للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

صَهٍ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ الْهَاءِ وَبِكَسْرِهَا مُنَوَّنَةٌ، كَأَنَّهَا خَاطَبَتْ نَفْسَهَا فَقَالَتْ لَهَا اسْكُتِي، وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ فَقَالَتْ: أَغِثْنِي إِنْ كَانَ عِنْدكَ خَيْرٌ.

قَوْلُهُ: (إِنْ كَانَ عِنْدَكَ غَوَاثٌ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ لِلْأَكْثَرِ وَتَخْفِيفِ الْوَاوِ وَآخِرُهُ مُثَلَّثَةٌ، قِيلَ: وَلَيْسَ فِي الْأَصْوَاتِ فَعَالٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ غَيْرُهُ، وَحَكَى ابْنُ الْأَثِيرِ ضَمَّ أَوَّلِهِ وَالْمُرَادُ بِهِ عَلَى هَذَا الْمُسْتَغِيثُ، وَحَكَى ابْنُ قُرْقُولٍ كَسْرَهُ أَيْضًا وَالضَّمُّ رِوَايَةُ أَبِي ذَرٍّ وَجَزَاءُ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ فَأَغِثْنِي.

قَوْلُهُ: (فَإِذَا هِيَ بِالْمَلَكِ) فِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ، وَابْنِ جُرَيْجٍ: فَإِذَا جِبْرِيلُ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ عِنْدَ الطَّبَرِيِّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ فَنَادَاهَا جِبْرِيلُ فَقَالَ: مَنْ أَنْتِ؟ قَالَتْ: أَنَا هَاجَرُ أُمُّ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: فَإِلَى مَنْ وَكَلَكُمَا؟ قَالَتْ: إِلَى اللَّهِ. قَالَ: وَكَلَكُمَا إِلَى كَافٍ.

قَوْلُهُ: (فَبَحَثَ بِعَقِبِهِ، أَوْ قَالَ بِجَنَاحِهِ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ فَقَالَ بِعَقِبِهِ هَكَذَا، وَغَمَزَ عَقِبَهُ عَلَى الْأَرْضِ وَهِيَ تُعَيِّنُ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ بِعَقِبِهِ. وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَرَكَضَ جِبْرِيلُ بِرِجْلِهِ وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَفَحَصَ الْأَرْضَ بِإِصْبَعِهِ فَنَبَعَتْ زَمْزَمُ وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ فَزَعَمَ الْعُلَمَاءُ أَنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا يَسْمَعُونَ أَنَّهَا هَمْزَةُ جِبْرِيلَ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى ظَهَرَ الْمَاءُ) فِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ فَفَاضَ الْمَاءُ وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ فَانْبَثَقَ الْمَاءُ وَهِيَ بِنُونٍ وَمُوَحَّدَةٍ وَمُثَلَّثَةٍ وَقَاف أَيْ تَفَجَّرَ.

قَوْلُهُ: (فَجَعَلَتْ تُحَوِّضُهُ) بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ وَضَادٍ مُعْجَمَةٍ وَتَشْدِيدٍ أَيْ تَجْعَلُهُ مِثْلَ الْحَوْضِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ فَدَهَشَتْ أُمُّ إِسْمَاعِيلَ فَجَعَلَتْ تَحْفِرُ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ تَحْفِنُ بِنُونٍ بَدَلَ الرَّاءِ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ، فَفِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ فَجَعَلَتْ تَفْحَصُ الْأَرْضَ بِيَدَيْهَا.

قَوْلُهُ: (وَتَقُولُ بِيَدِهَا هَكَذَا) هُوَ حِكَايَةُ فِعْلِهَا، وَهَذَا مِنْ إِطْلَاقِ الْقَوْلِ عَلَى الْفِعْلِ، وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ فَجَعَلَتْ تَحْبِسُ الْمَاءَ فَقَالَ دَعِيهِ فَإِنَّهَا رُوَاءٌ.

قَوْلُهُ: (لَوْ تَرَكَتْ زَمْزَمَ، أَوْ قَالَ لَوْ لَمْ تَغْرِفْ مِنْ زَمْزَمَ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ لَوْ تَرَكَتْهُ وَهَذَا الْقَدْرُ صَرَّحَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِرَفْعِهِ عَنِ النَّبِيِّ ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ جَمِيعَ الْحَدِيثِ مَرْفُوعٌ.

