للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَقِيلَ: بَنَتْهُ الْمَلَائِكَةُ قَبْلَهُ وَعَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أَوَّلُ مَنْ بَنَاهُ شِيثُ بْنُ آدَمَ وَالْأَوَّلُ أَثْبَتُ، وَسَيَأْتِي مَزِيدٌ آخِرَ شَرْحِ هَذَا الْحَدِيثِ.

قَوْلُهُ: (فَكَانَتْ) أَيْ هَاجَرُ (كَذَلِكَ) أَيْ عَلَى الْحَالِ الْمَوْصُوفَةِ، وَفِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّهَا كَانَتْ تتَغَذَّى بِمَاءِ زَمْزَمَ فَيَكْفِيهَا عَنِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ.

قَوْلُهُ: (حَتَّى مَرَّتْ بِهِمْ رُفْقَةٌ) بِضَمِّ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْفَاءِ ثُمَّ قَافٌ، وَهُمُ الْجَمَاعَةُ الْمُخْتَلِطُونَ سَوَاءٌ كَانُوا فِي سَفَرٍ أَمْ لَا.

قَوْلُهُ: (مِنْ جُرْهُمٍ) هُوَ ابْنُ قَحْطَانَ بْنِ عَامِرِ بْنِ شَالِخَ بْنِ أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ، وَقِيلَ ابْنُ يَقْطُنَ، قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ وَكَانَ جُرْهُمٌ وَأَخُوهُ قَطُورَا أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ تَبَلْبُلِ الْأَلْسُنِ، وَكَانَ رَئِيسُ جُرْهُمٍ مِضَاضُ بْنُ عَمْرٍو وَرَئِيسُ قَطُورَا السَّمَيْدَعُ وَيُطْلَقُ عَلَى الْجَمِيعِ جُرْهُمٌ وَفِي رِوَايَةِ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ وَكَانَتْ جُرْهُمٌ يَوْمَئِذٍ بِوَادٍ قَرِيبٍ مِنْ مَكَّةَ، وَقِيلَ إِنَّ أَصْلَهُمْ مِنَ الْعَمَالِقَةِ.

قَوْلُهُ: (مُقْبِلِينَ مِنْ طَرِيقِ كَدَاءَ فَنَزَلُوا فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ) وَقَعَ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ بِفَتْحِ الْكَافِ وَالْمَدِّ، وَاسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ كَدَاءَ بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ فِي أَعْلَى مَكَّةَ، وَأَمَّا الَّذِي فِي أَسْفَلِ مَكَّةَ فَبِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ، يَعْنِي فَيَكُونُ الصَّوَابُ هُنَا بِالضَّمِّ وَالْقَصْرِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ أَنْ يَدْخُلُوهَا مِنَ الْجِهَةِ الْعُلْيَا وَيَنْزِلُوا مِنَ الْجِهَةِ السُّفْلَى.

قَوْلُهُ: (فَرَأَوْا طَائِرًا عَائِفًا) بِالْمُهْمَلَةِ وَالْفَاءِ هُوَ الَّذِي يَحُومُ عَلَى الْمَاءِ وَيَتَرَدَّدُ وَلَا يَمْضِي عَنْهُ.

قَوْلُهُ: (فَأَرْسَلُوا جَرِيًّا) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ أَيْ رَسُولًا، وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى الْوَكِيلِ وَعَلَى الْأَجِيرِ، قِيلَ: سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ يَجْرِي مَجْرَى مُرْسِلِهِ أَوْ مُوَكِّلِهِ، أَوْ لِأَنَّهُ يَجْرِي مُسْرِعًا فِي حَوَائِجِهِ، وَقَوْلُهُ: جَرِيًّا أَوْ جَرِيَّيْنِ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي هَلْ أَرْسَلُوا وَاحِدًا أَوِ اثْنَيْنِ، وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ فَأَرْسَلُوا رَسُولًا وَيَحْتَمِلُ الزِّيَادَةَ عَلَى الْوَاحِدِ وَيَكُونُ الْإِفْرَادُ بِاعْتِبَارِ الْجِنْسِ لِقَوْلِهِ فَإِذَا هُمْ بِالْمَاءِ بِصِيغَةِ الْجَميعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْإِفْرَادُ بِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ بِالْإِرْسَالِ، وَالْجَمْعُ بِاعْتِبَارِ مَنْ يَتْبَعُهُ مِنْ خَادِمٍ وَنَحْوِهِ.

