للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

نَارًا﴾ أَيْ أَبْصَرَ.

قَوْلُهُ: (قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْمُقَدَّسُ الْمُبَارَكُ، ﴿طُوًى﴾ اسْمُ الْوَادِي) هَكَذَا وَقَعَ هَذَا التَّفْسِيرُ وَمَا بَعْدَهُ فِي رِوَايَةِ أَبِي ذَرٍّ، عَنِ الْمُسْتَمْلِي، وَالْكُشْمِيهَنِيِّ خَاصَّةً وَلَمْ يَذْكُرْهُ جَمِيعُ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ هُنَا، وَإِنَّمَا ذَكَرُوا بَعْضَهُ فِي تَفْسِيرِ سُورَةِ طه، وَهَا أَنَا أَشْرَحُهُ هُنَا وَأُبَيِّنُ إِذَا أُعِيدَ فِي تَفْسِيرِ طه إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى مَا سَبَقَ مِنْهُ هُنَا. وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ هَذَا وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أبي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهِ، وَرَوَى هُوَ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُمِّيَ طُوًى لِأَنَّ مُوسَى طَوَاهُ لَيْلًا، قَالَ الطَّبَرِيُّ: فَعَلَى هَذَا فَالْمَعْنَى أنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طَوَيْتُهُ وَهُوَ مَصْدَرٌ أُخْرِجَ مِنْ غَيْرِ لَفْظِهِ كَأَنَّهُ قَالَ: طَوَيْتُ الْوَادِيَ الْمُقَدَّسَ طُوًى. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: قِيلَ لَهُ طُوًى أَيْ طَأ الْأَرْضَ حَافِيًا، وَرَوَى الطَّبَرِيُّ، عَنْ مُجَاهِدٍ مِثْلَهُ، وَعَنْ عِكْرِمَةَ أَيْ طَأِ بالْوَادِيَ، وَمِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَذَلِكَ، وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُبَشِّرِ بْنِ عُبَيْدٍ، وَالطَّبَرِيِّ مِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ قَالَ: قِيلَ لَهُ طُوًى لِأَنَّهُ قُدِّسَ مَرَّتَيْنِ. وَقَالَ الطَّبَرِيُّ: قَالَ آخَرُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ طُوًى أَيْ ثُنًى، أَيْ نَادَاهُ رَبُّهُ مَرَّتَيْنِ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ، وَأَنْشَدَ لِذَلِكَ شَاهِدًا قَوْلَ عَدِيِّ بْنِ زَيْدٍ:

أَعَاذِلُ إِنَّ اللَّوْمَ فِي غَيْرِ حِينِهِ … عَلَيَّ طُوًى مِنْ غَيِّكَ الْمُتَرَدّ دِ

وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: طِوًى بكْسَرُ أَوَّلَهُ قَوْمٌ، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

وَإِنْ كَانَ حَيَّانَا عِدَى آخِرِ الدَّهْرِ،

قَالَ: وَمَنْ جَعَلَ طُوًى اسْمَ أَرْضٍ لَمْ يُنَوِّنْهُ، وَمَنْ جَعَلَهُ اسْمَ الْوَادِي صَرَفَهُ، وَمَنْ جَعَلَهُ مَصْدَرًا بِمَعْنَى نُودِيَ مَرَّتَيْنِ صَرَفَهُ، تَقُولُ: نَادَيْتُهُ ثُنًى وَطُوًى أَيْ مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ، وَأَنْشَدَ الْبَيْتَ الْمَذْكُورَ.

قَوْلُهُ: ﴿سِيرَتَهَا﴾ حَالَتَهَا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الأُولَى﴾ يَقُولُ حَالَتَهَا الْأُولَى، وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ كَذَلِكَ. وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ سِيرَتَهَا هَيْئَتَهَا.

قَوْلُهُ: (وَ ﴿النُّهَى﴾ التُّقَى) وَصَلَهُ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُولِي النُّهَى﴾ قَالَ: لِأُولِي التُّقَى. وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ لِأُولِي النُّهَى: لِأُولِي الْوَرَعِ قَالَ الطَّبَرِيُّ: خَصَّ أُولِي النُّهَى لِأَنَّهُمْ أَهْلُ التَّفَكُّرِ وَالِاعْتِبَارِ.

قَوْلُهُ: ﴿بِمَلْكِنَا﴾ بِأَمْرِنَا) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: ﴿مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا﴾ يَقُولُ: بِأَمْرِنَا، وَمِنْ طَرِيقِ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ ﴿بِمَلْكِنَا﴾ أَيْ بِطَاقَتِنَا وَكَذَا قَالَ السُّدِّيُّ ; وَمِنْ طَرِيقِ ابْنِ زَيْدٍ بِهَوَانَا. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْقِرَاءَةِ فِي مِيمِ مَلْكِنَا فَقَرَءُوا بِالضَّمِّ وَبِالْفَتْحِ وَبِالْكَسْرِ، وَيُمْكِنُ تَخْرِيجُ هَذِهِ التَّأْوِيلَاتِ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَاتِ.

قَوْلُهُ: ﴿هَوَى﴾ شَقِيَ) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي فَقَدْ هَوَى﴾ قَالَ: يَعْنِي شَقِيَ. وَكَذَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرِيُّ.

قَوْلُهُ: ﴿فَارِغًا﴾ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى) وَصَلَهُ سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَخْزُومِيُّ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ عُيَيْنَةَ مِنْ طَرِيقِ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا﴾ قَالَ: مِنْ كُلٍّ إِلَّا مِنْ ذِكْرِ مُوسَى، وَأَخْرَجَ الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ نَحْوَهُ، وَمِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَارِغًا لَا تَذْكُرُ إِلَّا مُوسَى وَمِنْ طَرِيقِ مُجَاهِدٍ، وَقَتَادَةَ نَحْوَهُ وَمِنْ طَرِيقِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَصْبَحَ فَارِغًا مِنَ الْعَهْدِ الَّذِي عَهِدَ إِلَيْهَا أَنَّهُ سَيَرُدُّ عَلَيْهَا وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ فِي قَوْلِهِ ﴿فَارِغًا﴾ أَيْ مِنَ الْحُزْنِ لِعِلْمِهَا أَنَّهُ لَمْ يَغْرَقْ. وَرَدَّ ذَلِكَ الطَّبَرِيُّ وَقَالَ: إِنَّهُ مُخَالِفٌ لِجَمِيعِ أَقْوَالِ أَهْلِ التَّأْوِيلِ. وَأُمُّ مُوسَى اسْمُهَا بَادُونَا وَقِيلَ: أباذخت وَيُقَالُ يوحاند.

قَوْلُهُ: (رِدْءًا كَيْ يُصَدِّقَنِي) وَصَلَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنَ الطَّرِيقِ الْمَذْكُورَةِ قَبْلُ،