قَوْلُهُ: (عَيْنًا مَعِينًا) أَيْ ظَاهِرًا جَارِيًا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ نَافِعٍ كَانَ الْمَاءُ ظَاهِرًا فَعَلَى هَذَا فَقَوْلُهُ مَعِينًا صِفَةُ الْمَاءِ فَلِذَلِكَ ذَكَرَهُ، وَمَعِينٌ بِفَتْحِ أَوَّلِهِ إِنْ كَانَ مِنْ عَانَهُ فَهُوَ بِوَزْنِ مَفْعِلٍ وَأَصْلُهُ مَعْوُونٌ فَحُذِفَتِ الْوَاوُ، وَإِنْ كَانَ مِنَ الْمَعنِ وَهُوَ الْمُبَالَغَةُ فِي الطَّلَبِ فَهُوَ بِوَزْنِ فَعولٍ، قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: كَانَ ظُهُورُ زَمْزَمَ نِعْمَةً مِنَ اللَّهِ مَحْضَةً بِغَيْرِ عَمَلِ عَامِلٍ، فَلَمَّا خَالَطَهَا تَحْوِيطُ هَاجَرَ دَاخَلَهَا كَسْبُ الْبَشَرِ فَقَصُرَتْ عَلَى ذَلِكَ، فَأَغْنَى ذَلِكَ عَنْ تَوْجِيهِ تَذْكِيرِ مَعِينٍ، مَعَ أَنَّ الْمَوْصُوفَ وَهُوَ الْمَعِينُ مُؤَنَّثٌ.

قَوْلُهُ: (لَا تَخَافُوا الضَّيْعَةَ) بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيِ الْهَلَاكَ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ لَا تَخَافِي أَنْ يَنْفَذ الْمَاءُ وَفِي رِوَايَةِ عَلِيِّ بْنِ الْوَازِعِ، عَنْ أَيُّوبَ عِنْدَ الْفَاكِهِيِّ لَا تَخَافِي عَلَى أَهْلِ هَذَا الْوَادِي ظَمَأً فَإِنَّهَا عَيْنٌ يَشْرَبُ بِهَا ضِيفَانُ اللَّهِ زَادَ فِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ فَقَالَتْ بَشَّرَكَ اللَّهُ بِخَيْرٍ.

قَوْلُهُ: (فَإِنَّ هَذَا بَيْتُ اللَّهِ) فِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ فَإِنَّ هَاهُنَا بَيْتُ اللَّهِ.

قَوْلُهُ: (يَبْنِي هَذَا الْغُلَامُ) كَذَا فِيهِ بِحَذْفِ الْمَفْعُولِ، وَفِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ يَبْنِيهِ زَادَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ وَأَشَارَ لَهَا إِلَى الْبَيْتِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مَدَرَةٌ حَمْرَاءُ فَقَالَ: هَذَا بَيْتُ اللَّهِ الْعَتِيقُ، وَاعْلَمِي أَنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ يَرْفَعَانِهِ.

قَوْلُهُ: (وَكَانَ الْبَيْتُ مُرْتَفِعًا مِنَ الْأَرْضِ كَالرَّابِيَةِ) بِالْمُوَحَّدَةِ ثُمَّ الْمُثَنَّاةِ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا كَانَ زَمَنُ الطُّوفَانِ رُفِعَ الْبَيْتُ، وَكَانَ الْأَنْبِيَاءُ يَحُجُّونَهُ وَلَا يَعْلَمُونَ مَكَانَهُ حَتَّى بَوَّأَهُ اللَّهُ لِإِبْرَاهِيمَ وَأَعْلَمَهُ مَكَانَهُ وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا: بَعَثَ اللَّهُ جِبْرِيلَ إِلَى آدَمَ فَأَمَرَهُ بِبِنَاءِ الْبَيْتِ فَبَنَاهُ آدَمُ، ثُمَّ أَمَرَهُ بِالطَّوَافِ بِهِ وَقِيلَ لَهُ: أَنْتَ أَوَّلُ النَّاسِ وَهَذَا أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ، وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّ آدَمَ أَوَّلُ مَنْ بَنَى الْبَيْتَ،