قَوْلُهُ: (فَأَلْفَى ذَلِكَ) بِالْفَاءِ أَيْ وَجَدَ (أُمَّ إِسْمَاعِيلَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ (وَهِيَ تُحِبُّ الْأُنْسَ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ ضِدَّ الْوَحْشَةِ، وَيَجُوزُ الْكَسْرُ أَيْ تُحِبُّ جِنْسَهَا.

قَوْلُهُ: (وَشَبَّ الْغُلَامُ) أَيْ إِسْمَاعِيلُ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ وَنَشَأَ إِسْمَاعِيلُ بَيْنَ وِلْدَانِهِمْ.

قَوْلُهُ: (وَتَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ) فِيهِ إِشْعَارٌ بِأَنَّ لِسَانَ أُمِّهِ وَأَبِيهِ لَمْ يَكُنْ عَرَبِيًّا، وَفِيهِ تَضْعِيفٌ لِقَوْلِ مَنْ رَوَى أَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَقَدْ وَقَعَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بِلَفْظِ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ إِسْمَاعِيلُ وَرَوَى الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي النَّسَبِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ فَتَقَ اللَّهُ لِسَانَهُ بِالْعَرَبِيَّةِ الْمُبِينَةِ إِسْمَاعِيلُ وَبِهَذَا الْقَيْدِ يُجْمَعُ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ فَتَكُونُ أَوَّلِيَّتُهُ فِي ذَلِكَ بِحَسَبِ الزِّيَادَةِ فِي الْبَيَانِ لَا الْأَوَّلِيَّةُ الْمُطْلَقَةُ، فَيَكُونُ بَعْدَ تَعَلُّمِهِ أَصْلَ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ جُرْهُمٍ أَلْهَمَهُ اللَّهُ الْعَرَبِيَّةَ الْفَصِيحَةَ الْمُبِينَةَ فَنَطَقَ بِهَا، وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا حَكَاهُ ابْنُ هِشَامٍ عَنِ الشَّرْقِيِّ بْنِ قَطَامِيٍّ أنَّ عَرَبِيَّةَ إِسْمَاعِيلَ كَانَتْ أَفْصَحُ مِنْ عَرَبِيَّةِ يَعْرُبَ بْنِ قَحْطَانَ وَبَقَايَا حِمْيَرَ وَجُرْهُمٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْأَوَّلِيَّةُ فِي الْحَدِيثِ مُقَيَّدَةٌ بِإِسْمَاعِيلَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَقِيَّةِ إِخْوَتِهِ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ، فَإِسْمَاعِيلُ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ مِنْ وَلَدِ إِبْرَاهِيمَ، وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي كِتَابِ الْوِشَاحِ أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِالْعَرَبِيَّةِ يَعْرُبُ بْنُ قَحْطَانَ، ثُمَّ إِسْمَاعِيلُ. قُلْتُ: وَهَذَا لَا يُوَافِقُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْعَرَبَ كُلَّهَا مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ فِي أَوَائِلِ السِّيرَةِ النَّبَوِيَّةِ.

قَوْلُهُ: (وَأَنْفَسَهُمْ) بِفَتْحِ الْفَاءِ بِلَفْظِ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ مِنَ النَّفَاسَةِ أَيْ كَثُرَتْ رَغْبَتُهُمْ فِيهِ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ وَأَنِسَهُمْ بِغَيْرِ فَاءٍ مِنَ الْأُنْسِ، وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ: أَنْفَسَهُمْ أَيْ رَغْبَتَهُمْ فِي مُصَاهَرَتِهِ لِنَفَاسَتِهِ عِنْدَهُمْ، وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ: أَنْفَسَهُمْ، عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: تَعَلَّمَ الْعَرَبِيَّةَ أَيْ رَغَّبَهُمْ فِيهِ إِذْ صَارَ نَفِيسًا عِنْدَهُمْ.

قَوْلُهُ: (زَوَّجُوهُ امْرَأَةً مِنْهُمْ) حَكَى الْأَزْرَقِيُّ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ اسْمَهَا عُمَارَةُ بِنْتُ سَعْدِ بْنِ أُسَامَةَ، وَفِي حَدِيثِ أَبِي جَهْمٍ