلُ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَزَادَ: تَقُولُ أَعْطَانِي رِيشَهُ أَيْ كِسَوْتَهُ، قَالَ: وَالرِّيَاشُ أَيْضًا الْمَعَاشُ.

قَوْلُهُ: (مَا تُمْنُونَ: النُّطْفَةُ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ) هُوَ قَوْلُ الْفَرَّاءِ قَالَ: يُقَالُ: أَمْنَى وَمَنَى، وَالْأَوَّلُ أَكْثَرُ. وَقَوْلُهُ تُمْنُونَ يَعْنِي النُّطَفَ إِذَا قُذِفَتْ فِي أَرْحَامِ النِّسَاءِ (أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَ ذَلِكَ أَمْ نَحْنُ).

قَوْلُهُ: (وَقَالَ مُجَاهِدٌ: ﴿عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ﴾ النُّطْفَةُ فِي الْإِحْلِيلِ) وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْهُ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ قَادِرٌ عَلَى رَجْعِ النُّطْفَةِ الَّتِي فِي الْإِحْلِيلِ إِلَى الصُّلْبِ وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَيُعَكِّرُ عَلَى تَفْسِيرِ مُجَاهِدٍ أَنَّ بَقِيَّةَ الْآيَاتِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الضَّمِيرَ لِلْإِنْسَانِ وَرَجْعِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِقَوْلِهِ: ﴿يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ﴾ إِلَخْ.

قَوْلُهُ: (كُلُّ شَيْءٍ خَلَقَهُ فَهُوَ شَفْعٌ، السَّمَاءُ شَفْعٌ، وَالْوِتْرُ اللَّهُ) وهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ أَيْضًا، وَصَلَهُ الْفِرْيَابِيُّ، وَالطَّبَرِيُّ، وَلَفْظُهُ كُلُّ خَلْقِ اللَّهِ شَفْعٌ: السَّمَاءُ، وَالْأَرْضُ، وَالْبَرُّ وَالْبَحْرُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَنَحْوُ هَذَا شَفْعٌ، وَالْوِتْرُ اللَّهُ وَحْدَهُ، وَبِهَذَا زَالَ الْإِشْكَالُ، فَإِنَّ ظَاهِرَ إِيرَادِ ال مُصَنِّفِ فِي اقْتِصَارِهِ عَلَى قَوْلِهِ: السَّمَاءُ شَفْعٌ يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ بِأَنَّ السَّمَاوَاتِ سَبْعٌ وَالسَّبْعُ لَيْسَ بِشَفْعٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادُ مُجَاهِدٍ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ أن كُلُّ شَيْءٍ لَهُ مُقَابِلٌ يُقَابِلُهُ وَيُذْكَرُ مَعَهُ فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ شَفْعٌ، كَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَالْإِنْسِ وَالْجِنِّ، إِلَخْ، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ عَنْ مُجَاهِدٍ أَيْضًا قَالَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ﴾ الْكُفْرُ وَالْإِيمَانُ، وَالشَّقَاءُ وَالسَّعَادَةُ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالَةُ، وَاللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَالسَّمَاءُ وَالْأَرْضُ، وَالْجِنُّ وَالْإِنْسُ. وَالْوِتْرُ اللَّهُ. وَرُوِيَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ نَحْوَهُ. وَأُخْرِجَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحَةٍ أَنَّهُ قَالَ: الْوِتْرُ يَوْمُ عَرَفَةَ، وَالشَّفْعُ يَوْمُ الذَّبْحِ، وَفِي رِوَايَةِ أَيَّامِ الذَّبْحِ. وَهَذَا يُنَاسِبُ مَا فَسَّرُوا بِهِ قَوْلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ: ﴿وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ.

قَوْلُهُ: ﴿فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ فِي أَحْسَنِ خَلْقٍ، ﴿أَسْفَلَ سَافِلِينَ﴾ إِلَّا مَنْ آمَنَ) هُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ، أَخْرَجَهُ الْفِرْيَابِيُّ أَيْضًا.

قَوْلُهُ: (خُسْرٍ: ضَلَالٍ، ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ: إِلَّا مَنْ آمَنَ) هُوَ تَفْسِيرُ مُجَاهِدٍ أَخْرَجَهُ الْفِرْيَابِيُّ أَيْضًا، قَالَ فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ يَعْنِي فِي ضَلَالٍ، ثُمَّ اسْتَثْنَى فَقَالَ ﴿إِلا مَنْ آمَنَ﴾ وَكَأَنَّهُ ذَكَرَهُ بِالْمَعْنَى، وَإِلَّا فَالتِّلَاوَةُ ﴿إِلا الَّذِينَ آمَنُوا﴾

قَوْلُهُ: (لَازِبٍ: لَازِمٍ) يُرِيدُ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ﴾ وَقَدْ رَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مِنْ طِينٍ لازِبٍ﴾ قَالَ: لَازِقٍ. وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مِنَ التُّرَابِ وَالْمَاءِ يَصِيرُ طِينًا يَلْزَقُ. وَأَمَّا تَفْسِيرُهُ بِاللَّازِمِ فَكَأَنَّهُ بِالْمَعْنَى، وَهُوَ تَفْسِيرُ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ: مَعْنَى اللَّازِبِ اللَّازِمُ، قَالَ النَّابِغَةُ:

وَلَا يَحْسَبُونَ الشَّرَّ ضَرْبَةَ لَازِبِ

أَيْ لَازِمٍ.

قَوْلُهُ: (نُنْشِئَكُمْ فِي أَيِّ خَلْقٍ نَشَاءُ) كَأَنَّهُ يُرِيدُ تَفْسِيرَ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا